التعاون بين الأصدقاء

التعاون بين الأصدقاء

3 reviews

قصة التعاون

في غابةٍ بعيدةٍ مليئةٍ بالألوان والظلال، كان يعيش عدد كبير من الحيوانات والطيور في وئام وسعادة. كانت الأشجار شامخة عالية، والأنهار تجري بسلام بين الصخور، والزهور تفوح بعطرها في كل مكان. اعتاد الجميع أن يستيقظوا صباحًا ليستمتعوا بالماء العذب الذي يجري في النهر الصغير، فهو مصدر حياتهم.

لكن في إحدى الليالي، هبَّت عاصفة قوية لم تشهدها الغابة من قبل. هزّت الرياح الأشجار بعنف حتى تساقطت الفروع والجذوع، وسقطت صخرة كبيرة في منتصف مجرى النهر، فانقطع تدفّق الماء. وعندما بزغت الشمس في اليوم التالي، استيقظ الأرنب الأبيض على أصوات الطيور القلقة. ذهب كعادته ليشرب من النهر، لكن المفاجأة كانت أن النهر جفّ!

جلس الأرنب على العشب حزينًا وقال: “ماذا سنفعل الآن؟ كيف سنعيش بلا ماء؟”

اقترب منه العصفور الأزرق وهو يرفرف بأجنحته الصغيرة وقال: “لا تحزن يا صديقي، فالحل بيدنا، إذا تعاونّا جميعًا.”

لكن الأرنب أجاب متنهّدًا: “الأخشاب ضخمة، والصخرة أكبر من أن نحركها، نحن صغار وضعفاء!”

في تلك اللحظة ظهر القرد الذكي وهو يتأرجح من شجرة إلى أخرى، وقال بابتسامة مليئة بالثقة: “التعاون يصنع المعجزات. لا أحد منّا يستطيع حل المشكلة بمفرده، لكن إذا اجتمعنا سنكون أقوى من الإعصار نفسه.”

تجمّعت الحيوانات بسرعة. جاءت السلحفاة ببطء وقالت بصوت هادئ: “قد أكون بطيئة، لكني أستطيع دفع الأشياء الصغيرة بعيدًا.”

وقف الغراب الأسود على غصن وقال: “أنا سأطير عاليًا لأرشدكم إلى الطريق الأفضل للتنظيف.”

أما الفيل الضخم فقد هزّ أذنيه وقال: “أنا قوي بما يكفي لتحريك الجذوع والصخور الكبيرة.”

حتى الحيوانات الصغيرة أرادت المشاركة. قالت السناجب: “نحن نجمع الأغصان الصغيرة وننقلها بعيدًا.”

وقالت البطة: “أنا وأخواتي سنسبح في الماء عندما يعود، ونساعِد في تنظيفه من الأوراق الطافية.”

بدأ العمل الكبير. العصفور يصرخ من فوق: “يمينًا قليلًا… الآن اسحبوا بقوة!”

القرد يتسلق الجذوع ويدفعها بمهارة، الأرنب والسناجب يجمعون الأغصان الصغيرة بسرعة، والسلحفاة تزيح الحصى شيئًا فشيئًا. أما الفيل، فقد كان البطل الذي يحرك أضخم الجذوع والصخور بخرطومه القوي.

كان العمل متعبًا، لكن روح التعاون جعلته ممتعًا. كانوا يغنون معًا أغنية بسيطة عن الأمل، ويضحكون عندما يقع أحدهم في الطين ثم يساعده الآخر على النهوض. وعندما شعرت السلحفاة بالإرهاق، شجعها الأرنب قائلاً: “كل خطوة منك تساعدنا جميعًا.”

وبعد ساعات طويلة، تحركت الصخرة الكبيرة أخيرًا بفضل قوة الفيل وتشجيع أصدقائه. بدأ الماء يتدفق ببطء، ثم أسرع شيئًا فشيئًا حتى عاد النهر يجري كعادته، صافيًا وعذبًا.

قفز الأرنب فرحًا وقال: “لقد فعلناها! لقد عاد الماء!”

العصفور الأزرق حلق عاليًا يغني، والقرد صفق بيديه بحرارة، بينما ملأ الفيل خرطومه بالماء ورشّه على الجميع، فتحوّل التعب إلى ضحك ومرح.

جلس الجميع بجوار النهر، يشربون الماء ويرتاحون. قال القرد بصوت عالٍ: “انظروا يا أصدقائي، لو عمل كل واحد منا بمفرده لما استطعنا حل المشكلة، لكننا حين تعاونّا صرنا أقوى من أي عاصفة.”

ردّت السلحفاة بابتسامة: “حتى أنا، رغم بطئي، كان لي دور مهم.”

وأضاف العصفور: “وهذا يثبت أن لكل فرد قيمة، مهما كان حجمه أو سرعته.”

ومنذ ذلك اليوم، اتفق الجميع أن يجعلوا التعاون عادة يومية. فإذا احتاج أحدهم للمساعدة، وجد الآخرين إلى جانبه. وإذا مرّت الغابة بأي صعوبة، وقف الجميع صفًا واحدًا، لا يترك أحدهم الآخر. وهكذا أصبحت الغابة أجمل وأكثر أمانًا، مليئة بالحب والوحدة.

العبره: التعاون يجعل المستحيل ممكنًا، وكل فرد مهما كان صغيرًا له دور عظيم إذا شارك بروح الفريق.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

4

followings

5

followings

2

similar articles