قصة البيت رقم 9 ( قصة معبرة ومؤثرة )
🌙 عنوان القصة : بيت رقم 9

في إحدى الحارات القديمة، كان في بيت غريب معروف بين الناس باسم بيت رقم 9 .
بيت ضخم وقديم جدرانه مشققة، ونوافذه مغطاة بالغبار، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منه بعد الغروب.
الناس كلها كانت بتقول إن فيه أرواح بتسكنه ، وإن اللي يدخل ما بيخرجش زي الأول.
في يوم من الأيام، انتقلت هالة وابنها آدم إلى نفس الحارة.
آدم كان عنده 11 سنة، ولد ذكي وفضولي جدًا، بيحب يكتشف كل حاجة بنفسه.
قالت له أمه وهي بتنظم البيت:
“بص يا آدم، الحارة هنا ناسها طيبين، بس ما تقربش من البيت الكبير اللي آخر الشارع. بيقولوا إنه بيت فيه حاجات غريبة، وأنا مش عايزة مشاكل من أول يوم.”
ضحك آدم وقال:
“حاضر يا ماما، أنا مش بخاف من الحكايات دي، دي مجرد أوهام.”
نزل بعدها يلعب مع أولاد الحارة، وهناك سمعهم بيتكلموا عن نفس البيت.
واحد اسمه يوسف قال:
“الكورة بتاعتنا وقعت جوه امبارح، وما حدش رضي يدخل يجيبها. فاكرين لما كريم دخل؟ خرج بيعيط ووشه أبيض زي الورقة! قال إن سمع صوت بنت صغيرة بتعيط جوه!”
آدم رفع حاجبه وقال بسخرية:
“بنت صغيرة؟ أكيد خياله! يمكن البيت قديم فبيطلع أصوات عادية.”
رد عليه يوسف وهو خايف:
“أنت حر يا آدم، بس لو كورتنا وقعت تاني جوه، محدش يدخل.”
وفعلاً، بعد نص ساعة من اللعب، الكورة اتدحرجت قدام باب بيت رقم 9 …
كل العيال جريت بعيد، لكن آدم وقف مكانه.
قال لهم متحديًا:
“أنا هدخل أجيبها. مفيش حاجة اسمها بيت مسكون، دي خرافات.”
صرخوا كلهم:
“آدم! لاااااا! متدخلش!”
لكنه دخل…
وأول ما خطى جوه، الباب اتقفل وراه بصوت تقيل كأنه أنين!
البيت كان ريحته عتيقة، وضلمة خانقة، لكن نور خفيف كان بيخرج من آخر الممر.
سمع صوت بنت رقيقة بتقول:
“ليه دخلت؟ محدش بيدخل هنا غير اللي ضاع…”
تلفت آدم حوالينه وقال بخوف:
“مين؟ انتي فين؟”
ظهر قدامه **شبح بنت صغيرة** لابسة فستان أبيض قديم، وشعرها نازل على وشها.
لكن لما قرب منها، شاف إن وشها مش مرعب زي ما تخيل… بالعكس، **كان حزين جدًا**.
قال لها:
“انتي بتعيطي ليه؟”
قالت وهي تبصله بدموع:
“لأنهم قالوا إني غريبة، وإن وشّي يخوف… محدش كان بيلعب معايا. بعدين اختفيت، والناس نسيتني، وقالوا البيت فيه روح شريرة. بس أنا كنت لوحدي…”
اتنهد آدم وقال بحزن:
“يعني محدش شافك غير كده؟ الناس ظلموك، زي ما بيظلموا أي حد مختلف.”
البنت قربت منه وقالت:
“كان اسمي ليلى، ومكانتش روحي عايزة تأذي حد، كنت بس عايزة أفتكر إن في حد ممكن يكلمني.”
آدم قال لها بابتسامة خفيفة:
“أنا كلمتك، وهاقول للكل إنك مش روح شريرة، انتي مجرد بنت طيبة ظلمها الخوف.”
فجأة النور في البيت رجع، وصوت ضحك خفيف ملأ المكان.
وقالت ليلى:
“شكراً يا آدم… دلوقتي أقدر أروح بسلام.”
وفجأة اختفت!
الباب اتفتح لوحده، وآدم خرج وهو ماسك الكورة.
العيال اتلموا حواليه مرعوبين:
“ايه اللي حصل؟!”
قال لهم آدم بهدوء:
“اللي جوه مش شبح… دي بنت كانت هنا من زمان، الناس خافوا منها فاختفت. الخوف هو اللي صنع الحكاية دي.”
يوسف قال وهو حزين:
“يعني احنا اللي ظلمناها؟”
رد آدم:
“أيوه… وكل مرة هنخاف من حد شكله مختلف أو تصرفه مش زيّنا، هنعيد نفس الغلط.”
من بعدها، بقى الأطفال يروحوا قدام **بيت رقم 9** كل يوم، يلعبوا هناك، ويضحكوا.
والبيت اللي كان بيخوف بقى مليان صوت حياة وضحك أطفال.
وفي يوم، أمه سألته:
“انت فعلاً دخلت البيت ده؟”
قال آدم:
“أيوه يا ماما… ودلوقتي خلاص، مفيش حاجة اسمها بيت مسكون، في حاجة اسمها قلوب مسكونة بالخوف.”
ابتسمت وقالت:
“فعلاً يا ابني، اللي بيخاف من المختلف هو اللي بيعيش في ظلمة حقيقية.”
---
💡 العِبرة من القصة :
مش كل بيت مظلم بيخوف، أحيانًا الظلمة بتكون جوه قلوبنا لما نحكم على الناس من غير ما نعرفهم.
التنمّر مش بس كلام… التنمّر ممكن يسجن روح بريئة مدى الحياة.