أحوال أمه تاريخها ومستقبلها علي يد حكيم يروي

أحوال أمه تاريخها ومستقبلها علي يد حكيم يروي

0 المراجعات

.. وفي الخامس والعشرين من رمضان لسنة 923 للهجرة 
بعد أفول التجار الحجازيبن من اصحاب نجد  من تجارتهم بالشام وماحولها وفي ليلة باردة يطل سقيعها علي أسنمة الرواحل يتفقد الشيخ سالم بن دارين والمكني بأبي محمد؛ 
المسافرين  من أهله وأهل جواره .. 
فيصيب منهم حاجتهم ويقضيها ويطمئن علي الكاسد والرابح.

وبينا هو كذلك إذ به ينظر لمحاق القمر الذي كاد يأفل كحال الظاعنين الذين يتفقدهم؛ ثم هو يتنهد زفيره الذي تعود أن يخرجه بحرقة جل عمره علي ما آل إليه حال أمته من القتال
والحرب والمناوشات بعد ما وصاهم المصلحين وانبياء السلام ان يشدوا اعضادهم و يترووا في خصامهم ولا يمدوا يدا بحرب 
اللهم إلا رفع المعتدين وصد الظالمين.. 
فاجتمع عليه أفول الجمع الذي خرج يطلب الرزق
وأفول القمر المصاحب للمتأملين 
وأفول نجم بلاده الذين اقتتلوا دولا تلو دول.

ولم يكد يخلو بنفسه حتي فاجئه نفر عددهم سبعه من
 أبنائه وأحفاده 
كما أحب هو أن يسميهم ويدعوهم.. فكان نعم الناصح الأب والراعي الجد لأهل بلده

وكعادتهم أحبوا ان يلتفوا حوله يحدثهم عن ما ينفعهم من القصص والحكاوي والعلم..

فما وجد أحسن من ان يشاركوه الحال التي كان يفكر بها قبل ان يقتحموا خلوته..

فاحتضن ابنائه وأجلسهم وشرع يتلو عليهم روائه فقال 
أي ابنائي : اسمعوا مني هذه الكلمات لعلها تعينكم علي جمع أمتكم ونشر السلام علي من تعرفون ومن لا تعرفون.. 
وإنه من يعش منكم بعدي وقدر له ان يصل الي اصحاب الطول وولاة امور الناس فليقل لهم هذا.. 
فأنصتوا جيدا فقال
قولوا لهم :
"لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لايقدرون قتلها.. بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم

الم تقدسوا الطيبات
الم تقفوا عرايا علي اعتاب السلام والحب

الم تقرأو علي عامتكم وخاصتكم "طوبي لصانعي السلام فانهم ابناء الاله يدعون"

الم تنفخوا في الخلق ان ضعوا الحديد والنار وتبادلوا وئاما 
الم تقولو اننا فراشا نتداعي الي النار وانتم منقذينا 
الم تزينو السماوات والملكوت بمصابيح الايخاء 
الم ترفعو ايديكم وايدينا رغما عنا للظفر بالصلاح والسلم

الم تدفنوا لنا في كل مستقر ومنهج وشريعه ان الخلاص حق وأصل.. وعارية مستردة.. 
الم تقرعو اذهاننا واذاننا بطبول قلتم انها الحق "ان الالهة لاتحتاج للقرابين التي اقيمت علي الاذي والنهر للسائلين".

الم تقولو افترشنا الارض ورودا بدل الدماء وللعالمين المسره.. 
الم تصغوا اليكم اذاننا ان الحرب خطأ الوقحين وان لئمة الحرب 
لا تكون الا للمعتدين.. 
الم.. الم.. الم

يا ايها الذين كانوا هنا قبل قليل 
يا رافعي نداء الخلاص ومؤملي الغيث 
اقول لكم... 
هاكم ام تثكلت.. ورضع جياع.. وزوجة ترملت علي عزيز.. واطفال بعين ساهرة من الدموع علي الفقد.. 
هاكم شبيبة شابت.. وشيبة كانها من القهر عادوا رضعا بلا عقل

يا من هنا.. يا قراء القيم والمعروف.. 
ازداد اليم بالدمع.. وطفح الكيل بالويل

كاني احرضكم ان تسمعو الصراخ 
كاني ادعوكم لوليمة انتم  الان تأكلون منها 
كاني اطلب من جسد عاري خلع ملابسه وقد بدت منه السوءة

الام استنهضكم.. الم تكونو حيث الضجيج والهلع 
الام ادعوكم ولم يعد في اليد قوه.. ولا في اولو الطول جدة 
الي اي شئ نركض... وليس ثمة نهاية للركض ولا غاية للقصد
اني الان لا اريد سوي غمضة للعين.. وطمس للسمع.. وغشاية للشم عن رائحة الدم..

لا اريد سوي ان تنطفئ مني المدارك.. بل سوي ان اكون عدما

انتم تعلمون ان كلماتي لو ارادت لايقظت الجن والوحوش 
وان فمي يلقي  بالدفء علي من عانو زمهريرا وبردا 
وتلقي بالبرد علي من اجتوي شمسا ولهيبا.

ولكني الان قابع المنطق.. ذليل اللسان.. قليل الحيلة بكل معني 
ولكني اسال لعل فيكم حكيم رشيد 
هل من منتهي 
هل من نجاة 
هل من شفاء 
هل من عوض وبدل 
بل.. هل من عيش بعد

اسال ولا انتظر الجواب.. 
كيف والسائل ميت.. والمسئول مكفن.. والسامعون في اللحد "

وما انتهي من كلماته حتي ذرفت عيناه دموع الحائرين المصابين حتي بللت لحيته وكأنها بللت مع لحيته حياته فغدت مصبوغة بالدمع.. 
فربت اكبر ابنائه علي كتفه وقبل رأسه فقبل الشيخ هو الاخر رأس الفتي واحتضنه واحتضنهم ولف بذراعه الايمن مارة علي بنيه في حضنه حتي وصلت الي غترته فجفف بها دموعه وعينيه الزرقاوان وتجاعيد وجهه التي قاربت بينها الأيام ولحيته الشريدة الشعر وهو يقول "رحم الاله خلقه.. وأنزل عليهم السكينة" فإذا بأناس كثيرون قد جاءوا حوله وورائه وقد رددوا علي دعائه "آمين"

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة