
أول امرأة تفوز بجائزة نوبل ، مكتشفة البولونيوم والراديوم .
ماري كوري أول امرأة تفوز بجائزة نوبل ، مكتشفة البولونيوم والراديوم .
تُعد ماري كوري واحدة من أعظم العلماء في التاريخ ، فقد كرست حياتها للبحث والاكتشاف وأسهمت في تغيير مسار الفيزياء والكيمياء بشكل جذري .
ورغم ما واجهته من صعوبات اجتماعيةوإقتصادية ، إلا أنها إستطاعت أن تثبت مكانتها كعالمة رائدة ، لتصبح أول شخص يفوز بجائزة نوبل مرتين في مجالين مختلفين .
إن سيرتها تمثل قصة كفاح وإلهام لكل من يسعى لتحقيق المجد العلمي وخدمة البشرية .
ماري كوري.. أو كما يُطلق عليها “المرأة التي غيّرت وجه العلم” ، تعد واحدة من أعظم الشخصيات العلمية في التاريخ وأكثرها تأثيرًا .
وُلدت في مدينة وارسو ببولندا عام 1867 باسم ماريا سكلودوفسكا ، ونشأت في أسرة تهتم بالعلم والتعليم ، لكن ظروف بلدها الصعبة بسبب الإحتلال الروسي حرمتها من فرص التعليم المتكاملة .
ومع ذلك ، إمتلكت ماري شغفًا لا حدود له بالمعرفة والبحث ، مما دفعها لمتابعة دراستها في باريس حيث إلتحقت بجامعة السوربون ودرست الفيزياء والرياضيات .
هناك إلتقت بزوجها وزميلها في البحث العلمي ، بيير كوري ، الذي شاركها رحلتها العلمية الإستثنائية .
كرست ماري كوري حياتها لدراسة الإشعاع ، وهو مجال لم يكن معروفًا بعد بشكل كامل في زمنها .
ففي نهاية القرن التاسع عشر ، تمكنت مع زوجها من إكتشاف عنصرين جديدين هما البولونيوم والراديوم وهما من أهم الإكتشافات التي غيرت مسار الفيزياء والكيمياء والطب .
وقد أطلقت على البولونيوم هذا الاسم تكريمًا لوطنها بولندا .
لم يكن طريقها سهلاً على الإطلاق ؛ فقد واجهت الكثير من العقبات ، سواء بسبب الفقر الذي عانت منه في بداية حياتها العلمية ، أو بسبب النظرة التقليدية للمجتمع تجاه المرأة في مجال العلم ، حيث لم يكن من المعتاد أن تنجح النساء في ميادين الأبحاث .
ومع ذلك ، كسرت ماري جميع هذه القيود وأثبتت أن المرأة قادرة على تحقيق إنجازات علمية تضاهي ، بل وتتجاوز ، إنجازات الرجال .
ماري كوري حصلت على جائزة نوبل مرتين ، لتكون أول شخص على الإطلاق يفوز بها في مجالين مختلفين ؛ الأولى في الفيزياء عام 1903 بالمشاركة مع زوجها بيير كوري ، والثانية في الكيمياء عام 1911 عن إكتشافها لعناصر جديدة وأبحاثها الرائدة في الكيمياء الإشعاعية. هذا الإنجاز جعلها رمزًا للمرأة العالمة والمثابرة ، وأثبتت أن التميز العلمي لا يعرف جنسًا ولا حدودًا .
إلى جانب إنجازاتها النظرية ، كان لماري كوري دور عملي عظيم في إنقاذ الأرواح .
و خلال الحرب العالمية الأولى ، عملت على تطوير وحدات متنقلة للتصوير بالأشعة السينية ، عُرفت باسم "السيارات الصغيرة"، والتي ساعدت الأطباء في تشخيص إصابات الجنود بدقة وسرعة ، مما ساهم في إنقاذ حياة آلاف الجنود .
لكن للأسف ، دفعها إخلاصها للعلم ثمنًا غاليًا ؛ فقد قضت سنوات طويلة وهي تتعامل مباشرة مع المواد المشعة دون وسائل وقاية كافية ، الأمر الذي تسبب في إصابتها بفقر الدم اللاتنسجي ، وهو المرض الذي أدى إلى وفاتها عام 1934.
ورغم ذلك ، بقيت إرثها وإنجازاتها خالدة ، ومصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء والباحثين .
قصة ماري كوري ليست مجرد سيرة عالمة متميزة ، بل هي شهادة على قوة الإرادة الإنسانية ، والإيمان بالعلم كوسيلة لفهم العالم وخدمة البشرية .
لقد كانت بحق رائدة في مجالها ، وكما قالت يومًا “في الحياة لا يوجد ما يُخشى ، بل هناك ما يجب فهمه”.
في الختام ، تظل ماري كوري مثالاً حيًّا على الإصرار والإبداع العلمي الذي تجاوز حدود الزمان والمكان. فقد أثبتت أن التفاني في طلب المعرفة يمكن أن يغيّر مجرى التاريخ ، وأن العلم رسالة نبيلة تخدم البشرية مهما كانت التضحيات.
وإن إنجازاتها الخالدة في الفيزياء والكيمياء ستظل مصدر إلهام للأجيال ، ودليلاً على أن الإرادة القوية قادرة على تحقيق المستحيل.