رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٢

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٢

0 المراجعات

كانت صفحاته ما هي إلا يوميات كانت تقوم بكتابتها بخط يدها بصفة مستمرة يومياً و لكنها حوت بين طياتها الكثير و الكثير، و لعل أهم ما لاحظه طارق أنها تتحدث في كتابتها بصفة مستمرة عن بنت تدعي مريم أيضاً فكتبت:
"ليست لها الكثير من الأصدقاء و لكنها تعتبرني صديقتها المقربة رغم كونها مسيحية و كوني مسلمة ....
كان ذلك غريباً و لم يكن مُعتاداً بالنسبة لي و لم أراه مطلقاً، فأنا مريم مسلمة معظم أصدقائي ليسوا من ديني، و هي مريم مسيحية تكون صديقتها المقربة ليست من دينها"
كما أخبرني أنها تتحدث في إحدى يومياتها عن حلم غريب جداً فكتبت تقول:
" كنت أسير وحدي في الصحراء ففجأة تصبب العرق مني بغزارة و شعرت بالإرهاق و ...... و فجأة رأيت مبني كبير محاط بخضرة و إذا بمرأة  خرجت منه و كانت متشحة السواد فيما عدا شعرها الذي غطته برابطة شعر بيضاء و قد علقت صليباً علي صدرها و قد ميزت أنها راهبة و أن ذلك المبني الذي خرجت منه ما هو إلا دير من تلك المنتشرة  في الصحراء، و ما ان اقتربت مني حتي وجدتني و قد أغمي عليّ".
و كتبت شارحة تفسير حلمها قائلة:
‌(إذا حلمت امرأة برؤية راهبة فسوف تترمل في المستقبل أو ستهجر زوجها أو حبيبها).
و تذكرت أن مريم قد أخبرتني شيئاً كهذا من قبل بخصوص ذلك الحلم، و لكنها قالت أنها كانت هي صاحبة الحلم، و ذلك يتنافي مع ما هو مكتوب في سطور يومياتها حيث قالت:
"كنت أنا الذي أحلم و لكنه لم يكن وجهي، بل كان وجه صديقتي مريم".
و بعد أيام قضاها طارق منهمكاً في تفسير ذلك الحلم لم يكن أمامه سوي أمراً واحداً ....
هو أن مريم المسيحية ستظهر يوماً ما و ستأتي إلي هذا الدير ....
فاقدة كل شئ في الحياة ....
و ليس حبيبها فقط ....
لم يكن عقلي قادراً علي إستيعاب ذلك، حتي أقترب مني طارق و أمسك يدي و همس إليّ قائلاً:
حمداً لله علي سلامتك يا مريم، آمنت بتحقق تلك الرؤيا بعد بحث شديد و طول إنتظار، و ها أنتي أمامي الأن ..
هي مريم ....
و أمامي الأن مريم ....
هي مسلمة و رسمتها أنا كراهبة ...
و أنتي مسيحية و أمامي الأن كما ..
كما رسمتها .

      تركت طارق مسرعة و عدت إلي قلايتي و أحكمت إغلاق بابها خلفي و جلست علي فراشي تتسارع نبضات قلبي خوفاً و قلقاً بينما كانت دموعي تنهمر .... مشاعر متضاربة أصابتني في تلك الليلة  و أخذت أفكر فيما حدث، فلم يكن من المفترض أصلاً أن أترك قلايتي لأي سبب كان، و لم يكن يصح حتي بعد أن تركتها أن أتحدث مع غريب، بل و أنسي نفسي معه للحظات لأحيا فيها شعور قد مات قبل أن يولد، و لكنني فعلت ذلك دون وعي، و تحكمت بي غريزة شهوتي و رغبتي للحظات، فما حدث يعتبر خرقاً للقوانين التي أقسمت أن أسير عليها إلي الأبد، و أشكر الرب إنها لم تكن سوي لحظات ....
و قررت أن ألتزم قلايتي طوال الوقت الغير مسموح لي بالخروج منها، مهما كانت الظروف، فلقد شملني الرب برعايته و سترني و أراد ألا يراني أحد اليوم، و أما طارق فسأحاول أن لا أراه ثانية رغم أن ذلك سيكون صعباً للغاية فما أخبرني به معناه أنه يستحيل أن لا أراه مرة أخري، فماذا أفعل؟ هل أحاول نسيان الأمر برمته؟ و لكن كيف؟ ....
كيف يحلم شخص بشخص آخر و ينتظر تفسير الحلم شخص آخر أيضاً قد علم به بمحض الصدفة بل و ينتظر تحقيقه لسنوات و المفاجأة أن يتحقق الحلم فعلاً! ....
أزعُم أن إختلاف المشاعر و الأحاسيس التي شعرت بها في تلك الليلة لم يحدث لبشر قط، ما بين الخوف و القلق و الدهشة و الإستغراب و الحزن و شعور لحظي خفي حينما تذكرت تلك اللحظة التي لمسني فيها طارق، و اللحظة التي لمست شفتاي يده و هي تتحرك علي وجهي ....
ثم نظرت إلي كتاب مريم الذي لازلت ممسكة به ثم وضعته بجانبي و أمسكت صليبي بقوة و بدأت أصلي ....
تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة