
طفلة مميزة – مواقف صنعت قوتي في الإعدادي
طفلة مميزة – مرحلة الإعدادي
بعد ما خلصت ابتدائي ودخلت أولى إعدادي، بدأت أحس بالفرق… فجأة لقيت نفسي مش قادرة أمشي زي الأول. كان إحساسي وقتها خليط بين الحيرة والخوف، لدرجة إني كتبت جواب لربنا وقلت فيه: "يارب اشفيني وأقدر أمشي"، كنت طفلة بس قلبي مليان دعاء وأمل.
وأنا في أولى إعدادي حصل موقف لحد النهاردة فاكرته بكل تفاصيله. يومها وزعوا علينا كتاب اسمه "أنا كبرت"، وكان المفروض ننزل كلنا ندوة علشان يشرحوا للبنات التغيرات الفسيولوجية اللي بتحصل في السن ده. كل البنات نزلوا… إلا أنا. مكنش فيه "دادة" تساعدني في النزول، فجت مشرفة الدور وقالت لي: "اقعدي ذاكري أي حاجة، وأنا هجيب لك مدرس يشرح لك اللي مش فاهمه". لكن لا مدرس جه ولا حد شرح لي حاجة.
الموقف ده وجعني… مش عشان الندوة نفسها، لكن عشان الإحساس اللي وصلي: هو أنا مش بنت زيهم؟ مش من حقي أكون معاهم وأسمع الكلام اللي بيتقال؟ اللي زاد ضيقي إن بعد ما خلصوا، واحدة صاحبتي قالت لي: "إحنا مقالوناش حاجة مهمة ومتأخرناش"، بس أنا كنت متضايقة من اللي حصل أكتر من أي حاجة تانية.
مرت السنين، ولما اشتغلت، ربنا قدر إني أشتغل في مدرسة في شغل إداري. يومها الأخصائية الاجتماعية قررت تعمل ندوة للبنات عن نفس الموضوع… وقتها رجع الموقف ده لذهني، وحسيت بضيق شديد، وبدأت ألوم نفسي: إزاي كنت بالضعف ده وسكت؟
في الإعدادي كمان، واجهت مواقف تانية من المدرسين. بعضهم كان يتجنب عقابي لو غلطت، خوفًا على شعوري، وده كان يضايقني أكتر… لأن إحساسي كان: ليه بتعاملوني كأني مش طبيعية؟ ليه خايفين تواجهوني أو تعاتبوني؟ أنا كنت بحب جدًا المدرسين اللي يتعاملوا معايا عادي، يمدحوني أو يوجهوا لي ملاحظات زي أي طالبة.
أما عن أصحابي، فكانوا بيحبوني وأنا كمان بحبهم. لكن الناس اللي متعرفنيش شخصيًا، زي أصحاب أختي في المدرسة، كان عندهم فضول غريب… أسئلة زي: "أختك بتدخل الحمام إزاي؟"، وأختي كانت ترد: "دي أسئلة شخصية، ومش حابة أجاوب عليها". كنت دايمًا مؤمنة إن الصحوبية الحقيقية بتذيب أي أسئلة فضولية، وده اللي كان بيحصل مع أصحابي المقربين.
وطبعًا حياتي كانت ومازالت بفضل الله طبيعية جدًا… كنت بقعد مع بنات خالتي، ونتكلم ونضحك زي أي بنات في السن ده. لكن من برة، كان في ناس تبص لي بنظرة شفقة وعطف، وكلمات زي: "ربنا يشفيكي" أو "ربنا يعفو عنك". وده كان يضايقني جدًا، لأن مشكلتي إني شايفة نفسي عادية، بينما الناس شايفاني "يا عيني…".
ومش هنسى موقف في جمعية الوفاء والأمل وأنا في تانية أو تالتة إعدادي. كنت بخلص حاجات خاصة بيا، وفجأة شفت أب وأم شكلهم بسيط جدًا، معاهم طفلة صغيرة عمرها حوالي 4 سنين، ثيابها متسخة، شعرها أشعث، ورجلها فيها بتر. اللحظة دي وقفت… وبصيت لنفسي، وحمدت ربنا من قلبي على النعم اللي أنا فيها. حسيت قد إيه الجمع بين الفقر والإعاقة صعب جدًا… وقلت في سري: "ربنا يعينهم".
هذه المرحلة علمتني أن القوة الحقيقية مش في الجسد، لكنها في القلب والعقل. تعلمت أن المواقف الصعبة ممكن تكسر ناس، لكنها ممكن كمان تصنع ناس أقوى. ومن يومها قررت أواجه الحياة بابتسامة، وأثبت لنفسي قبل أي حد إني أقدر أكون مميزة، مش رغم ظروفي… لكن بيها.
وأؤمن دائمًا أن الله يضعنا في اختبارات ليصنع منا أشخاصًا أكثر وعيًا، وأشد صبرًا، وأعمق شكرًا للنعم.
---