رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٤

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٤

0 المراجعات

كنت ألهي نفسي بالعمل و الصلوات طوال الوقت، و لا أترك لنفسي أدني وقت فراغ لأشعر برغبة، و لم أجد وسيلة أخري لمحاربة الشيطان و مقاومة رغباتي و لم 
أترك نفسي للتفكير في هذا، و رغم ذلك لا تمانع الراهبات التعامُل مع الرجال، كالكاهن الذي يأتي إليهن أسبوعياً بالاتفاق مع رئيسة الدير ليقيم لهن قداس الأحد، وتجلسن معه وتقبلن يديه، كذلك الزوار، الذين يسلمون عليهن، ويحاولون تقبيل أيديهن للتبارك بها، لكن سرعان ما تسحب الراهبة يدها في هذه الحالة كنوع من التواضع، وتسمح له بتقبيل الصليب الخشبي إذا كانت تحمله في يدها.
لم يكن ذلك أبداً بالأمر السهل، و لكنني حاولت ....
و حاولت ...
و حاولت ..
و لكني لم أفلح في الإستمرار.
لم أجد في نفسي بصيص أمل يوحي بأنني سوف أستطيع أن أنتصر علي نفسي و أكمل حياتي بتلك الطريقة، فربما أحتاج إلي من يساعدني و يرشدني فأنا لازلت في البداية، و كلهن لم يولدن راهبات، بل كلهن مر بنفس التجربة بالتأكيد، و هنا قررت أن أذهب إلي الأم دميانة كي أعترف لها و أسألها المساعدة علها تباركني و ترشدني إلي الطريق الصحيح و أجد الخلاص مما أنا فيه ببركة يسوع الذي أوقن بأنه سيهديني في النهاية.

قررت في الأسبوع التالي أنني لابد و أن أعترف، و لم أجد سوي الإعتراف بديلاً، و بعد إنتهاء فترة عملي في ذلك اليوم، قمت بتسليم تقرير العمل في فترة المناوبة الخاصة بي للأخت الراهبة التي ستتسلم المناوبة مني، و قررت التوجه لمكتب الأم دميانة الخاص، و بينما كنت أقطع المسافة متوجهة إلي مبني الدير الرئيسي في خطوات سريعة مروراً بساحة الدير الواسعة و منطقة الكبائن التي يعمل بها العمال و تتناوب عليها راهبات الدير في فترات العمل لفت إنتباهي خلو الكابينة التي كان يعمل به طارق، و لا يوجد أثر حتي لأي من الأدوات الخاصة به، و أزعم أنه و طيلة الأسبوع الماضي كنت أتحاشي حتي مجرد النظر هناك و أسلك طريقاً آخر إلي المبني الخاص بنا غير ذلك الذي يؤدي إلي تلك الكابينة، و رغم فضولي لم  أتوقف بل واصلت سيري و ....
و رأيت الأخت ماري من بعيد فلوحت لها بيدي و توجهت إليها و قمت بتحيتها بإبتسامة عريضة:
كيف حالك يا ماري؟
ابتسمت لي في مرح قائلة:
نشكر الرب يا مريم، و أنتي؟
ابتسمت لها نفس الابتسامة المرحة و أنا أجيب:
بخير و نشكر ربنا علي نعمه، ثم استطردت متسائلة:
هل انتهينا من كافة أعمال التجديدات الخاصة بمكتبة الدير؟
أجابت ماري بسرعة:
نعم .. و الأن سأتركك و أذهب إلي هناك فهناك الكثير من العمل ينتظرني، أراكي لاحقاً .. تصحبك السلامة ..
بادلتها التحية، ثم واصلت السير و لكن في خطوات بطيئة هذه المرة، و أصدقكم القول بأنني كنت و قد نسيت الأمر الرئيسي الذي كنت أنتوي فعله ....
الذهاب للأم دميانة للإعتراف ....
و لم يكن يشغلني وقتها سوي أمر واحد فقط ....
سؤال واحد ظل يتردد في رأسي .... 
أين طارق؟
هل انصرف؟
غادر و لم يعد؟
عشرات الأسئلة دارت في رأسي إلي أن وجدت نفسي أمام حجرة المكتب الخاصة برئيسة الدير ......
و الذي انفتح فجأة مما جعلني أقفز إلي الخلف من المفاجأة و خفق قلبي بشدة .. 
فعلي بابه و قفت الأم دميانة خالية ملامحها من أي تعبيرات، تنظر لي في صمت ، فأنفرجت شفتاي و أوشكتا علي الحديث معها، لكنها قاطعتني بسببابتها التي وضعتها علي شفتاي و أقتربت مني للغاية، حتي شعرت بأنفاسها تلفح وجهي، و بصوت كالفحيح همست:
مهلاً يا أخت مريم .. فالإعتراف بالداخل، و ليس هنا ..
قالتها و انخلع قلبي لما قالت ..
قالتها بلهجة غريبة ..
و نظرة حادة كنظرة كالذئاب ..
و لأول مرة أشعر نحوها بالقلق .. بل و بالرعب أيضاً ..
نار موقدة في عينيها ..
و ....
و فجأة جذبتني بعنف إلي الداخل و ....
و أغلقت الباب خلفها بمنتهي القوة.

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة