مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

تقييم 5 من 5.
2 المراجعات

 

 

متي ولد واين نشأ؟

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

ولد مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ في 27 ديسمبر/كانون الأول 1921 في شبين الكوم بمحافظة المنوفية بمصر.وكان يطلق على عائلته لقب الأشراف، وذلك لانتسابهم لآل بيت رسول، صلى الله عليه وسلم، حيث يرجع نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.كان الأصغر بين إخوته في أسرة من الطبقة المتوسطة في محافظة المنوفية، ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة طنطا حيث كان والده يعمل موظفا حكوميا، وسكنوا جوار مسجد السيد البدوي الذي يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة في مصر، مما ترك في نفسه أثرا واضحا ظهر في توجهاته وأفكاره.كان والده كثير القراءة محبا للعلم، مجيدا للغة الفرنسية، يميل إلى المُثل العليا النبيلة والكمال الخلقي، بسيطا محبا للخير والرحمة، ومنه تعلم مصطفى حب القراءة والعلم وتعلقه بالكتب، وتربى على الأخلاق الفاضلة والزهد والتواضع.

حياته الزوجية:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

مر خلال حياته بتجارب زواج انتهت بالفشل والانفصال، فزواجه الأول كان عام 1962 وانتهى بالانفصال عام 1973، وأنجب منه ولديه، أدهم وأمل، وقد جدد التجربة عام 1983 فارتبط بالسيدة زينب حمدي، ولكن تلك التجربة كسابقتها انتهت بالطلاق عام 1987، ولم يرتبط بعد ذلك واستقر في جناح صغير لا يزيد على 80 مترا في مسجده بالمركز الإسلامي.ويُرجع مصطفى محمود السبب في ذلك إلى اختلاف الطباع، بالإضافة إلى ميله للعزلة والانطواء، الأمر الذي قد لا يستطيع الطرف الآخر تفهمه وقبوله.

الدراسة والتكوين العلمي:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

بدأ في طلب العلم صغيرا، فقد التحق بالكتّاب في عمر لا يتجاوز الرابعة، إلا أنه لم يستطع الاستمرار، بسبب خوفه من الضرب الذي كان شائعا، والذي كان معاكسا لجو أسرته الوديعة المسالمة المليئة باللين، فكان يهرب ويجلس على سور حديقة حتى تنتهي ساعات الدراسة، ثم يعود إلى البيت.ثم التحق بمدرسة "الشوكي"، حيث حفظ كثيرا من القرآن الكريم، ودرس اللغة العربية والحساب، ولكن ظهور العصا مرة أخرى منعه من التقدم في التحصيل العلمي، ودخل في صراع حاد ومرحلة من الرسوب استمرت 3 سنوات كي يتأقلم مع جو العنف ثم انتهت بنجاحه متجاوزا هذه الفترة متغلبا على خوفه.وقد أظهر بعد هذه المرحلة تفوقا شديدا، وبدأت مواهبه تظهر، وأصبح متعلقا بجو الصوفية والموالد والأذكار والموسيقى المرافقة لها والناي، وبرزت لديه القدرة على ارتجال الحكايات وقص القصص على أقرانه، كما أطل في الأفق حبه للأسفار والارتحال، فاشترى ملابس كشافة، وكان منذ صغره يخرج للتخييم في مناطق قريبة.ارتاد مدرسة طنطا الحكومية لإكمال دراسته الثانوية، وفي هذه المرحلة بدأت مواهبه الأدبية والشعرية بالتفتح، حيث كان يكتب القصص القصيرة والشعر والزجل، وبدأ بالعزف على الناي، كما أظهر ولعا شديدا بالعلوم والتجارب العلمية، فكان يجمع مصروفه اليومي ليشتري مواد كيميائية، ويقوم بتجاربه الخاصة.وكان يتمنى أن يصبح رحالة أو موسيقارا أو عالما أو مخترعا أو بطلا من أبطال التاريخ، وكان يجمع بين كل هذه المواهب مشغولا بها عن أحوال الدنيا كلها.التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، وزاد تعلقه بالعلوم وتطور إلى درجة قيامه بإنشاء معمل صغير في عام 1939 في منزل والده، فكان يصنع الصابون والعطور، ويقوم بتشريح الضفادع، ويستخدم الكلور في قتل الحشرات.

