قصة بئر زمزم بين الإيمان والمعجزة
بئر زمزم
مقدمة
تحمل بعض الأماكن في طياتها قصصًا خالدة، تمتزج فيها مشيئة الله بالصبر والإيمان، لتتحول من صحراء قاحلة إلى رمز عظيم في وجدان المسلمين. ومن أعظم هذه القصص قصة بئر زمزم، التي ارتبطت بنبي الله إبراهيم وأسرته، وكانت بداية نشأة أقدس بقاع الأرض.
بداية القصة في الصحراء
تبدأ حكاية بئر زمزم من عهد سيدنا ابراهيم عليه السلام حين أمره الله أن يترك زوجته هاجر وابنه اسماعيل في الصحراء فأمتثل النبي لأمره وترك زوجته وابنه في أرض قاحلة وسط الصحراء لا زرع فيها ولا بئر وترك معهما بعض الماء والتمر.
فأخذت هاجر عليها السلام تأكل وتشرب من الزاد الذي تركه لها زوجها وتطعم صغيرها حتى انتهى ولم يبقى معها طعام ولا ماء وبقيت هي وصغيرها للجوع والعطش
سعي هاجر وكرامة الله
وحين اشتد الجوع على طفلها ولم يكن يتوقف عن البكاء من شدة الجوع لم تستطع أمه تحمل رؤيته يبكي فأخذت هاجر عليها السلام تطوف بين الصفا والمروة وهي تستنجد وتبحث عن شخص يساعدها وبقيت تطوف حتى تمت عدد مرات طوافها سبع مرات
تفجر ماء زمزم وتسميتها
حينئذ أمر الله جبريل عليه السلام بضرب جناحيه تحت قدمي النبي اسماعيل عليه السلام الذي كان يضربهما على الأرض من شدة الجوع وعندما ضرب جبريل بجناحيه تحت أقدامه انهمر الماء من تحتها وحين رأت هاجر عليها السلام الماء يسيل من تحت أرجل طفلها أخذت تجمع الرمال بين هذه المياه وهي تقول "زمي زمي" وهي كلمة معناها انحصري واجتمعي في مكان واحد ومن هنا جاءت تسميتها بئر زمزم نسبة لكلمة زمي التي قالتها زوجة النبي عليهما السلام
نشأة مكة المكرمة
ومنذ ذلك الحين بدأت الطيور تهوي على هذه البئر للشرب وحين رأى الرحالة هذا علموا أن مجيء الطيور لهذه الأرض القاحلة هو دليل على وجود مصدر ماء فيها فتبعوها وحين اكتشفوا أمر البئر سكنوا في الأرض وعمروها ومن هنا جاءت نشأت مكة المكرمة.
قبيلة جرهم وبئر زمزم
كان أول الناس الذين سكنوا مع في مكة المكرمة مع هاجر وإسماعيل عليهما السلام هي قبيلة جرهم وكانت هذه القبيلة هي المسؤولة عن بئر زمزم وتولت أمرها لسنوات
طمس البئر واختفاؤها
لكن مع مرور الزمن فسدت قبيلة جرهم واعتدت على حرمات الله لذا أرسل عليهم قبيلة خزاعة لتعلن عليهم الحرب وتحتل مكة لتخرجهم منها فحين رأى قوم جرهم أنهم خاسرون أمام خزاعة لا محالة وأن لا مفر آخر لهم سوى الخروج من مكة والهروب منها قرروا طمر بئر زمزم وإخفاءها لكي يحرموا غيرها من الاستفادة منها وأثناء طمرها دفنوا معها بعض الأسلحة والكنوز ثم غادروا مكة وبهذا اختفت بئر زمزم وأصبحت مجرد أسطورة تتناقلها الأجيال في ذلك الوقت
إرادة الله واكتشاف البئر من جديد
إلى أن أراد الله أن تكتشف من جديد على يد عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة والسلام.
خاتمة
لم تكن بئر زمزم مجرد مصدر ماء، بل كانت شاهدًا على الطاعة المطلقة، والصبر العظيم، ورعاية الله لعباده المؤمنين. ومن قصة أمٍّ وحيدة في صحراء قاحلة، وطفلٍ رضيع، نشأت مكة المكرمة، وبقي ماء زمزم إلى يومنا هذا رمزًا للبركة واليقين بأن فرج الله يأتي من حيث لا يحتسب الإنسان.
