في مدار الأمل

في مدار الأمل

0 المراجعات

بين زوايا حي فقير وشوارعه المتعرجة، تعيش مريم، فتاة في مقتبل العشرينات، حياة تحفها الصعاب وتعتصرها الأحداث. العقدة الأولى في حياة مريم كانت مرض أختها زينب، التي لم تعد قادرة على العمل والمساهمة في مصاريف المعيشة، وعنايتها تحتاج إلى أدوية باهظة الثمن.

العقدة الثانية في قصة مريم هي راتب والدها المتواضع، الذي بالكاد يغطي نفقات البيت الأساسية. وعلى إثر حادث عمل قديم، أصبح والدها المتقاعد يعتمد على معاشه الضئيل ولا يقوى على مساعدتها في رعاية الأسرة بسبب معاناته من آلام الظهر المستمرة.

وتأتي العقدة الثالثة من خلال ديون تراكمت على العائلة، حيث اقترضت مريم مبالغ مالية لتغطية نفقات العلاج ومعيشة الأسرة. والآن، يحاصرها الدائنون الذين بدأوا يفقدون صبرهم، مما يضع مريم تحت ضغط نفسي هائل.

بهذه الخلفية، تتجلى أحداث القصة الممزوجة بالأمل واليأس والشجاعة. مريم، التي تعمل خلال النهار في جمعية خيرية لتوفير بعض المال، وتعود كل مساء لتغمر أختها بالحنان وتهون على والدها هموم الحياة، تجد نفسها تقارع مشاكل لا تنتهي وديون تزداد. لكنها ترفض الاستسلام، وتواصل البحث عن فرص تحسن من وضعهم وتحقق العيش الكريم.

ذات يوم، وخلال عملها في الجمعية الخيرية، تلتقي بسيدة أعمال ناجحة تأثرت بقصتها فتعرض عليها فرصة لتطوير مهنة منزلية تعتمد على مهارات مريم في الخياطة. هنا تبدأ مريم برؤية بصيص أمل في آخر النفق، حيث بدأت تستثمر كل لحظة فارغة لتعلم وإتقان فنون الخياطة والتصميم بهدف إنشاء مشروعها الصغير.

في الوقت نفسه، تتعرض مريم لضغوطات إضافية عندما تدهورت حالة أختها الصحية بشكل مفاجئ وأصبحت بحاجة إلى عملية جراحية عاجلة. إضافة إلى ذلك، الدائنون يفقدون صبرهم بشكل متز  
ايدًا، وقد أعطوا مريم مهلة نهائية لتسديد الديون.

تجاوزت مريم مرحلة الألم واختارت المواجهة. فتحصلت على قرض أقل فائدة لتسديد الديون الملحة وتمديد المهلة قليلاً. أما بخصوص العملية الجراحية لأختها، فقد تواصلت مع جمعيات خيرية أخرى، ونجحت في الحصول على تبرعات كافية لإجراء العملية بعد حملة تبرعات نظمتها مع أصدقائها عبر الإنترنت.

مع كل تحدي واجهته، كانت مريم تزداد قوة وحكمة. وبدأ ذلك يتجسد في أعمالها، حيث استطاعت المبادرات الصغيرة التي أطلقتها في مجال الخياطة أن تثمر. اكتسبت شهرة محلية بفضل إبداعاتها، وتوالت الطلبات من زبائن جدد.

بشكل موازٍ، شفيت أختها زينب تدريجيًا بعد العملية وبدأت تستعيد قدرتها على المشي وممارسة بعض الأعمال المنزلية والمساعدة في المشروع الصغير لمريم.

والدها، المتقاعد، وعلى الرغم من آلامه المستمرة، وجد راحة نفسية حين رأى بناته يتعافين ويعملن معًا لرفعة الأسرة. قرر بدوره أن يسهم في الجهد العائلي بإرشاده لبناته من تجربته الطويلة في الحياة.

وصلت القصة إلى نقطة تحول عندما قررت سيدة الأعمال التي اكتشفت مريم، أن تشركها في مشروع أكبر للخياطة والتصميم، مما فتح الباب أمام فرص توسيع المشروع الصغير وتحوله إلى علامة تجارية محلية معروفة.

وهكذا، وسط الأمواج المتلاطمة والظروف العصيبة، وجدت مريم وأسرتها الطريق إلى الأمان والازدهار. لقد كانت الإرادة والاجتهاد وروح المبادرة هي البوصلة التي دلتهم إلى شاطئ الأمان والاستقرار المنشود.  

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

7

followers

0

followings

1

مقالات مشابة