وأغرق نفسه في التجارب المتعلقة بالكهرباء والبطاريات، كما قام بتنفيذ اختراعات لأجهزة مع صديق له، كجهاز التقطير والميكروفون وجهاز لقياس النبض، فكان يصمم الجهاز وصديقه يقوم بتنفيذه باستخدام مواد بسيطة.وقد اشتهر بين زملائه بلقب "المشرحجي"، نظرا لاهتمامه الشديد بتشريح جثث الموتى، وقد اشترى نصف جسد ودماغا ووضعها بالفورمالين لحفظها وعكف على دراستها في البيت، مما أدى إلى تحسسه من رائحة الفورمالين وإصابة جهازه التنفسي بالضرر.وبقيت ميوله الموسيقية مرافقة لرحلته الدراسية، فتعلم في هذه الأثناء العزف على العود، وتعلم النوتات الموسيقية، وكان يشارك في الأفراح والحفلات، ولما رفضت عائلته هذه البيئة ترك المنزل وبدأ عمله في صحيفة "النداء" ليكسب رزقه.أصيب بمرض في صدره في السنة الثالثة من دراسته الجامعية، مما اضطره إلى ترك العمل والدراسة والمكوث في مصحة لمدة 3 سنوات، هذه العزلة سلمته للقراءة والتفكير والتأمل، مما أثر في تكوينه الفكري، وبدأ بكتابة القصة القصيرة.وبعد أن تعافى عاد من جديد إلى مقاعد الدراسة، والتي بدت له بعد هذه السنوات الثلاث قاسية وتحتاج إلى مجهود مضن، وكان أصدقاؤه قد تخرجوا وتركوا الجامعة، فركز على دراسته حتى استطاع أن يتخرج من كلية الطب – تخصص أمراض صدرية عام 1953.ولكنه بقي متعلقا بالأدب، فكان ينشر بين الحين والآخر في الصحف والمجلات بعضا من مقالاته وتأملاته وقصصه القصيرة.

فلنقرأ كل ما يصل إلى أيدينا بحذر وبعقل ناقد ، فما أكثر ما يدس لنا من سموم يراد بها هلاكنا .

برنامج العلم و الإيمان:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

كما كان كاتباً فذاً، مصطفى كان أيضاً شخص لطيف سهل الإستماع له فقرر أن ينشأ برنامج تليفزيوني يقدم فيه المادة العلمية بطريقةٍ بسيطة مربوطة بالدين و بالخالق فكان برنامح العلم و الإيمان:بدأت فكرة المشروع تصبحُ واقعاً عندما تقدم مصطفى بالفكرة إلى التليفزيون المصري حيث رصدوا له مبلغً و قدرُهُ 30 جنيه وهو طبعاً أمر بقمة السُخف (في ذلك الوقت = ١٢$) ولكن بفضل الله تعالى تم الأمر أن رجل أعمال ما مجهول الهوية سمع بالأمر و أعجبته الفكرة و قرر أن ينتج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح فيما بعد واحد من أشهر البرامج التلفزيونية و أوسعها إنتشاراً و لازال كل من شاهد يذكر موسيقى الناي في المقدمة الحزينة و كلمة مصطفى الشهيرة: "يا أهلاً بِكم!"
واجهت البرنامج أزمة في عام 1976 بسبب نفاد الأفلام التي حصلوا عليها من سفارات الدول الغربية، وسافر مصطفى لإحضار شرائط جديدة، اشتراها بـ 15 ألف دولار، وبعد عودته كانت 'تماضر توفيق' تولت منصب رئيسة التليفزيون، ورفضت إعطاءه المبلغ، وهنا تدخل 'رياض العريان' صاحب إحدى شركات القطاع الخاص، وسدد المبلغ، وتبني البرنامج، مقابل 300 جنيه للحلقة، وهو أعلى مبلغ حصل عليه محمود من برنامجه، وفقا 'لعكاشة' المخرج صديق مصطفى، وبدأوا تسجيل الحلقات في تونس واليونان، ثم لندن في عام 1980.
طلب محمود من الموسيقار الراحل 'محمد عبد الوهاب' تأليف مقطوعة موسيقية للبرنامج من إهدائه، إلا أنها كانت 'موسيقى راقصة'، اعترض عليها محمود، وطلب من 'محمود عفت' مقطوعة أخرى باستخدام 'الناي'، وأخبر عبد الوهاب بأن مخرج البرنامج 'أضاع اللحن'، وهو ما أثار غضبه، وكاد يشكو عكاشة إلى وزير الإعلام وقتها.في عام 1995 طلب وزير الإعلام إعداد 30 حلقة من البرنامج حققت 5 ملايين دولار للقطاع الاقتصادي، وحقق 10 ملايين دولار في 1997، إلى أن منع التليفزيون عرض 4 حلقات، كانت تتضمن مواد من إنتاج 'B.B.C'، عن 'مفاعل ديمونة الإسرائيلي'، وأخرى عن 'حرب المياه' والتطلعات الأمريكية والإسرائيلية في هذا الشأن، في حين أذاعت قنوات فضائية عربية الحلقات الممنوعة. على مدة ثمانٍ و عشرين سنة و حوالي ٤٠٠ حلقة أسبوعية قدم مصطفى برنامجه الذي كان هدفه هو ربط الدين بالعلم على عكس الفكر الشائع بأن الدين في واد و العلم في واد، حيث قام الدكتور بجلب مقاطع فيديو و قام بترجمتها و بالتعليق عليها و بتبسيط المعلومات لكي يفهمها أكبر عدد ممكن من الناس. للأسف، صدر قرار من الرئاسة المصر‎ية بإيقاف بث البرنامج بسبب ضغوط سياسية و لعلى السبب أن عدد من الحلقات كانت حول الكيان الصهيوني و ما إلى هناك.

