رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٥

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الأول - حلقة ٢٥

0 المراجعات

رأسي المُشوش و تزاحم الأفكار بها كان أول ما شعرت حينما بدأت أستعيد وعيي تدريجياً، فوجدتني مُلقاة فوق سرير صغير في غرفة شبيهة تماماً بتصميم غرفتي  و بجانبي كانت تجلس الأم دميانة و ما إن شعرت بي أتململ في مكاني و قد بدأت أستعيد وعيي كاملاً حتي إبتسمت لي إبتسامة عريضة و هي تقول:
شكراً للمسيح علي سلامتك يا أخت مريم.
نظرت إليها مُتسائلة:
ماذا حدث يا أمي؟
أجابتني بصوت لمست في نبراته الهدوء و الحنان الشديدين:
اثناء خروجي من حجرة المكتب وجدتك علي الأرض تهزين بكلمات غير مفهومة و لقد انتفضتي بشدة و فقدتي وعيك علي الفور قبل أن أقوم بفعل أي شئ، فحملتك إلي تلك الغرفة الملحقة بمكتبي و صليت لأجلك إلي أن أستعدتي وعيك ....
ماذا حدث يا مريم؟، أخبريني حبيبتي ....
مرت لحظات و أنا أنظر إليها في صمت، و بداخلي إضطراب كبير في مشاعري، و لكنني لم أفكر كثيراً فلقد حسمت أمري تاركة كل ما يحدث بداخلي جانباً قائلة بصوت منخفض:
«أخطأت يا أمي سامحيني».
إندهشت كثيراً لرد فعلها حينما زادت إبتسامتها و هي تقول:
و أنا تنفيذاً لأحد أقوال الكتاب المقدس التي جاءت برسالة بولس الرسول و هي - "كونوا لطفاءً بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضا في المسيح" - فقد قبلت إعتذارك، و من دون أن أسمع أي شئ منك.
ردها أشعرني براحة شديدة، فأنا الأن لست بحاجة للإعتراف بشئ رغم أنه من غير الصحيح أن لا أعترف لها،   و لكنني إعتبرت جوابها هذا بمثابة التصريح لي بدفن ما سبق من أخطاء و وضع القادم نصب عيني و أعمل جاهدة علي أن لا أكرره أو أرتكب أي خطأ جديد .. و بينما أنا أفكر في ردها، إستطردت هي قائلة:
أمر طبيعي أن تكوني مضطربة في بداية حياتك هنا في الدير، لأنه لا تزال هناك بقايا حياتك السابقة لا تزال عالقة بذهنك، حتي بعد فترة إعدادك حينما كنتي طالبة للرهبنة،  و لكن إطمئني فهناك تقييم كل ثلاثة شهور نقيم فيه أداء و سلوك كل راهبة من حيث الصلاة و القيام بواجبات و أعمال الدير بناء علي تقرير يومي تقدمه كل راهبة عن نفسها و ما قامت به من واجبات و أعمال و صلوات، و يتم أيضاً تقييم السلوك الشخصي لها و مدي إندماجها و إنخراطها في حياة الرهبنة حتي تذوب فيها و تصبح راهبة علي نهج و خّطي القديسات العظيمات، و صمتت قليلاً ثم تابعت:
لابد أنك رأيتيه ....
و ربما تعلقتي به ....
ولكنك و منذ تلك اللحظة لابد و أن تنسيه ....
فهو ليس بشراً ....
قالتها و هوي معها قلبي بين ضلوعي مرة أخري.

نظرت إلي وجه الأم دميانة و الخوف يتملكني، و كالعادة دارت عشرات الأسئلة في رأسي ....
تري هل علمت بخطيئتي التي جئت لأعترف بها؟
هل رأتنا أنا و طارق ليلتها؟
هل رآتنا إحدى الأخوات و أخبرتها؟
تري ماذا تقصد بما قالته لي؟
و ....
و قاطعت دميانة سيل الأسئلة الذي قد تدفق بشدة في رأسي قائلة:
وارد أن تكون لكل منا علاقة عاطفية سرية، فنحن بشر رغم معرفتنا بتلك الحياة التي اخترناها و معرفة قوانينها جيدا  ....
ثم استطردت مبتسمة:

كل ما يمكن أن تشعري به كأنثى لابد و أن
 يموت بداخلك ..


كان شعور يجمع بين قمة الرغبة و الألم ....
كيف سنشرح و في الإعتراف أن من وقعنا في حبهم و أردناهم ....
ليسوا رُهباناً أصلاً؟!....

تابعونا

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

613

followings

116

مقالات مشابة