مقالات اخري بواسطة Mona Ashour
أنفاس البيت"الجزء الأول"

أنفاس البيت"الجزء الأول"

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

كانت "ليلي" فتاه فالسادسه عشر من عمرها، تعيش حياه عاديه مع أسرتها الصغيره، إلي أن أنتقلت مع أسرتها إلي بيت قديم علي أطراف المدينه.

البيت كان واسعا ذو طراز قديم، لكن شيئا في جدرانه المتهالكه ونوافذه المعتمه كان يثير شعورا بالضيق.

لم تهتم عائله "ليلي"  كثيرا بهذا الشعور الغريب؛ فقد كان السعر زهيدا بالنسبه لحجمه،

أما "ليلي" فقد أحست من الوهله الأولي أن البيت لا يرحب بهم.

ومرت الأيام الأولي بهدوء، لكن مع حلول الليل كانت"ليلي" تسمع أصواتا غامضه، خطوات بطيئه فوق غرفتها، أبواب تغلق وحدها، وأحيانا تسمع ضحكات مكتومه لطفله صغيره.

كانت "ليلي" تخبر والديها بما يحدث، لكنهم كانوا يضحكان، ويقولوا لها هذه مجرد أوهام، وذلك لطبيعه البيت العتيقه.

لكن الأمر بالنسبه لها ليس وهما، بل حقيقه تتسلل كل ليله إلي عقلها وروحها.

وفي أحدي الليالي، بينما "ليلي" كانت تقرأ كتابا علي ضوء مصباح، شعرت فجأه بأنفاس بارده تمر بجانب أذنها، تزامنت مع صوت همس خافت يقول:"لماذا دخلتم بيتنا ؟"

ارتجف جسدها بالكامل، وأمسكت بالبطانيه بقوة وهي تحدق فالعتمه.

لم تر شيئا،لكن رائحه عفن قويه بدأت تنتشر في الغرفه، تزداد ثقلا حتي شعرت وكأنها تختنق.

بدأت "ليلي" تبحث فالبيت عن تفسير.

وجدت في القبو صندوقا خشبيا قديما عليه أقفال صدئه.

كسرت أحد  الأقفال بمطرقه قديمه، ووجدت داخل الصندوق صورا باهته لعائله لا تعرفها: لرجل وامرأة وطفله صغيره.

كانت وجوههم مشوهه جدااا، وكأن شيئا محا ملامحهم عمدا.

وبين الصور، وجدت دفترا مغطي بالغبار، فتحت صفحاته بصعوبه جداا، لتقرأ كلمات كتبت بخط مرتجف: 

" البيت يبتلعنا…. لا مفر…. الأصوات تأتي كل ليله…. أبنتنا لا تتوقف عن اللعب في الممرات حتي بعد موتها."

سقط الدفتر منها وهي تتنفس بصعوبه وخوف مما قرآته.

حين رفعت رأسها، رأت بوضوح عند مدخل القبو ظل طفله صغيره، شعرها يتدلي علي وجهها وثوبها الأبيض ملوث بالطين.

كانت تحدق "بليلي" دون أن تتحرك.

وقبل أن تصرخ، أختفي الظل تاركا وراءه صدي ضحكه قصيره أخترقت أعصابها.

منذ تلك الليله، بدأت "ليلي" تري الطفله بوضوح أكبر.

أحيانا عند المرآه، وأحيانا جالسه عند نهايه سريرها.

لم تكن تتحرك كثيرا، لكنها كانت تراقب……..دائما تراقب.

حاولت"ليلي" أن تقنع والديها بالرحيل، وسردت لهم ما حدث معها، ولكنهم تجاهلوها تماما.

وفي إحدي الليالي، بينما كانت العائلة مجتمعة علي العشاء، أنطفأت الأنوار فجأة، وغمر البيت صمت ثقيل.

ثم بدأت الأصوات:خبطات قوية علي الجدران، صرخات مكتومه، أصوات أقدام تركض في الممرات.

وبين الظلام، رأوا الطفلة للمره الأولي.

كانت واقفه عند طرف المائده، عيناها فارغتان تماما، وفي يدها دميه مخيفه مكسوره.

أبتسمت أبتسامة ملتوية وهمست:

"أنتم الآن جزء من هذا البيت"

الأم صرخت، والأب جرى نحو الباب، لكنه لم يستطع فتحه.

كل النوافذ والأبواب أغلقت وكأن البيت قرر أن يحتجزهم.

سقطت الأضواء من السقف، وبدأت الجدران تتشقق ببطء لتخرج منها أيد سوداء مخيفه وطويله تحاول الإمساك بهم.

ركضت "ليلي" نحو غرفتها محاولة إيجاد مخرج، لكنها وجدت الطفلة جالسة علي سريرها.

أقتربت منها وقالت بصوت خافت يشبه البكاء: " لقد قتلوني هنا…أبي وأمي…ثم تركوني وحيدة…والآن البيت يطعم روحه بكل من يسكنه."

أدركت "ليلي" أن الأرواح المحبوسه فالبيت ليست مجرد أشباح، بل جزء من كيان مظلم يتغذي علي ساكنيه.

حاولت أن تصلي، أن تقرأ أي شيء، لكن الأصوات أزدادت حولها، والطفلة بدأت تتحول أمام عينيها إلي هيئة أكثر تشويها: عيون غائره، فم واسع يبتلع الظلام، وأطراف طويله ملتوية.

آخر ما رآته "ليلي" كانت الجدران تغلق عليها ببطء، بينما الطفلة تقترب أكتر وتقول: "حان دورك…ستبقين هنا معي للأبد."

ومنذ ذلك اليوم، لم يسمع أحد عن عائلة "ليلي"

البيت ما زال موجود، فارغا من البشر… ولكنه ليس خاليا.

فكل من يمر بجواره ليلا، يسمع همسات فتاة تبكي، وصوت طفلة تضحك، وأبواب تغلق لوحدها.

وكأن البيت مازال يتنفس….ويجوع.

وينتظر عائلات آخري لتسكنه….

                                                                                                                                                                                         " تمت"

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

1

متابعهم

3

مقالات مشابة
-