طفلي صغيري العزيز
طفلي العزيز
في ليلة هادئة، والنجوم تتلألأ في السماء، كنتُ أستمع إلى صوت أنفاسي المتلاحقة في غرفة الولادة. كنتُ متعبة، خائفة، لكن داخلي شوق لا يوصف. وعندما جاء صوتك لأول مرة، بكاؤك الصغير كأنه لحن سماوي، شعرت أنني ولدت معك من جديد.
اقتربت الممرضة، ووضعتك بين ذراعي، كنت دافئًا، هشًّا، كأنك هدية ملفوفة بالحب. نظرت في عينيك، وقلت لك همسًا: “مرحبًا بك يا صغيري… أنا ماما.”
منذ تلك اللحظة، أصبحت حياتي كلها تدور حولك. لم أعد أعد الساعات أو الأيام كما كنت، بل أقيس الزمن بضحكاتك ودموعك. كانت لياليّ طويلة، لكنها كانت أجمل ليالٍ عشتها. كنتُ أستيقظ على صوت بكائك، أحتضنك وأغني لك، حتى تغفو وأنت تشعر بالأمان في حضني.
في أحد الأيام، وأنت في شهرك السادس، حاولت أن ترفع رأسك الصغير وأنت تبتسم، فسقطت على الوسادة. ضحكتُ وأنا أرفعك مجددًا، وقلت:
– “هيا يا بطل، حاول مرة أخرى.”
رفعت رأسك مرة أخرى، ونجحت، ونظرت إليّ بفخر، وكأنك تقول: “رأيتِ؟ أنا أستطيع.”
مرت الأيام، وجاءت أولى خطواتك. كنتَ تمسك بأصابعي بخوف، ثم تركتها فجأة لتخطو نحو اللعبة التي كنت تحبها. سقطت، ثم ضحكت بصوتك العذب، وقلت بصوت مكسور الحروف: “ماما!”
احتضنتك بقوة، وقلت لك: “أنت عالمي كله يا صغيري.”
في ليالي الشتاء الباردة، كنتَ تزحف نحوي وأنت تحمل بطانيتك الصغيرة، وتقول: "نامي جنبي." كنتُ أضمك إليّ، وأحكي لك قصة عن نجم صغير يبحث عن بيته في السماء. وكنتَ تستمع بعينيك أكثر من أذنيك، ثم تغفو قبل أن أكمل القصة.
كبرت، وبدأت أسئلتك الكثيرة تُدهشني:
– “ماما، ليه المطر بينزل؟”
– “عشان الأرض تشرب يا حبيبي.”
– “والسماء بتعيط؟”
ابتسمت وربتّ على شعرك: “يمكن… لكنها دموع فرح.”
ومع كل سؤال، ومع كل إجابة، كنت أكتشف أنني لا أربيك وحدك، بل نحن نكبر معًا. أنت تعلّمني كيف أرى الجمال في أبسط الأشياء، وكيف أفرح باللحظة قبل أن تمر.
والآن، حين أنظر إليك وأنت تركض في الحديقة، أرى فيك ملامح الرجل الذي ستصبحه يومًا ما، لكن في عينيّ أنت ما زلت ذلك الطفل الذي احتضنته لأول مرة. أعلم أن الحياة ستأخذك في طرق بعيدة، لكنني أعلم أيضًا أن حبنا سيظل هو الحبل الذي يشدك دائمًا نحو البيت.
يا صغيري، ستظل دائمًا… طفلي العزيز، أغلى ما أملك، وقطعة من روحي، وحكايتي الأبدية.
