لعنة البيت المهجور

لعنة البيت المهجور

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

لعنة البيت المهجور 

 

image about لعنة البيت المهجور

البيت المهجور 

في إحدى القرى النائية، كان هناك بيت قديم مهجور يلفه الغموض من كل جانب. جدرانه متشققة، نوافذه محطمة، وأبوابه تصدر صريراً مخيفاً عند هبوب الرياح. كان أهل القرية يتجنبون الاقتراب منه، ويقولون إن الجن اتخذوه مأوى لهم منذ سنوات طويلة.

ذات ليلة، اجتمع أربعة أصدقاء شباب في المقهى القريب، يتبادلون الأحاديث والضحكات. كان "سامي" الأكثر جرأة بينهم، فاقترح:
ـ "ما رأيكم أن ندخل البيت المهجور الليلة؟ لنثبت للجميع أن تلك مجرد خرافات."

تردد الثلاثة الآخرون، لكن فضولهم تغلّب على خوفهم. ومع منتصف الليل، اتجهوا نحو البيت. كان القمر محجوباً بالغيوم، والجو يزداد برودة، وكأن الطبيعة نفسها تحذرهم من الاستمرار.

دفع سامي الباب الخشبي المتهالك فصدر صرير طويل جعل قلوبهم ترتجف. دخلوا ومعهم مصابيح صغيرة، لتكشف لهم عن غبار كثيف، وأثاث مكسور متناثر في أرجاء المكان. الهواء كان ثقيلاً، وكأن أنفاساً غير مرئية تتنفس معهم.

بينما كانوا يتفحصون الغرف، همس "خالد":
ـ "هل سمعتم ذلك؟"
توقف الجميع. من أعماق البيت، كان هناك صوت خافت أشبه بالأنين. حاولوا إقناع أنفسهم أنها مجرد أوهام، لكن الأنين تكرر، أوضح هذه المرة، قادماً من القبو.

رغم ارتجاف أقدامهم، قرروا النزول. كان الدرج مظلماً، تفوح منه رائحة عفن غريبة. ومع كل خطوة، كانت أصوات الهمسات تزداد وضوحاً. وحين وصلوا أسفل القبو، رأوا شيئاً جعل الدم يتجمد في عروقهم: دوائر مرسومة بالدم على الأرض، ووسطها شموع مطفأة.

فجأة، انطفأت مصابيحهم جميعاً في وقت واحد، وغرقوا في ظلام دامس. تعالت الضحكات في أرجاء القبو، ضحكات حادة تنبعث من كل اتجاه. صرخ "حسن":
ـ "من هناك؟!"
لكن لم يأتِ أي رد، سوى تلك الضحكات التي تحولت إلى صرخات مخيفة.

شعر "مروان" بيد باردة تمسك كتفه بقوة، ولما استدار لم يجد شيئاً. ارتجف جسده وهو يلهث:
ـ "لقد… لقد لمسني أحدهم!"

وبينما هم يحاولون الصعود هرباً، انغلق باب القبو بقوة، وكأن قوة خفية دفعته. ارتطمت قلوبهم بجدران صدورهم، وأدركوا أنهم محاصرون.

من الظلام، بدأت عيون حمراء تتوهج واحدة تلو الأخرى، حتى امتلأ المكان بعشرات الأزواج من العيون، تحدق بهم بصمت رهيب. ارتفعت همسات غامضة بلغة غير مفهومة، تبعتها أصوات نحيب وصراخ أطفال.

سقط "خالد" مغشياً عليه من شدة الخوف، فيما حاول الثلاثة الآخرون حمله والبحث عن مخرج. وبينما كانوا يجرونه، ظهر أمامهم كائن طويل القامة، بلا ملامح واضحة، مجرد ظل كثيف يتماوج. رفع يده الطويلة مشيراً إليهم، فشعروا وكأن أجسادهم تجمدت في مكانها، غير قادرين على الحركة.

صرخ "سامي" بكل قوته، يقرأ ما يحفظ من آيات، لكن صوته كان يرتد صداه باهتاً، وكأن المكان يبتلع الكلمات. فجأة، انطفأت العيون الحمراء، وعم الصمت القبو. ثم فُتح الباب من تلقاء نفسه، وكأن شيئاً ما سمح لهم بالمغادرة.

جرّوا "خالد" بأقصى سرعة، وركضوا خارج البيت حتى ابتعدوا عنه أميالاً. جلسوا يلهثون تحت شجرة كبيرة، أجسادهم ترتجف، ووجوههم شاحبة.

قال "مروان" بصوت مرتعش:
ـ "ذلك لم يكن وهماً… ما رأيناه هناك حقيقي."
أومأ سامي برأسه، وقد بدا الندم واضحاً في عينيه:
ـ "لن أقترب من ذلك البيت ثانية، وليحترق فضولي إلى الأبد."

ومنذ تلك الليلة، لم يجرؤ أي منهم على العودة. لكن الغريب أن "خالد" لم يستفق أبداً من غيبوبته، وظل جسده حياً لكن روحه وكأنها محتجزة في مكان آخر.

أما البيت، فقد ظل قائماً، يزداد رعباً كلما مرّت الأعوام، كأنه يترقب ضحايا جدداً يخطون بجهل إلى أحضانه المظلمة.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة
-