حكمة عرش الغابة

حكمة عرش الغابة

0 reviews

في قديم الزمان كان هناك غابة آمنة بها كثير من الحيوانات تنعم جميعها بالأمن والاستقرار.. حيث كان برأسها اسد صالح. كان يعمل علي انتشار العدل بين الحيوانات. و ينصر المظلوم و يعاقب الظالم. كما كانت تشهد جميع الحيوانات بالرخاء الزائد حيث لم يكن هناك أي حيوان يعاني من فقر أو جوع بفضل هذا الأسد، ومرت الشهور و الأعوام وأصبح الأسد عجوزا غير قادر علي السير كثيرا برجاء الغابة. ولا يعلم سوي القليل عن أحوال الغابة شؤونها 

وفي يوم من الايام أمر الأسد الحمامة علي أن تخبر جميع الحيوانات بضرورة مقابلته في عرينه. وحينما جاءت الحيوانات مهرولة الي العرين نظر إليهم الاسد بحزن شديد وقال : قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد منكم إلي أن أصبحت غير قادر علي حكم الغابة. سكت الأسد عن الكلام قليلا واخذ ينظر لجميع الحيوانات ثم قال : من منكم له القدرة علي أن يحكم الغابة بالعدل والرحمة من بعدي؟ وبعد أن سمعت الحيوانات هذا الحديث نظرت إلي بعضها بدهشة شديدة وسكتت جميعا.

وبعد لحظات قليلة تقدم الفيل قائلا انا وزيرك يا مولاي. وقانون الغابة يحتم علي أن أكون انا من يتولي الحكم من بعدك يا صاحب الجلالة. وهنا رفع النمر صوته قائلا: انا استطيع ان أقيم العدل يا مولاي كما أنني من نفس سلالتك وأحمل نفس قوتك مما يجعلني متأكدا أنني اصلح حيوان لهذا المنصب يا ملك الغابة ، وبعد أن نظر الأسد لجميع الحيوانات لعل بينهم من يريد التقدم هو الآخر إذ تقدم القرد علي استحياء شديد وبصوت متقطع قائلا :اظن يا مولاي أن الغابة بحاجة إلي حيوان ذكي بجانب عدله ورحمته كي يستطيع أن يحكم الغابة ابحق واظن أن هذه الصفات متواجدة بي يا مولاي .

وبعد تفكير لم يطل وقته من جانب الأسد قال : انصرفوا جميعا علي أن تأتوني بالصباح لعلي أكن قد قررت من منكم سوف يصبح ملكاً لهذه. الغابة من بعدي . وبعد ما خرجت الحيوانات اخذ الأسد يفكر وطال تفكيره حتي الصباح دون أن يصل الي قرار صائب ثم استدعي الحمامة وأخبرها بضرورة إحضار الارنب ، وبعد أن جاء الارنب قال له الأسد :اذهب يا ارنب مسرعا الي منتصف الطريق بالغابة : وقم بوضع قدمك بين أشجار اللبلاب واطلب العون والنجدة من اي حيوان تراه عيناك.

اندهش الأرنب وتعجب كثيراً من هذا الطلب الغريب، ولكن سرعان ما ذهب لينفذ هذا الأمر، فربما هناك شيئاً يعلمه قريباً لم يمر وقت طويل بعد مغادرة الأرنب، حيث أتت الحيوانات الثلاثة كي يعلموا من ذا الذي اختاره الأسد لخلافته، ونظر إليهم الأسد قائلاً:
اذهبوا جميعاً إلى شجرة الجميز الضخمة بأقصى حدود الغابة، ومن يأتيني أولاً سوف أضع بنفسه تاجي على رأسه.

وانطلقت الحيوانات الثلاثة نحو شجرة الجميز متأهبين لبداية سباق السرعة التي أعلنت بدايته الحمامة.

انطلقت الحيوانات الثلاثة بسرعة شديدة، وبعد وقت قليل أصبح النمر في المقدمة يليه الفيل ثم الأرنب. وعندما وصل النمر إلى أشجار اللبّلاب بمنتصف الطريق، نادى عليه الأرنب قائلاً:
أدركني أيها النمر الطيب، فقد تعثرت قدمي بأشجار اللبّلاب، ليدركني ألم لم أكن منذ وقت طويل أدركه.

فردّ النمر قائلاً: اتركني أيها الأرنب، حتى ألحق على الأقل بالفوز بالسباق، وأصبح ملكاً لهذه الغابة.

وأسرع النمر دون أن يلتفت إلى ما يعانيه الأرنب من تعب ووجع. وعندما أتى الفيل، صاح الأرنب قائلاً:
أيها الفيل الطيب، لقد تعثرت قدمي بأشجار اللبّلاب، وأشعر بألم شديد، فاقترب مني لعلّك تنقذني.

فردّ الفيل عليه وقال: اتركني أيها الأرنب الصغير، فقد تقدّم النمر السابق، اتركني فربما ألحق به، وأسبقه بعد أن يشعر بالتعب وتبطئ سرعته.

وأسرع الفيل هو الآخر دون أن يبالي بكرب الأرنب واستغاثته.

وقبل أن يصل الفيل إلى أشجار اللبّلاب، وجد أنه إذا عبر البحيرة من خلال الأشجار التي تقف وسط مياهها، لوصل إلى نقطة النهاية مباشرة.

وبينما تسارع الفيل في تنفيذ فكرته، سمع صوتاً ضعيفاً يستغيث به من بعيد، لكن لم يتردد الفيل، مع أنه قد يخسر السباق بعد أن كان لا يفصله عن الفوز إلا دقائق معدودة، وبينما كان القرد يفك قيود الأرنب...

وقف الأسد أمامه يخرج من بين أشجار اللبّلاب، ومعه باقي الحيوانات. وضع الأسد التاج على رأس القرد، وهو يقول: أنت الذي جئتني أولاً أيها القرد، وهذه كانت حيلتي لكي أعلم من منكم أكثر رحمة وعدلاً بمن سوف يرعاهم.

وفعلاً فرحت الحيوانات فرحاً شديداً بفوز القرد الذي قد ترك السباق والفوز بالعرش، الذي كان يتمنّاه، من أجل فك قيود أرنب صغير، أي من أجل فعل الخير.

وبينما كان القرد في دهشته الشديدة، ابتسم إليه الأسد قائلاً: لا تندهش أيها القرد، فمن يترك ما يتمناه من أجل الخير لن يتركه الخير إلا أن يأتيه بكل ما كان يتمناه.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

1

followings

1

similar articles