مصطفى محمود و الكيان الصهيوني:

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

مركزت جهود مصطفى محمود حول توضيح خطر الصهيونية ، ووظف لها -فضلا عن مقالاته- 9 كتب أصدرها خلال حقبة التسعينيات، تتضمن أطروحاته الفلسفية تجاه جذور الخطر وحاضره ومآلاته. ولعل هذا المجهود الفكري من جانب مصطفى محمود هو ما دفع أسرته وعددا من متتبعي سيرته لاتهام إسرائيل بالوقوف وراء منع صاحب "العلم والإيمان" من استكمال برنامجه الشهير بالتلفزيون المصري، فضلا عن حظر مقالاته في الصحف، ففي كتابه "إسرائيل البداية والنهاية"، يقول مصطفى محمود إن "إسرائيل تتصرف وكأنها تتعامل مع أصفار، وتتوسع وكأنها تمرح في فراغ، وهذا الغياب للموقف العربي سوف تكون له عواقب وخيمة". وأمام هذا التهاون أو الهوان العربي كان ضروريا أن يحذر المفكر المصري من مآلات السلام الذي يسعى إليه الكيان الصهيوني، ففي كتابه "على حافة الانتحار" رأى أن إسرائيل ليست لديها نية جادة للسلام بقدر ما هي راغبة في تطويع وقبول من الطرف العربي لسلام من طرف واحد.

ويستدل محمود على رأيه بأن تل أبيب بقياداتها السياسية وزعاماتها الدينية تزرع المزيد من الكراهية ضد العرب، كما أن آلتها العسكرية تتوسع باستمرار على حساب شعب فلسطين، فضلا عن أنها ما زالت تطور أسلحتها الذرية والبيولوجية والكيميائية وتضعها على حدود مصر ولا تدخر جهدا في المساهمة في تدمير الاقتصاد المصري. لذلك طالب الكاتب بأن تعي الدول العربية ما يُحاك لها من قبل الاستيطان الصهيوني، وأن تحذر في تعاملها مع السلام الذي يُطلب منها اللحاق به، وهو ما يحتاج الاستقلال العسكري والاقتصادي. ويزيد مصطفى محمود من التحذير في كتابه "إسرائيل النازية ولغة المحرقة"، قائلا "انظروا إليهم كيف يتفاوضون مع العرب ويحسِبون نصيبهم من الأرض بالمتر والسنتيمتر ونصيبهم من الماء فوق الأرض وتحت الأرض وفي جوف الأرض، ويريدون الحفر في الماضي والحفر في الحاضر والحفر في دماغنا ولا نهاية لمطالبهم". ولخص صاحب العلم والإيمان رؤيته للسلام بين العرب مع الكيان الصهيوني، بأنه عقد إذعان أكثر منه اتفاقا وتراضيا، وبأنه طريق مرصوف بالجحيم.

