
معركة موهاج التاريخية / التاريخ العثماني

معركة موهاج 1526: انتصار الدولة العثمانية ونقطة تحول في أوروبا
مقدمة
تُعد معركة موهاج 1526م واحدة من أبرز المعارك في التاريخ الإسلامي والأوروبي. فقد جمعت بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني، ومملكة المجر بقيادة الملك لايوش الثاني. لم تكن هذه المواجهة مجرد صراع عسكري، بل شكلت نقطة تحول حاسمة غيرت موازين القوى في أوروبا ورسخت مكانة العثمانيين كقوة عظمى.
خلفية تاريخية
كانت مملكة المجر تمثل خط الدفاع الأمامي عن أوروبا في مواجهة التوسع العثماني. إلا أنها عانت من ضعف داخلي وخلافات بين النبلاء، مما جعلها غير قادرة على توحيد الصفوف. في المقابل، كان السلطان سليمان القانوني يسعى لتعزيز قوة الدولة العثمانية في أوروبا بعد أن نجح في فتح بلجراد عام 1521م، مما فتح الطريق أمامه للتوجه نحو قلب المجر.
استعدادات الدولة العثمانية للحرب
جهز السلطان سليمان القانوني جيشًا ضخمًا تجاوز 100 ألف مقاتل مزودين بالمدفعية الثقيلة والانكشارية وفرسان الفرسان السباهية. أما المجر، فلم يتمكن ملكها لايوش الثاني من حشد سوى 25 ألف جندي بسبب الانقسامات الداخلية وضعف الدعم الأوروبي. هذا التفاوت الكبير كان له دور حاسم في نتيجة المعركة.
سير معركة موهاج
في 29 أغسطس 1526م التقى الجيشان في سهل موهاج جنوب المجر. اعتمدت القوات المجرية على الهجوم المباشر لإرباك العثمانيين، لكن المدفعية الثقيلة أوقعت خسائر جسيمة في صفوفهم.
تقدمت قوات الانكشارية العثمانية وأحكمت الطوق على المجريين، فانهارت صفوفهم بسرعة. حاول الملك لايوش الثاني الهروب، لكنه غرق في النهر أثناء الانسحاب، لتنتهي المعركة خلال ساعات قليلة بانتصار ساحق للعثمانيين.
نتائج معركة موهاج
أدت هذه المواجهة إلى نتائج تاريخية غيّرت مسار الأحداث:
- سقوط مملكة المجر: أصبحت المجر ولاية عثمانية، بينما سيطر آل هابسبورغ على الأجزاء الشمالية والغربية.
- تعزيز مكانة العثمانيين: رفعت المعركة هيبة السلطان سليمان القانوني ورسخت نفوذ الدولة العثمانية في أوروبا.
- تغير موازين القوى: أصبحت فيينا الهدف التالي للعثمانيين، مما أدى إلى حصارها عام 1529م.
- تأثير ديني وسياسي: ساعد انشغال أوروبا بالخطر العثماني على انتشار حركة الإصلاح الديني بقيادة البروتستانت.
أهمية معركة موهاج في التاريخ
لم تكن معركة موهاج مجرد انتصار عسكري عابر، بل مثلت مرحلة فاصلة في التاريخ الأوروبي. فقد كشفت عن ضعف الوحدة الأوروبية أمام التنظيم العثماني القوي، وأكدت أن الانضباط العسكري والأسلحة الحديثة أكثر فاعلية من الأعداد الكبيرة وحدها.
كما جعلت أوروبا تدرك أن الدولة العثمانية ليست مجرد قوة إقليمية، بل إمبراطورية عالمية قادرة على تهديد عواصمها الكبرى.
خاتمة المعركة
تظل معركة موهاج 1526م من الأحداث التاريخية البارزة التي رسخت قوة الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني، وغيرت ملامح أوروبا لقرون طويلة. فهي معركة لم تحدد مصير المجر فقط، بل ساهمت في إعادة رسم الخريطة السياسية والدينية في القارة الأوروبية. كما أكدت أن التنظيم والانضباط والتفوق العسكري يمكن أن يصنعوا انتصارًا يخلد في صفحات التاريخ، ويظل مصدر إلهام للأجيال لفهم قيمة الوحدة والقيادة الحكيمة في صناعة المجد.