البيت الأخير "عامر"

البيت الأخير "عامر"

0 المراجعات

كانت قريه “السرداب ”مكان صغير شبه معزول عن العالم ، كانت تحيط القريه كثير من الأشجار من جهة الشمال ومن الغرب أرض قاحله.

فكان من الصعب خروج الأهالي خارج القريه الأ القليل منهم بحثا عن العلم، وكان أهل القريه يعيشون بسلام نسبي، وكانوا يتجنبون بيتا قديما في طرف الطريق المؤدى إلي الغابه. فذلك البيت كان مهجورا لأكثر من سبعون عاما، منذ أن ماتت عائله “الرفاعي” داخله في ظروف غامضه، وكثرت أشاعات أنهم لم يموتوا فقط..بل أختفوا، ولم علي جثثهم أبدا.. ورغم التحذيرات من أهالي القريه لشباب القريه، فقد قرر أحدهم وأسمه"عامر"وكان يعمل صحفي، بالدخول إلي البيت وأن يبيت فيه ليله واحده، بعد أن سمع عن قصص الأشباح التي تظهر من نوافذه، فكان يعتقد أن كل هذا مجرد خرافات، فحمل كاميرته ومصباحه، ووصل قبل غروب الشمس.

الباب الأمامي كان مخلوعا،يصدر صريرا طويلا مع كل نسمه هواء، دخل"عامر" بخطوات حذره، وبدأ ينظر للمكان، الغبار يغطي الأثاث،والعناكب نسجت خيوطها في الزوايا، ورائحة عفن تملأ الجو.

في الطابق الأرضي، وجدغرفه معيشه مهمله، وجدران باهته مليئه بخدوش عميقه كأنها بفعل مخالب وحوش.

في المطبخ كان كل شئ مغطي بطبقه رماديه من الغبار، لكن عالطاوله كان هناك طبق خزفي نظيف تماما… وكأن أحدهم قد غسله للتو.

ومع حلول الليل، بدأ يسمع أصوات خطوات في الطابق العلوي، فأعتقد أنها قد تكون قطه أو فار، ولكن الخطوات كانت بطيئه، ثقيله…أقرب إلي خطوات انسان.

رفع المصباح نحو السلم الخشبي، ولم يري شيئا، لكنه شعر ببرودة مفاجئه تجتاح المكان.

صعد السلم بحذر شديد، ومع كل خطوة يصدر صريرا عميقا.. وعند منتصف السلم، سمع صوت همس خلفه، قريبا جدا من أذنه :"أرجع"…..

ألتفت بسرعه.لكن لم يجد أحد خلفه.

في الطابق العلوي، وجد ثلاث غرف.

دخل الأولي فوجدها خاليه،إلا من سرير حديدي مكسور، في الثانيه، كان هناك دولاب مفتوح، وثياب قديمه مرميه علي الأرض، لكنها كانت جافه ونظيفه بشكل غريب.

أما الغرفه الثالثه…فكان بابها مغلقا بإحكام.

حاول فتحه، لكن الباب لم يتحرك، فجأة بدأ المقبض يدور من الداخل ببطء، ثم توقف.

تجمد الدم في عروقه، لكنه بدافع الفضول لم يهرب، ولكنه عاد للأسفل، وجلس في غرفه المعيشه، وكان يحاول أ ن يهدأ نفسه مما حصل.

وعند منتصف الليل، أنطفأ المصباح فجأه،فأصبح المكان في ظلام تام.

في تلك اللحظه،سمع أصوات أقدام قادمه من جميع الأتجاهات، كأن عده أشخاص يحيطون به.

وشعر بأنفاس بارده تلامس عنقه، ثم صوت طفل يضحك في أذنه.

فحاول أن يضيء المصباح فضغط عليه بقوة فبدأ يعمل مره أخرى، ولم يجد أحدا، لكنه لأحظ شيئا جديدا: علي الحائط أمامه، ظهرت جمله مكتوبه بالدم: “لماذا جئت؟”

أرتجف قلبه، لكنه قرر أن يكمل توثيق ما يحدث حوله. فرفع الكاميرا ليلتقط صورة، وفجأه ظهر في عدستها وجه امرأه شاحب، بعينين سوداوتين، خلفه مباشرة، فأستدار بسرعه… لا أحد.

ومع أقتراب الفجر، بدأ يسمع طرقا قويا عالباب المغلق فالطابق العلوي.

لم يكن طرقا عاديا، بل أشبه بمحاوله لكسر الباب.

صرخ الصوت الذي سمعه علي السلم من قبل ، لكن هذه المره كان حادا غاضبا: “أخرج… قبل أن نخرج نحن!”

فقرر "عامر "أن الأمر تجاوز حدود الشجاعه، فجمع أغراضه وجري نحو الباب الأمامي.

لكنه حين فتحه، وجد أن الخارج لم يكن القريه ولا الطريق الترابي…. بل نفس غرفه المعيشه التي كان فيها من قبل قليل.

فكرر “عامر” المحاوله عده مرات، وكل مره يجد نفسه يعود إلي الداخل، بدأ يفقد صوابه.

الساعه الآن الخامسه صباحا، لكنه لم يعد واثقا أن الفجر سيأتي أصلا.

ثم فجأة، سمع الباب العلوي يفتح ببطء، صوت خطوات نازله من عالسلم، بطيئه،ثقيله، وكل خطوه تجعل الأرض تهتز قليلا.

فحاول أن يتمالك أعصابه وأمسك بالكاميرا ووجهها نحو السلم،لكنه لم يري أي جسد ….فقط ظل طويل يمتد حتي قدميه.

وقبل أن يدرك ما يحدث، أنطفأ المصباح مره أخري، وشعر بيد بارده تمسك بكتفه، ثم شدته للخلف بعنف….

وفي اليوم التالي، مر أحد المزارعين بجانب البيت ولاحظ أن الباب الأمامي مفتوحا، فدخل بحذر، ولم يجد أحدا.

وعلي الأرض كانت هناك كاميرا محطمه، وبجانبها صوره وحيدة سليمه….."لعامر"واقفا فالغرفه، لكن خلفه كانت الأسره الكامله لعائله"الرفاعي" تحدق فالكاميرا بوجوه مشوه، وأبتسامات لا إنسانية.

ومنذ ذلك اليوم، يقول أهل القريه إن البيت لم يعد ينتظر زائرا جديدا…لأنه الآن يملك واحدا بالفعل…

                                                                                                                                                                                                              "تمت"

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

2

مقالات مشابة