وعبر سلسلة الكتب التي تناولت الخطر الإسرائيلي، تطرّق مصطفى محمود إلى كثير من الخطط الصهيونية، ومنها تشويه الإسلام عبر استخدام ودعم من سماهم إسلاميين متطرفين لتدمير الحضارة الإسلامية من الداخل، داعيا في ذلك إلى ضرورة أن يتعامل المسلمون مع المعطيات الجديدة للعصر ونقد الموروث القديم. وأضاف أن إسرائيل تخطط للتحكم في منابع النيل عن طريق السيطرة على منطقة البحيرات الكبرى، وإثارة الحروب والفتن الطائفية والعنصرية بين نصارى الجنوب ومسلمي الشمال في السودان المنكوب بالتآمر من كل بلاد الجوار الأفريقي.
بالإضافة لعلاقات إسرائيل بالحبشة وإريتريا وتسليحها للإثنين وإمدادهما بالمعدات العسكرية أمور لها مقابل، وبوابة البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي وجزر البحر الأحمر، كلها محطات إستراتيجية تقع تحت رقابة وأطماع العين الإسرائيلية طول الوقت".وقال أدهم نجل الدكتور مصطفى محمود، إن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك منع مقالات والده من النشر منتصف تسعينيات القرن الماضي.

إن إسرائيل تصنع من العرب الودعاء المستسلمين أبطالاً دون أن تدري !

مرحلة الشك و اليقين:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

كان في بداياته الفكرية مبهورا بالعلم وحقائقه الملموسة، وكان يرى أن العلم يقدم له صورة عن الكون بالغة الإحكام والانضباط، ويمده بوسيلة يتصور بها الله بصورة مادية، وكان يتصور أن الله هو الطاقة الباطنة في الكون، التي تنظمه في منظومات جميلة من أحياء وجمادات وأرض وسماوات، وأصبح يرى أن الله في هذه النظرة هو الكل والمخلوقات تجلياته.

وهنا وقع في براثن نظرية وحدة الوجود ونظرية الطاقة الباطنة الخلاقة، وسيطرت عليه فكرة التناسخ، ويقول إن هذه المرحلة كانت مرحلة في الطريق الحق إلى الله، ويؤكد أنه لم يكن يوما ملحدا، ولم يشك في الحقيقة الإلهية أو وحدانية الله، ولكنها رحلة النظر والتطور التي هي من طبع المفكر، وهو الشك المؤدي للإيمان لا للعناد والجحود.

وفي هذه المرحلة التي أطلق عليها اسم المرحلة العلمانية، حاول في كتاباته أن يصور المجتمع من منظور واقعي صرف، وكان موقفه من المسلمات الدينية هو موقف الشك والمناقشة، وظهر هذا المنحى في كتاباته منذ بداياته الأدبية.

وبدأت الخطوة الأولى الحقيقية في حياته كأديب بعد العزلة التي قضاها في المصحة في سنواته الأخيرة من الجامعة، فقد كانت عبارة عن فرصة إجبارية للقراءة والتأمل والتفكر، وجعلته يغرق في السماوات الداخلية، ونمت لديه عين داخلية قادرة على الاستشفاف والوصول إلى أفكار كبيرة، وقد أدت هذه المحن إلى إعادة صياغة شخصيته كمفكر.

فبعد خروجه من المصحة قدم 30 قصة للعقّاد، والذي قدمها بدوره للزيات، فقام بنشر قصتين منها في "مجلة الرسالة" عام 1948، كما تعرف بعد ذلك على كامل الشناوي، الذي أتاح له المجال للكتابة في "أخبار اليوم".

وفور تخرجه من كلية الطب، عمل في عدد من المستوصفات والمستشفيات كالعباسية والجيزة، ثم انتقل بعدها للعمل في مصحة "ألماظة" التي تقع في منطقة نائية في الصحراء، وتشكل بيئة غارقة في الهدوء والسكون، مما يتيح مجالا خصبا للتأمل، وكانت تلك الظروف داعية إلى إثارة الأديب والمفكر والفيلسوف الكامن بداخله.

وفي هذه الأثناء، بدأ يكتب في "مجلة التحرير"، وتعرف على نخبة من الأطباء والأدباء كيوسف إدريس وإحسان عبد القدوس، وثروت عكاشة الذي رشحه للعمل في مجلة روز اليوسف، وقد وافق إشباعا لرغبته في الكتابة والتأليف.

