البيت التي لايراه احد

البيت التي لايراه احد

1 reviews

 

---

## الفصل الثاني: المرآة التي لا تكذب

لم تكن سارة تعرف أن دخولها إلى ذلك البيت هو بداية لعنة جديدة ستطاردها. كان الليل يزداد ثِقلاً، والرياح تصفر بين النوافذ المكسورة كأنها صرخات مكتومة من الماضي. حاولت أن تشعل مصباح يدوي قديم وجدته بجانب الباب، لكن الضوء كان ضعيفًا بالكاد يكشف الخطوات الأولى أمامها. ومع ذلك، كان هناك شيء في الداخل يدعوها للمضي قدمًا، كأن البيت يبتلعها ويمنعها من العودة.

تقدمت بحذر، وعندما وصلت إلى غرفة في نهاية الممر، لاحظت أن جدرانها مغطاة بالشقوق السوداء، كأنها عروق حيّة تنبض. في منتصف الغرفة، كانت هناك مرآة ضخمة، قديمة الإطار، يعلوها غبار كثيف. لكن الغريب أن سطحها كان نظيفًا بشكل غير طبيعي، كأنه يلمع وحده في هذا الظلام. اقتربت منها بتردد، ووقفت أمامها.

في البداية، رأت انعكاسها الطبيعي: وجهها الشاحب، عيناها المتعبتان، وشعرها الذي تناثر بفوضى من هول الموقف. لكنها لمحت شيئًا لم يكن موجودًا خلفها. كان هناك ظل، يتحرك ببطء، كأنه يراقبها. التفتت سريعًا، فلم تجد شيئًا سوى فراغ الغرفة. ارتجفت أصابعها، وعادت تنظر إلى المرآة، فوجدت الظل يقترب أكثر فأكثر… حتى صار خلفها تمامًا.

شهقت بصوت مسموع، تراجعت خطوتين، لكن المرآة أظهرت شيئًا مروّعًا: الظل لم يكن مجرد ظل، بل جسد شبه شفاف، امرأة شاحبة الوجه، عيناها سوداوان بالكامل، وشعرها الطويل يغطي معظم جسدها. والأسوأ… أن المرأة كانت تبتسم. ابتسامة باردة، مليئة بالدماء، كأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتخرج من داخل الزجاج.

صرخت سارة، لكنها لم تستطع أن تزيح عينيها عن المرآة. لقد رأت نفسها، لكن ليس بشكلها الحقيقي. انعكاسها كان مختلفًا: وجهها مدور لكنه أكثر شحوبًا، شفتيها متشققتان وكأن الدم يتسرب منهما، وعيناها واسعتان محاطتان بالظلام. كان الانعكاس يضحك، بينما هي ترتجف. مدّت يدها لتلمس سطح الزجاج، لكنها شعرت ببرودة قاسية، وكأن هناك يدًا أخرى من الداخل تلامسها بالفعل.

ارتجفت ركبتاها، وكادت تسقط، لكن فجأة انطفأ المصباح اليدوي، وغرقت الغرفة في ظلام دامس. ومع ذلك، المرآة استمرت في الإضاءة وحدها بوميض باهت، وكأنها نافذة إلى عالم آخر. ومن داخلها، بدأ الصوت يظهر… همسات متقطعة، خافتة أولاً، ثم عالية بما يكفي لتجعلها تغطي أذنيها:
*"عودي… لن تهربي… البيت يعرفك…"*

تراجعت سارة إلى الوراء، محاولًة الوصول إلى الباب، لكن فجأة انغلق بقوة، كأن قوة غير مرئية دفعته. هرعت تضرب الباب بكلتا يديها، تبكي وتصرخ، لكن لا فائدة. حين التفتت، رأت المرآة تهتز بقوة، وسطحها المائي بدأ يتشقق مثل الزجاج. ومن بين الشقوق، انطلقت يد شاحبة، طويلة الأصابع، أظافرها حادة كالمخالب. اليد امتدت إليها مباشرة، حتى شعرت بأنفاس باردة على عنقها.

انهارت على الأرض، وبدأت تزحف للخلف، لكن الغرفة نفسها بدت وكأنها تتمدد، الجدران تبتعد أكثر فأكثر، والمرآة تكبر حتى صارت كأنها جدار كامل. ومن خلالها خرج الكيان ببطء، نصفه ما زال عالقًا في الداخل، ونصفه الآخر يخطو خارجًا. المرأة الملعونة التي رآها في الانعكاس صارت الآن أمامها، حقيقية، تجر خيوطًا من الظلام خلفها، وعيناها تتوهجان كجمر مشتعل.

همست المرأة بصوت مشروخ، أقرب إلى الزفير المميت:
*"كنتِ تبحثين عن الحقيقة… الآن ستصبحين جزءًا منها."*

ارتجفت سارة وهي تحاول الوقوف، لكن قدميها كانتا كالجليد. كل ما استطاعت فعله هو أن تصرخ صرخة طويلة مزّقت الصمت، صرخة حملت معها بداية رحلة مرعبة… رحلة لم تعرف بعد أنها لن تنتهي بسهولة.ولكن سنعرف م هي نهايه هذي القصه 

---يتبع……



 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

2

followings

1

similar articles