بذلة الغوص و الفراشة: الجزء الرابع و العشرون

بذلة الغوص و الفراشة: الجزء الرابع و العشرون

0 المراجعات

تابع عشرون ضد واحد

دخول المنعرج الأخير بدأ ميثر اغرانشان بالانفلات.

مع الخروج منه، كان قد تقدم بها يعادل خمس وثبات على بقية ملاحقيه، ثم رأيناه يجتاز
خط النهاية -كما يحدث في الأحلام - تاركا ملاحقه المباشر على بعد أربعين مترا. إنه طائرة حقيقية.

في الجريدة، من المؤكد أن بهجة عارمة
كانت تحيط التلفاز.
تتسلل سيارة فانسون إلى مرآب المستشفى، والشمس في كبد السماء. هنا تحديدا يتعين على الزوار الاتسام بالجسارة ليتخطوا
رغم إحساسهم بالاختناق، الأمتار الأخيرة التي تفصلني عن العالم: الأبواب الزجاجية المتحكم فيها أوتوماتيكيا، المصعد رقم 7
والرواق الصغير الرهيب المؤدي للغرفة 119. عبر الأبواب المواربة تكاد لا تلمح غير التماثيل المسجاة لأشخاص طريحي الفراش رمى
القدر إلى أقاصي الحياة. هناك من تنقطع أنفاسهم أمام هذا العرض.

فيتوجب عليهم أولا أن يتجولوا قليلاً مثلها اتفق، ليصلوا
إلي بصوت أكثر عزما وبأعين أقل غشاوة. عندما يتقدمون أخيرا يبدون كغواصين فرغوا من النفس. وأعي تماما أن قواهم قد خارت،
هنا، أمام عتبتي: فعادوا أدراجهم حتى باريس.
بهم يقرع فانسون الباب ويدخل بصمت.

كنت قد عودت نفسيوعلى ألا أنتبه أو أكاد إلى التماعات الفزع إذ تعبر نظرات الآخرين.


أو لنقل إنها على كل حال ما عادت تصيبني بالقشعريرة نفسها.

أحاول أن أركب ما أريده ابتسامة ترحيب، عبر أساريري العجفاء بسبب الشلل.

يجيب فانسون على تكشيرتي بقبلة على الجبهة.

هو لا يتغير البتة. تاجه من الشعر الأصهب، سياه العابسة، قده المربوع المتأرجح من ساق إلى ساق، جميعها تمنحه الهيئة المضحكة لنقابي من بلاد الغال أتى لرؤية رفيق له وقع ضحية انفجار منجمي.

تقدم فانسون بقبضة نصف منخفضة مثل ملاكم من وزن المتين- الهش.
يوم ميثر اغرانشان، وبعد الوصول المشهود، لم يستطع كبح جماحه:
احمقی. نحن حمقى حقيقيون، في الجريدة سوف يفككوننا بالمفك»
كانت تلك عبارته المفضلة.
كي أكون صريحا، لقد نسيت ميثراغرانشان. حتى عادت ذكرى هذه القصة توا إلى ذاكرتي، مخلفة في أثرا مضاعف الألم. الحنين لماض
كامل، وتأنيب الضمير على إهدار الفرص. ميثر اغرانشان، هو النساء
اللاتي لم نهتد إلى حبهن، الممكنات التي لم نغتنم، ولحظات السعادةزالتي تركناها تطير. اليوم يبدو لي أن وجودي برمته لم يكن إلا تشكيلاًزلقائمة المهدرات.

سباق نعرف نتيجته مسبقا، ولكننا نعجز على لمس
الفائز فيه. بالمناسبة، يومها انسحبنا مسددين كافة الرهانات.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

المقالات

460

متابعين

611

متابعهم

115

مقالات مشابة