الشتاء قصة تربوية
الشتاء
في إحدى الغابات البعيدة خلف التلال الجميلة، كان يومٍا باردا، اغتالت فيه الغيوم أشعة الشمس وحرارتها عن الأرض. توقفت العصافير عن الغناء، واختفت الأصوات الجميلة في الغابة. دخلت الحيوانات في سباتها العميق، وبدأت الطيور تحزم حقائبها استعدادًا للرحيل إلى البلاد البعيدة حيث الدفء والطعام.
كانت الأشجار حزينة على فراق الطيور التي ألفت العيش معها طوال الوقت. قالت شجرة لطائر: "لماذا تغادرون؟ لقد اعتدنا العيش معًا، لماذا لا تصمدون مثلنا؟"
رد الطائر: "لا نستطيع مجابهة الريح الباردة، أما أنتم فلكن جذور ممتدة في الأرض تساعدكم على الصمود." وأضاف مبتسمًا: "ما رأيك أن تأتي معنا لتجربي الدفء وسعادة التواجد معًا؟"
قالت الشجرة: "لكنني لا أستطيع الطيران."
قال الطائر: "لا تقلقي، سأطلب من أصدقائنا الحيوانات المساعدة بالحفر وإخراج جذورك لنحملك معنا إلى البلاد البعيدة حيث الدفئ والطعام." بعد تفكير عميق وافقت الشجرة على ذلك بحماس.
حفر الطائر وأصدقاؤه من الطيور وبعض الحيوانات الصغيرة حول جذور الشجرة، وأخرجوها من الأرض برفق. حملوها معهم وطاروا بعيدًا حتى وصلوا إلى أرض دافئة خصبة. لكن الشجرة لم تستطع التأقلم هناك، إذ كانت أوراقها تحميها من حرارة الشمس وتساعدها على الغذاء.
بدأت أغصانها تذبل شيئًا فشيئًا، فحزنت الطيور على حالها.
فسألها الطائر عن حالها وهل تحتاج شيئا
فطلبت الشجرة منه أن يعيدوها إلى وطنها. بدأت الطيور التشاور فيما بينها وقرروا تلبية طلبها وعادوا بها إلى الغابة.
شعرت الشجرة بالفرح وسرعاز ما تبدل فرحها إلى حزن على بعض الطيور التي لم تستطع مقاومة الرياح الباردة وماتت من شدة البرد.
تعلمت الشجرة درسًا لن تنساه أبدًا:
لا يوجد أجمل من الوطن مهما اشتدت المحن، فالسعادة لن تكون إلا على ترابه وهوائه.
ومرت الأيام سريعًا، وأتى الربيع حاملاً معه الفرح والسرور. لبست الأشجار ثوبها الأخضر الجميل المحمل بالزهور المتفتحة، عادت العصافير تغني أجمل الألحان، فرحة بعودتها إلى وطنها. عمّت الفرحة أرجاء الغابة وأسدل الستار عن قصة علمتنا معنى الوطن والغربة.
بقلمي
خالد الفرج
---------------------------
1- اغتالت الغيوم: حجبت الغيوم
2- سبات الحيوانات: دخولها بنوم عميق مدة معينة
3- ألفنا العيش: اعتدنا العيش
4- التأقلم: التعود
5- المحن: البلاءُ والشِّدَّة