وبدأ يكتب بانتظام وأصدر مجموعة من كتبه في الفترة بين عام 1954 و1958 تمثل هذا الفكر المتشكك، فصدر له كتاب "الله والإنسان" وبعض مجموعات القصص القصيرة مثل "عنبر 7″ و"أكل عيش".

ومع مرور السنوات في ممارسته العمل كطبيب بدأت وقفته أمام الموت تكسر غروره العلمي، وبدا له عجز الفكر العلمي المادي عن تقديم تفسير مقنع في فهم لغز الموت ولغز الحياة، ومنذ عام 1958 إلى بداية الستينيات بدأ يعيد النظر في توجهه الفكري المادي، وكان كتاب "لغز الموت" بداية الطريق.

التحق للعمل كطبيب في مستوصف "أم المصريين" للأمراض الصدرية في مصر القديمة لسنتين، وأثناء مراجعته مع المدير نتائج عملهم لعام منصرم وجد أن المرضى الذين يتعالجون يرجعون في السنة التالية يشكون من نفس الأعراض، ومن هنا بدأ يشعر أن عمله لا يعبر عن طموحه الحقيقي كطبيب.وهكذا جاءت مرحلة التحول الكامل إلى اليقين في الفترة ما بين عام 1970 و2009، فتوالت كتاباته في الإسلاميات مثل كتاب "القرآن محاولة لفهم عصري"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان" و"حوار مع صديقي الملحد".

وفى هذه المرحلة، اتخذ موقفا صريحا مناهضا ومضادا للفكر الماركسي والفكر الشيوعي، وظهر هذا التوجه في كتب عديدة منها "لماذا رفضت الماركسية؟" و"أكذوبة اليسار الإسلامي" و"سقوط اليسار"، كما ناقش كل ألوان الغزو الفكري من وجودية وعبثية وفوضوية، إلى مذاهب الرفض والتمرد واللامعقول.

وبعد تعرضه لهبوط شديد في كريات الدم البيضاء بسبب تعرضه للأشعة أثناء فحص المرضى، اضطر إلى أخذ إجازة شهرين للتعافي، وفي هذه الإجازة أعاد النظر في عمله كطبيب، وكان محبطا من عدم قدرة الطب على علاج البشر علاجا حقيقيا، فقدم استقالته عام 1960 وتفرغ للكتابة، وبدأ من هنا الكاتب الأديب المتفرغ.

فسمح له التفرغ فرصة للسفر والترحال ومحاولة استكشاف الحقيقة، ففي عام 1962 سافر إلى الغابات الاستوائية، ثم رحل إلى قلب الصحراء الكبرى، وكانت ثمرة هاتين الرحلتين كتابي "الغابة" و"مغامرة في الصحراء".

كما كتب في هذه الفترة بعضا من أدب الرواية العلمية كرواية "العنكبوت" و"رجل تحت الصفر" ودراسات علمية مثل "آينشتاين والنسبية".

وفى أواخر الستينيات من القرن الماضي دخل عالم الأديان في رحلة طويلة بدأت بالديانات الهندية، ثم البوذية والزرادشتية والنيوصوفية ثم اليهودية والمسيحية والإسلام، وانتهى إلى شاطئ القرآن الكريم ليجد كل ما كان يبحث عنه من مشاكل أزلية.

وهكذا جاءت مرحلة التحول الكامل إلى اليقين في الفترة ما بين عام 1970 و2009، فتوالت كتاباته في الإسلاميات مثل كتاب "القرآن محاولة لفهم عصري"، و"رحلتي من الشك إلى الإيمان" و"حوار مع صديقي الملحد".

وفى هذه المرحلة، اتخذ موقفا صريحا مناهضا ومضادا للفكر الماركسي والفكر الشيوعي، وظهر هذا التوجه في كتب عديدة منها "لماذا رفضت الماركسية؟" و"أكذوبة اليسار الإسلامي" و"سقوط اليسار"، كما ناقش كل ألوان الغزو الفكري من وجودية وعبثية وفوضوية، إلى مذاهب الرفض والتمرد واللامعقول.

