فاطمة الفهرية: مؤسسة أقدم جامعة في العالم

فاطمة الفهرية: مؤسسة أقدم جامعة في العالم

Rating 0 out of 5.
0 reviews

فاطمة الفهرية

حين نتحدث عن النهضة العلمية في العالم الإسلامي، قد يتبادر إلى الذهن أسماء علماء ومفكرين عظام، لكن قلما يُذكر دور النساء في هذا الإنجاز الحضاري. ومن بين أبرز النساء اللاتي تركن بصمة خالدة في التاريخ الإسلامي السيدة فاطمة الفهرية. هذه المرأة العظيمة أسست جامعة القرويين بمدينة فاس في المغرب عام 859م، لتصبح منارة للعلم، وواحدة من أقدم الجامعات المستمرة في العالم حتى اليوم.

نشأتها وحياتها المبكرة

وُلدت فاطمة الفهرية في مدينة القيروان بتونس في أوائل القرن التاسع الميلادي. تنحدر من أسرة غنية عُرفت بالصلاح وحب الخير. انتقلت مع أسرتها إلى المغرب، حيث استقرت بمدينة فاس. نشأت فاطمة في بيئة علمية ودينية، فتعلّمت القرآن والفقه، واكتسبت قيم العطاء والكرم من والدها الذي كان من رجال التجارة والفضل.

حلم بناء جامعة

بعد وفاة والدها، ورثت فاطمة وأختها ثروة كبيرة. لكنها لم تُغريها الأموال أو الحياة المترفة، بل كرّست مالها في سبيل الله وخدمة العلم. خطرت لها فكرة تأسيس مسجد جامع يكون مركزًا للعبادة والتعليم في آن واحد. وهكذا بدأت في بناء جامع القرويين، الذي سرعان ما أصبح جامعة تجمع العلماء وطلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

جامعة القرويين ودورها

لم يكن جامع القرويين مجرد مسجد للصلاة، بل تحول إلى مركز علمي عظيم. درست فيه علوم الشريعة، واللغة العربية، والفلك، والرياضيات، والطب، والفلسفة. وخرّج علماء بارزين كان لهم أثر عالمي مثل ابن خلدون، وابن رشد، وليونهارت أويلر بعد أن وصلت شهرته إلى أوروبا. وبهذا أصبحت فاطمة الفهرية سببًا في نشر العلم والثقافة الإسلامية لعصور طويلة.

مكانتها في التاريخ

تميزت فاطمة الفهرية بأنها جمعت بين التدين والبعد الإنساني، وبين حب العلم والسعي للتنمية المجتمعية. لم يكن مشروعها مخصصًا لفئة معينة، بل كان مفتوحًا للجميع، مما يعكس روح التسامح والانفتاح التي ميّزت الحضارة الإسلامية. وبفضلها، دخل اسم المرأة المسلمة التاريخ من أوسع أبوابه، كرمز للبناء والتجديد.

اعتراف عالمي

أدرجت منظمة اليونسكو وجامعة هارفارد وغيرها من المؤسسات العلمية جامعة القرويين كأقدم جامعة في العالم ما زالت تواصل رسالتها حتى اليوم. هذا الاعتراف لم يُبرز فقط قيمة المؤسسة، بل أيضًا دور فاطمة الفهرية كامرأة مسلمة سبقت عصرها في دعم العلم والمعرفة.

وفاتها وإرثها

عاشت فاطمة حياة بسيطة رغم غناها، وكرّست كل جهودها لبناء صرح علمي خالد. توفيت في القرن التاسع الميلادي، لكن اسمها ظل حاضرًا في ذاكرة الحضارة الإسلامية. إرثها لم يكن فقط في جامعة القرويين، بل أيضًا في الرسالة التي تركتها: أن المرأة قادرة على أن تكون رائدة في بناء المجتمع وصناعة التاريخ.

 

إن قصة فاطمة الفهرية تبرهن أن النساء كان لهن دور فعال في النهضة الإسلامية. فهي لم تكن مجرد متلقية للعلم، بل مؤسسة لصرح علمي عالمي. لذلك، تُعد فاطمة الفهرية مثالًا خالدًا على أن المرأة المسلمة قادرة على صناعة التغيير، وأن العطاء الحقيقي لا يُقاس بعمر الإنسان، بل بما يتركه من أثر خالد للأجيال القادمة.

image about فاطمة الفهرية: مؤسسة أقدم جامعة في العالم

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

7

followings

2

followings

1

similar articles
-