القاتل الذي اراد ان يصير امه

القاتل الذي اراد ان يصير امه

0 المراجعات

الفصل الاول:ظلال الطفوله 

image about القاتل الذي اراد ان يصير امه

عام 1906 – بلينفيلد- ويسكونسن

في قريةٍ صغيرة منعزلة تُدعى "بلينفيلد"، حيث تمتد الحقول الجرداء إلى ما لا نهاية، وتهب الرياح على المنازل الخشبية القديمة، وُلد إد جين. كانت السماء فوق البلدة رمادية أغلب الوقت، كأنها امتدادٌ لكآبة المنازل المتناثرة على أطراف الأراضي القاحلة. لم يكن في المكان الكثير من الحياة، سوى صمتٍ ثقيل يتخلله صوت نباح كلب بعيد أو صرير الرياح العاتية بين الأشجار العارية.

في هذا الركن المنسي من العالم، كان منزل آل جين أشبه بسجنٍ بارد، تغطي جدرانه ظلال الماضي وتخنقه رائحة الخشب العتيق والرطوبة الثقيلة. لم يكن هناك دفء العائلة كما يعرفه الآخرون، بل سطوة امرأة واحدة، تملك سلطةً لا تُناقش ولا تُعصى—أوغستا جين.

“اجلس هنا، إد. لا تبتعد عني.”

كان صوتها قاسيًا، يحمل صرامة من اعتاد الأمر والطاعة. نظر الطفل إليها بعينين واسعتين، ممتلئتين بالخوف والرهبة. جلست على كرسيها الخشبي المتهالك، وفتحت الكتاب المقدس، تقلب صفحاته بأصابع مشدودة كما لو كانت تحكم على العالم بأسره.

“استمع جيدًا، يا بني. العالم مليء بالخطيئة. النساء... النساء هن أصل كل فساد. هن أدوات الشيطان، يوقعن الرجال في الهلاك، يسرقن أرواحهم، يجعلنهم ضعفاء!”

كانت كلماتها تتردد في أذنيه كهمسٍ شيطاني، لكنه لم يستطع سوى الاستماع. لم يعرف غيرها، لم يحب سواها، ولم يكن له مهرب من هذا العالم الذي صنعته له.

“لكن أمي... لماذا خلقهن الله إذن؟”

توقفت أوغستا لحظة، نظرت إليه نظرةً باردة، ثم أغلقت الكتاب المقدس بقوة، كأنها تحاول إخماد فكرة بدأت تتشكل في عقله الصغير. قالت بغضب اكبر :

“لكي يمتحن الرجال، ليختبر صبرهم وإيمانهم. أنت يا إد، لست مثل الآخرين. أنت طاهر، نقي، وعليك أن تظل كذلك. لا تختلط بالأطفال الآخرين، فهم أبناء الخطايا. لا تقترب من النساء، فهن سيفسدن روحك الطاهرة.”

أومأ إد برأسه، لكنه لم يفهم تمامًا. كان قلبه صغيرًا، هشًا، يبحث عن حبٍ لم يمنحه أحدٌ غيرها. حتى في قسوتها، كان يرى حنانًا خفيًا، لكنه كان حنانًا مشوبًا بالخوف.

في المدرسة، كان إد طفلاً صامتًا، يراقب الأطفال الآخرين من بعيد، لكنه لا يجرؤ على الاقتراب. حينما حاول ذات مرة أن يلعب مع أحدهم، وعلمت أوغستا بذلك، انفجرت فيه غضبًا.

“كيف تجرؤ، إد؟! ألم أخبرك أنهم ملعونون؟!”

خفض إد رأسه، وشفتاه ترتجفان. لم يكن يريد إغضابها. كان يشعر بالذنب حتى دون أن يفهم السبب.

“أنا آسف، أمي... لن أفعلها مجددًا.”

ربتت على رأسه بخشونة، لكنها لم تبتسم.

“أحسنت. تذكر دائمًا، أنا الوحيدة التي تحتاجها في هذا العالم.”

كبر إد وهو يرى النساء ككائنات شريرة، لكنه كان يشعر بجاذبية غامضة تجاههن، جاذبية ملطخة بالخطيئة كما لقّنته أمه. كان ممزقًا بين الحب والكراهية، بين الرغبة والنفور، بين الطاعة والخوف. لا يدري ما هو الصواب و ما هو الخطأ مثل ورقه بيضاء بين يدي طفل صغير و يقرر يلطخها بالالوان الخشبيه علي هواه 

ومع مرور السنوات، ازدادت عزلته، خاصة بعد وفاة والده. وحين لحقه شقيقه لاحقًا في حادث غامض، أصبح إد وحده تمامًا مع أمه. و ازداد تعلق اوغستا بابنها اد خوفا عليه ان يتركها كحال زوجها و ابنها الاول ازداد هوسها به و ازداد البؤس عليه  القدر يُعده للجنون، خطوة بعد خطوة، كأن ظلال الطفولة كانت تجهّز لمصير لا فكاك منه. وهو مجرد طفل طلب الحنان و لم يجده سوي مع والدته المختله 

فهل سيستوعب المفاجأة، أم أن الأهوال القادمة ستكون أبشع مما تخيل؟

 

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

2

متابعهم

2

مقالات مشابة