تاريخ جمهورية مصر العربية
تاريخ جمهورية مصر العربيه
تعد جمهورية مصر العربية من بين الدول العربية ذات التاريخ العريق والمعقد، فهي تحتفظ بتاريخ غني ومتشابك يمتد لآلاف السنين. تعتبر مصر مهداً للحضارات القديمة ومركزاً حضارياً وسياسياً مهماً على مدى العصور. ومن خلال مقدمة هذا العمل سوف نتناول نبذة تاريخية موجزة عن جمهورية مصر العربية منذ الازدهار القديم حتى العصر الحديث، مسلطين الضوء على المحطات الرئيسية والأحداث التي شكلت تاريخ هذه البلاد العظيمة.
تعتبر الحقبة القديمة والوسيطة من أهم الفترات التاريخية في جمهورية مصر العربية، حيث شهدت هذه الفترة العديد من الأحداث الهامة والتطورات السياسية والاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على مسار التاريخ المصري. تضمنت هذه الحقبة الفترة الفرعونية القديمة والوسيطة، حيث ازدهرت الحضارة المصرية ونشأت الممالك القديمة مثل المملكة الأولى والمملكة الثانية، وشهدت الفترة الوسيطة حكم الأشوريين والبابليين والفرس والإغريق والرومان. تركت هذه الحقبة بصماتها العميقة في الثقافة والتاريخ المصري ولا تزال تعتبر محط أهمية كبيرة لفهم تاريخ مصر بشكل شامل.
خلال الفترة العثمانية، كانت مصر تحت حكم الدولة العثمانية لمدة تزيد عن 400 سنة. وفي القرن التاسع عشر، انتقلت الحكم إلى يد الحكومة البريطانية بعد أن تمت معركة القاهرة في عام 1801. وقد قامت الحكومة البريطانية بتقديم دعم للنخبة الحاكمة في مصر وتحقيق استقرار سياسي واقتصادي. وقامت أيضًا بتحسين البنية التحتية في مصر وبناء السكك الحديدية ومشروع الري في الدلتا لتحسين الزراعة. ومع مرور الوقت، بدأت الحركات الوطنية المصرية في النضال من أجل الاستقلال عن الحكم البريطاني، مما أدى في النهاية إلى ثورة 1952.
حدثت الثورة المصرية عام 1952 وأدت إلى إطاحة الملك فاروق وتأسيس جمهورية مصر العربية. قامت الثورة بقيادة ضباط في الجيش المصري وتمثلت في انقلاب عسكري قاده جمال عبد الناصر وعبد المنعم رياض. قدمت الثورة برنامجًا سياسيًا واقتصاديًا للتحول إلى نظام جمهوري ديمقراطي ومحاربة الفساد والاستبداد الذي كان مسيطرًا على البلاد. كما أدت الثورة إلى تغييرات عميقة في الهوية الوطنية المصرية وتعزيز دورها في الشأن العربي والدولي.
حقبة عبد الناصر تعتبر فترة هامة في تاريخ مصر الحديث، حيث شهدت تحولات سياسية واجتماعية كبيرة. قاد جمال عبد الناصر ثورة يوليو عام 1952 وأصبح رئيساً للجمهورية في عام 1954. خلال فترة حكمه، قام بتنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك التصدي للفساد وتحسين ظروف العمال والمزارعين. كما قام بوضع العديد من السياسات القومية مثل تأميم قناة السويس وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة. ولكن تخللت فترة حكمه الصراعات الخارجية مع إسرائيل والصراع الدائم مع الإمبريالية الغربية.
خلال حقبة سادات والسلام مع إسرائيل، شهدت مصر توقيع اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978، والتي أدت إلى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1979. أحد النتائج الرئيسية لهذه الاتفاقيات كانت استعادة مصر لسيناء التي كانت قد خسرتها في حرب 1967. وقد أثارت هذه الاتفاقيات جدلاً في العالم العربي، وخاصةً بين الفلسطينيين، مما أدى إلى تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية. وعلى الصعيد الداخلي، فإن هذه الفترة شهدت سياسات اقتصادية تحت إشراف وزير المالية حازم بدراوي التي سمحت بتطبيق مزيد من الإصلاحات الاقتصادية في مصر.
حقبة حكم الرئيس حسني مبارك شهدت تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا في مصر، حيث شهدت زيادة في الاستثمارات الأجنبية ونموًا في القطاع السياحي والبنية التحتية. ومع ذلك، كانت هناك تحديات اقتصادية واجتماعية، مثل ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وانتشار الفساد. كما شهدت فترة حكم مبارك احتجاجات واسعة وحركة احتجاجات شعبية في يناير 2011 التي أدت إلى إطاحته من السلطة.
في عام 2011، شهدت مصر ثورة شعبية كبيرة، حيث انطلقت المظاهرات في 25 يناير واستمرت حتى 11 فبراير. كانت الثورة تهدف إلى إسقاط نظام حكم حسني مبارك وتحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. تضمنت المطالب أيضًا استقالة الرئيس مبارك وحل البرلمان والحكومة، ومحاسبة المسؤولين عن فساد النظام. أدت هذه الثورة إلى تغييرات جذرية في الحكم السياسي والمؤسسات الحكومية في مصر، وأثرت بشكل كبير على مسار السياسة والمجتمع المصري.
حقبة الرئيس محمد مرسي تمتد من عام 2012 حتى 2013، وتعتبر أول فترة للحكم الديمقراطي في مصر بعد الثورة المصرية عام 2011. خلال فترة رئاسته، حاول مرسي تطبيق برنامج إسلامي وإصلاحي، ولكنه واجه تحديات كبيرة من القوى السياسية والشعبية المعارضة. وقد شهدت فترة حكمه تظاهرات واحتجاجات شعبية ضد سياساته وممارسات جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تدعمه. وفي يوليو 2013، أطاح الجيش بمرسي عقب احتجاجات شعبية واسعة، وأعلن الجيش خطته لإدارة البلاد حتى عقد انتخابات جديدة.
عبد الفتاح السيسي هو رئيس جمهورية مصر العربية منذ عام 2014. ولد السيسي في عام 1954 وتولى السلطة بعد الثورة المصرية عام 2011 وإطاحة الرئيس السابق محمد مرسي. منذ توليه الرئاسة، شهدت مصر تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية، بما في ذلك تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتطوير البنية التحتية. كما تم تعزيز العلاقات الدولية مع عدة دول وتحقيق الاستقرار الداخلي. بينما تم مواجهة تحديات أمنية مثل التصدي للإرهاب والتطرف. السيسي فاز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات التي جرت في عام 2018، واستمر في تنفيذ رؤيته لتحقيق التنمية والاستقرار في مصر.