السلطـان الذي هزّ عـرش ملوك أوروبـا لمدة 46 عامًا

السلطـان الذي هزّ عـرش ملوك أوروبـا لمدة 46 عامًا

0 المراجعات

« السلطـان الذي هزّ عـرش ملوك أوروبـا لمدة 46 عامًا »

عندما جلس هذا السلطان على كرسي الخلافة كان صغيرًا في السن، وكان اول ما فعله هو ارسال رسالة إلى ملوك أوروبـا يُعلِمُهُم فيها بتَوَلِّيه الخلافة، ويأمرهم فيها بدفع الجزية المقررة عليهم كما كانوا يفعلون من قبل !

فما كان من ملك المجر إلّا أن استهان به وقتل رسوله بعد إن ظن فيه الضعف لحداثة سن هذا السلطان. وعندما علم السلطان الصغير ذلك، استشاط غضبًا وقال : « ايُقـتل سفيـر الإســلام وانا حيّ » !! فما إن أصبح الصباح إلّا وقد اعد السلطـان جيشًا جرارًا مدعومًا بالسفن الحربية وكان هذا السلطان نفسه على رأس هذا الجيش. وكان قاصدًا مدينة "بلغـراد" المنيعة، والتي تعد بوابة أوروبـا الوسطى وحصنهم كما كانوا يطلقون عليها، وهي المدينة التي لم يستطع فتحها فاتح القسطنطينية السلـطان "محمد الفاتح" !!

وبالفعل بدأ السلطان الصغير في حصار مدينة بلغـراد، وبعد شهرين ونصف من الحصار تسقط بلغـراد في عام 927 هـ، إحدى أقوى المدن الأوروبية. ونزل خبر سقوط بلغـراد على ملوك أوروبـا كالصاعقة وارتعدت فرائصهم من الرعب، وعلموا وقتها أنهم أمام سلطان من طراز فريـد. فبعث اليه ملك روسيا والبندقية وسائر ملوك أوروبـا يهنؤنه بالفتح ويعطونه الجزية عن يد وهم صاغرون. يقول المؤرخ الأ‌لماني هالمر : "كان هذا السلطـان أشد خطرًا علينا من صلا‌ح الدين نفسه" !!

هذا هو سلـطان السلاطيـن وأميـر المؤمنـين « السلـطان سليـمان القـانوني » المعروف أيضاً بـ"سليمان الرابع"، كان حاكمًا عظيمًا في الإمبراطورية العثمانية، حيث تولى العرش في عام 1520م وحكم حتى وفاته في عام 1566م. وُلد سليمان في 6 نوفمبر 1494م في تركيا، وكانت فترة حكمه تعد واحدة من أهم الفترات في تاريخ الإمبراطورية العثمانية. حكم الدولة العثمانية 46 سنة، كتب القرآن الكريم بيده 8 مرات، غزا أوروبا 10 غزوات، صد الصفويين 3 مرات، أذلّ الأوروبيين وأقام السُنّة ومات بساحات الجهاد.  

تميزت حقبة حكم سليمان بالاستقرار السياسي والاقتصادي، وشهدت ذروة القوة والتقدم العثماني. كان سليمان قائدًا استراتيجيًا بارعًا وحازمًا، حيث قاد الجيش العثماني إلى العديد من الانتصارات الكبيرة، مثل معركة موهاكا في عام 1526م ومعركة جاليبولي في عام 1533م. كما وسع نطاق الإمبراطورية إلى ذروة امتدادها خلال حقبته، حيث توسعت في جميع الاتجاهات، بما في ذلك الفتوحات في البلقان والشرق الأوسط.

تميزت فترة حكم سليمان بالازدهار الثقافي والفني، حيث شهدت ازدهارًا في الأدب والعلوم والفنون. كانت هناك رعاية كبيرة للعلوم والفنون، وازدهرت العمارة والفسيفساء والأدب الشعري في هذا العصر.

وعرف سليمان أيضًا بلقب "القانوني" نظرًا لتحسيناته الكبيرة على النظام القانوني العثماني. قام بتحديث القوانين وتطويرها، مما أثر إيجابيًا على العدالة والحكم في إمبراطوريته.

ومع ذلك، تجلى انحراف الإمبراطورية العثمانية تدريجيًا في فترة ما بعد وفاة سليمان، حيث بدأت التحديات الداخلية والخارجية في التأثير على استقرارها. رغم ذلك، يظل سليمان القانوني وحقبته حجر الزاوية في تاريخ الإمبراطورية العثمانية، ولا يزال يُذكر بشكل حي في ذاكرة التاريخ الإسلامي والعالمي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

10

متابعين

12

متابعهم

22

مقالات مشابة