اعلم أن الحياة لا تصلح بغير صلاة, وأن صلاتك لا تكون نافعة، إلا حينما تنسى أنك تصلي، وتتوجه بكليتك إلى روح الوجود في صرخة استنجاد واستغاثة ودهشة وإعجاب وحب وابتهال مأخوذ

انا ارى الان في يقين ان الله موجود بل هو الحقيقة الوحيدة التي غابت عنا جميعا في غرور التقدم المادي ولا امل لي في النجاة ..الا بالمغفرة

رفضه للمناصب:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

عرض عليه الرئيس الأسبق أنور السادات أن يختار منصب وزير الثقافة أو وزير الأوقاف لكنه رفض، وقال أنا أعاني من السلطة منذ 20 عاما فكيف أدخل اللعبة، ثم عَرض عليه أن يكون رئيسا لمجلس إدارة دار الهلال، ومستشارا له فرفض أيضا.

العمل الخيري:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

أراد مصطفى محمود تجسيد الأفكار والمعاني التي قدمها عبر سنوات طويلة من التأليف والتقديم التلفزيوني، وكان حلمه تأسيس شيء عملي يستطيع من خلاله ترك أثر واقعي في حياة الناس.

ولتحقيق هذا الحلم كرس حياته بدءا من عام 1970 وحتى وفاته للأعمال الخيرية، فقام وعلى نفقته الخاصة ببناء مسجد كبير سماه على اسم والده "مسجد محمود" -لكنه اشتهر باسم مسجد مصطفى محمود- ثم ألحق به مستشفى خيريا متخصصا.

كما بنى مركزا طبيا أسماه الكوثر، إلى جانب إنشائه جمعية تتضمن العديد من المراكز الطبية، ومراكز البحث المتخصصة بالطب البديل، والعلاج الطبيعي، كما تحتوي على 4 مراصد فلكية، ومتحف للجيولوجيا.

وبلغ عدد المراكز التي تضمها المؤسسة 6 مراكز طبية كبرى، أصبحت تستقبل يوميا آلاف المرضى في شتى التخصصات، مع إجراء 60 عملية جراحية مجانية يوميا، وتصل هذه الإمدادات إلى القرى النائية في مصر، وقد سماها بقوافل الشتاء والصيف.

المؤلّفات:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

تنوّعت مؤلّفات الدكتور مصطفى محمود التي تزيد عن تسع وثمانين مؤلّفاً، منها: كتب سياسية، وعلمية، وفلسفيّة، ودينية، ومسرحيات، وروايات، وجميعها تتّصف بالعمق والبساطة في آن واحد، فيما يلي بعض أشهر مؤلّفاته:-

-رحلتي من الشك إلى الايمان: ألّف هذا الكتاب سنة 1970م، وفيه تناول العديد من التساؤلات والمواضيع الفكرية التي تتعلق بخلق الجسد، والإنسان، والعقل. حوار مع صديقي الملحد: ألّف هذا الكتاب سنة 1986م، حيث وضع فيه ردّاً على كلّ أسئلة الملحدين التي تتعلّق بالدين الإسلامي. أينشتاين والنسبية: عرض في هذا الكتاب النظرية النسبية لأينشتاين بطريقة سهلة حتى يوصلها إلى عامّة الناس، فهو يرى بأنّه لا بدّ من نشر -العلم بين عامّة الناس، وألّا يقتصر نشره بين العلماء فحسب. الإسلام ما هو؟: يتناول في هذا الكتاب علاقة الإنسان بالإسلام، وكيفية تأثير الصلاة، وقراءة القرآن بخشوع على أفعال المسلم، فيجعل القارئ -يتعمق في الدين الإسلامي بسهولة ومتعة. لغز الموت: صدر هذا الكتاب لأوّل مرة سنة 1999م، وقد تحدّث فيه عن الحياة، والموت بأسلوب فلسفي مبسّط، فهو يرى بأن الإنسان يموت كل يوم، من خلال موت الملايين من خلاياه في جسمه دون أن يشعر بها، ويطلق على ذلك اسم الموت الأصغر، وقد قسّم الكتاب لأربعة فصول هي: اللغز، والخيط، والزمن، والروح.

الوفاة:-

image about مصطفي محمود....فيلسوف وطبيب وكاتب مصري

أصيب بجلطة في آخر أيام حياته، واستمرت رحلة علاجه عدة أشهر، حتى وافته المنية يوم السبت 31 أكتوبر/تشرين الأول 2009 في مدينة القاهرة بمصر، عن عمر ناهز 88 عاما، وشيع جثمانه من مسجده في جنازة مهيبة.

 



 

 


 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Habiba Salama تقييم 5 من 5.
المقالات

7

متابعهم

13

متابعهم

12

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.