رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢١

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢١

0 المراجعات

كُنت أرتجف بشدة ....
ساقي لم تعد قادرة على حملي بعد الآن ....
في الحقيقة كنت لا أعلم بماذا يجب أن أشعر؟!
لا أدري ماذا حدث لي في تلك اللحظات؟
هل وقعت في سحر ما؟
هل أنا مُدركة بالفعل لما فعلت؟
هل أنا حقاً راهِبة؟
كيف لي أن أخالف ما ألتزمت به؟
لقد إنهار قسمي في لحظة ....
إنهارت قيم و مبادئ الطريق الذي سلكته و الحياة التي أخترتها في لمح البصر ....
ما هذا الذي هز كياني و توغل في مكنوناتي و فتح أبواب لم يكن مقدراً لها أن تُفتح؟ ....
هل تلك الحياة التي أخترتها مجرد هُراء؟ أم أن إيماني كان ضعيفا هشاً؟
لقد رأيتني في تلك اللحظات وكأنى لست انا ....
كانت عشرات الأسئلة تدور في رأسي، في حين كان الجمود يكسو ملامحه، و كانت عيناه لا تزال متعلقة بعيناي للحظات ....
و ثواني ....
و دقائق ...
في صمت ....
ثم ما لبث أن قطعه بهدوء شديد قائلاً:
كيف حالك يا مريم؟ ها أنتي قد جئتي بعد طول غياب و ما كُنا يوماً على وعد ....
تبدَّلت ملامحي شيئاً فشيئاً و و نظرت إليه في دهشة مُتسائلة:
كيف لك أن تعرف أسمي؟!
ظل ينظر إليَّ مُتأملاً ملامحي في صمت أستمر لأكثر من دقيقة ثم أقترب مني أكثر و مال نحو أذني هامساً:
صديقتك هي من أخبرتني ....
إنعقدت حاجِباي في دهشة أكثر و أنا أسأله؟
و كيف للأخت ماري أن تتحدث مع غريب بشأني؟
أبتسم إبتسامة زادته وسامة علي وسامته و هو يجيب:
و من قال إنها الأخت ماري ....
و صمت قليلاً ثم استدرك مُتابعاً:
بل أخبرتني به صديقتك التي توفيت منذ سنوات في الحادث ....
و هوت الجملة علي أذني كالصاعقة ....

سادت فترة من الصمت بعد سماعي لما قال، و لم ينطق أحدنا حرفاً واحداً و .....
و فجأة تراجعت للخلف بضع خطوات و سرت قشعريرة باردة كالثلج سرت في جسمي كله و أنا أسأله:
من أنت؟ و من تقصد بصديقتي المتوفاة في حادث؟
هل تقصد مريم؟!
رمقني بنظرة طويلة ثم قال:
أنا طارق ....
و مريم بالفعل من أخبرتني بقدومك ....
إرتفع حاجباي في دهشة عارمة مختلطة بخوف و رعب بدأ يسري في أوصالي مع تلك الرجفة التي أشعر بها و التي قد تغلغلت في أعماقي و جعلت قلبي ينبض نبضات سريعة متلاحقة، و لم تقدر شفتاي علي النطق بحرف واحد، فعلى الرغم من مرور كل هذه السنين الطويلة ما زالت تلك الحادثة راسخة في ذهني، لكنه يبدو أنه أدرك ما يدور بداخلي من عشرات الأسئلة فأقترب مني و أخذ يقترب حتي صار لا يفصل بيننا سوي سنتيمترات قليلة و هو يقول:
أنا طارق .. مسلم .. أعمل رساماً و أقوم برسم بعض اللوحات الخاصة بالدير هنا، و أما عن علمي بقدومك إلي هنا فلابد لكي أن تنصتي جيداً حتي تستوعبي ما سأخبرك به ....
لم أقدر علي الرد و إكتفيت بإيماءة من رأسي، بينما بدأ هو يحكي ....
و يحكي ....
و ما أخبرني به كان كافياً لتشيب له الرؤوس و ....
و تجمدت أطرافي ....
و هويت بين ذراعيه ....
فاقدة الوعي ....

__________________________________________

أن تقع مذكرات صديقتي مريم المسلمة في يدي في هذا المكان و في ذلك التوقيت لصدفة غريبة و أمر عجيب لا يصدقه عقل ....
فحسبما أخبرني طارق أنه في ذلك اليوم المشؤوم حينما جئنا في رحلة إلي هذا الدير، قد رأي مريم، و أنه فُتن بجمالها، الأمر الذي جعله يقوم برسمها، و لكنه رسمها في صورة راهبة، و حينما رأته مريم جالساً علي شاطئ البحر يرسم، أُعجبت بالرسم جداً و لكنها إنفعلت من كونه قام برسمها في رداء راهبة، و إنصرفت مُسرعة لتغادر المكان مع زملائها بالمدرسة، دون أن تلاحظ أن ذلك الكتاب الصغير الذي سقط منها، و الذي قد وجده طارق و ظل مُحتفظاً به إلي تلك اللحظة التي التقينا فيها ليعطيني إياه! ....

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة