
لوسي سيمبليس كامي بينوا ديمولان (2 مارس 1760 - 5 أبريل 1794)
ثوري ورجل دولة فرنسي بشر بالثورة الفرنسية قبيل قيامها، ورافق خطواتها منذ أيامها الأولى، ودفع حياته ثمناً لتناقضاتها.
ولد ديمولان في مدينة " غيز" من إقليم" بيكاردي" (فرنسا)، ودخل كلية " لوي لو غران" في باريس فناال شهادتها بتفوةق، وكان من زملاء دراسته فيها روبسبيير أحد قادة الثورة الفرنسية فيما بعد. وكان في مأموله أن يصبح محامياً.. ورغم أنه سجل في جدول المحامين العام في آذار – مارس 1785م فقد صرفته عن المحاماة عقدة في لسانه.
وفي العام 1788م أصدر كتاباً عنوانه " فلسفة الشعب الفرنسي" وبشر فيه باقتراب الثورة. وفي 12/7/1789م ، عندما أقال الملك لويس السادس عشر جاك نيكير وانتشر خبر إقالته في باريس وهاج الفرنسيون لهذه الإقاللة، اجتمع الناس في حديقة "بور رويال" Port-Royal" ، فوقف ديمولان فيهم خطيباً، معتمراً قبعة غرس فيها ورقة خضراء (رمز الأمل)، وارتجل خطاباً مؤثراً أعلن فيه أن القصر يعد مذبحة للمواطنين كمذبحة سان بارتيليمي، ودعا إلى اليقظة والاستعداد. وكان خطابه أشبه بمقدمة للهجوم على الباستيل، كما كان كتابه" فرنسا حرة" المنشور في حزيران – يونيو 1789م بمثابة لائحة اتهام ضد النظام القديم في فرنسا.
وعلى أثر اقتحام الباستيل- وكان لديمولان دور بارز في ذلك اليوم كدور دانتون في 10/8/1792م وكدور مارا في 31/5/1793م – توالت خطب ديمولان في " نادي الكورديليه" و" نادي اليعاقبة" . وكان يصب فيها جام سخطه على النظام الملكي ويبسط أفكاره الجمهورية. كما توالت كتاباته، فكتب" خطبة المصباح للباريسيين" وقد نشره خلال أزمة أيلول – سبتمبر عندما رفض الملك التصديق على إعلان حقوق الإنسان والمواطن ومراسيم 4 آب – أغسطس . ومن المؤكد أن كتابيه المذكورين هما اللذان مهدا لبروزه كقائد ومنظر ثوري.. وبعد نشرهما أصدر ما بين تشرين الثاني – نوفمبر 1789 م وتموز – يوليو 1891 م تسعة وثمانين عددا من جريدته " ثورة فرنسا والبرانديين". وكانت حربا على كل منشق وعلى كل من تسول له نفسه الوقوف عثرة في طريق ارتقاء الثورة ونموها.
وفي 23 تموز – يوليو صدر قرار باعتقال ديمولان مع آخرين، فاختفى، وظل كذلك حتى تم التصديق على الدستور الجديد الذي صحبه عفو شامل. وفي خلال فترة اختفائه تعاون مع دانتون. وفي أيلول – ديسمبر 1791م أعلن المجلس الوطني نفسه جمعية تأسيسية، وأنجز صياغة الدستور الجديد وقدمه إلى الملك الذي صادق عليه. وندد ديمولان بالدستور الجديد في " نادي اليعاقبة". ومع هذا فقد مر هذا الدستور، وانتخبت فرنسا على أساسا مجلسها الجديد: الجمعية التأسيسية.
وفي الجمعية التشريعية (1791- 1792م) انقسم الثوريون البورجوازيون إلى زمرتين: زمرة "الرهبان" Les Feuillants الذين يرون وقف الثورة، وزمرة "الجيرونديين" Les Girondins الذين يرون استمرارها. ثم كانت الحرب بين فرنسا والدول التي تألبت عليها، وإعلان الوطن في خطر، ودعوة المتطوعين إلى القتال، مما كان له أثر بين في مجرى الحوادث، لا سيما بعد انتصار"فالمي" في 20/9/1792، وانتهاء الجمعية التشريعية، وإعلان الجمهورية في 22/9/1792م، وبدء عهد "المؤتمر الوطني" La Convention. في تلك الفترة قدم ديمولان في "نادي اليعاقبة" دراسته عن وضع ا لعاصمة قبل المؤتمر العام لعامية (كومونة) باريس بعنوان" مقال في الوضع السياسي للأمة".
وندد في هذه الدراسة بالتمييز الذي وضعه الدستور بين المواطنين العاملين والمواطنين غير العاملين، وتنبأ بنهاية الملكية. وقد عين في 12/8/1792م أميناً عاماً لوزارة العدل في عهد "دانتون". وفي أيلول – سبتمبر 1792م انتخب في "المؤتمر الوطني" نائباً عن باريس. غير أنه لم ينجح كنائب نجاحه كمفكر وكمنظر ثوري. وخلال محنة الملك لويس السادس عشر نشر ما أسماه " رأي في الحكم على لويس السادس عشر"، على أنه كان من المقترعين لجهة إعدامه.
خاض ديمولان معركة ضد " الجيرونديين" ولكنه، رغم ذلك فقد حزن لمصيرهم يوم صدر الحكم بإعدامهم (31/5-2/6/1793م) . وبعد تصفية " الجيرونديين" وظهرو الانشقاق في صفوف" اليعاقبة" لزم ديمولان جانب المعتدلين بينما لزم " هيبير " جانب المتشددين .
دعا ديمولان إلى التسامح والعفو والسلام، فأوغر بذلك صدر "روبسسبيير" عليه.
وبعد أن تخلص"روبسبيير" من أنصار "هيبير" في آذار – مارس 1794م ، اتجه إلى التخلص من أنصار "دانتون" ومنهم ديمولان.
وفي مساء 30/3/1794م اعتقل دانتون في سجن " لوكسمبورغ" حيث كان ديمولان معتقلا مع غيره. وبعد محاكمة أمام المحكمة الثورية صدر الحكم بإدانة ديمولان في 31/3/1794م، ونفذ فيه حكم الإعدام بالمقصلة في 5/4/1794م.