سننموت: مهندس الدير البحري وركيزة حكم الملكة حتشبسوت
المعماري المصري القديم سننموت

سننموت شخصية مؤثرة في الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة. كان مهندسًا معماريًا ومسؤولًا رفيعًا، وظلت حياته تجمع بين العظمة والغموض. يعني اسمه "أخو الأم"، وهو ما يدل على مكانته الفريدة في التاريخ. وعلى الرغم من أصله غير الملكي، برز سننموت خلال عهد الملكة حتشبسوت، تاركًا أثرًا لا يُمحى في التاريخ المعماري لمصر القديمة.
الأسرة والخلفية

الصورة في الاعلي "رعموسى" (يسار), سننموت (في الوسط) و "حاتنوفر" (يمين) على باب زائف في مقبرة سننموت TT353
وُلد سننموت لوالدين من عامة الناس، هما رع موس وحات نورو (من أرمنت في مصر العليا). جاء سننموت من أصول متواضعة، وكانت عائلته تضم الإخوة: أمنمحات، منحو، وبوير، بالإضافة إلى شقيقتين: إي حور ونفر نفر.
ذُكر سننموت بشكل واضح في مقبرة العائلة.
تشمل الأدلة الأثرية مقبرة سلِكمية لوالديه، التي اكتُشفت في متحف المتروبوليتان في ثلاثينيات القرن العشرين، وقد قدمت معلومات قيّمة عن حياة سننموت.
تشير الأدلة إلى أنه ظل غير متزوج، حيث يُصوَّر دائمًا وحيدًا في المقابر والنقوش.
شقفة مرسومة لوجهه وجدت تحت انقاض محراب مقبرته ،متحف المتروبوليتان

بداية مسيرته

جزء من الخريطة الفلكية في سقف مقبرة سننموت تبين الإثنى عشر شهرا للسنة
بدأ سننموت مسيرته كـ مشرف على الأميرة نفر رع، ابنة الملكة حتشبسوت، وقد دخل الخدمة الملكية على الأغلب في عهد تحتمس الثاني أو خلال وصاية حتشبسوت على العرش في بداية حكم تحتمس الثالث.
وبعد اعتلاء حتشبسوت السلطة، تدرج سننموت في المناصب حتى أصبح من كبار المسؤولين، وأوكلت إليه الإشراف على مشاريع معمارية ضخمة.
ومن أبرز إنجازاته إشرافه على نصب مسلتين ضخمتين لحتشبسوت في الكرنك، وقد وُصفتا بأنهما الأطول في عصرهما؛ بقيت إحداهما قائمة بينما سقطت الأخرى وتعرضت للضرر. وقد ذُكرت المسلتان في نقش بالمعبد الأحمر، الذي كان يضم قارب الاحتفالات المقدس.
الإنجازات المعمارية

سننموت ممسكا لمكعب باسم حتشبسوت ،متحف بروكلين.
يُعرف سننموت بشكل خاص لإشرافه على المعبد الجنائزي لحتشبسوت في الدير البحري، الذي يُعرف باسم دجسر-دجسرو ("الأقدس من المقدس").
يتميز المعبد بتصميمه المدرج الفريد المحفور في الصخر مقابل وادي الملوك، وزُينت شرفاته بأعمدة أنيقة، مما جعله نموذجًا راقيًا في العمارة المصرية. وقد أصبح هذا المعبد معيارًا للجمال الهندسي في عصره.




المقابر والإرث
أُنشئت لسننموت مقبرتان:
TT71 في الجبانة الطيبية التقليدية
TT353 المعروفة بنقش السقف الفلكي — أقدم تصوير معروف بمجموعة نجوم السماء في مصر القديمة، يصور السماء الشمالية والجنوبية.
تعرضت المقبرتان للتخريب الشديد على الأرجح في عهد تحتمس الثالث، في إطار محاولة محو ذكرى حتشبسوت.
ورغم ذلك، بقي إرث سننموت المعماري راسخًا في تاريخ مصر.
شقفة مرسومة من محراب مقبرته


مقبرة TT 353 لسننموت بالدير البحري ؛ بطول 97 متر و عمق 42 متر.
علاقته مع حتشبسوت


توجد تكهنات حول وجود علاقة شخصية أو رومانسية بين سننموت وحتشبسوت. ويستشهد بهذا وجود اسمه وصورته المتكررة في معابدها، إضافة إلى نقوش جرافيتي وُجدت في الدير البحري.
لكن لا يوجد دليل قاطع على طبيعة العلاقة، مما يجعل الأمر موضوعًا للتفسير والبحث.
التحف والأثر المتبقّي
لا تزال العديد من القطع الأثرية المرتبطة بسننموت موجودة في المتاحف العالمية، ومنها:
تماثيل تحمل الأميرة نفر رع جالسة على ركبتيه → تؤكد دوره كمربٍ ووصي على ابنة الملكة.

سنموت وهو يحتضن نفرورع - بالمتحف المصري ببرلين
تماثيل ومجسمات تخصه محفوظة في متاحف مثل المتحف البريطاني.

تمثال لسنموت - بمتحف المتروبوليتان
وتمثل هذه الأعمال شهادة على مكانته داخل البلاط الملكي وثقة حتشبسوت فيه.
التأثير الدائم
تشهد مساهمات سننموت المعمارية، وعلى رأسها معبد الدير البحري، على براعة مهارته وشموخ عصر حتشبسوت.
يظل سننموت رمزًا للموهبة والطموح، وواحدًا من أعظم المعماريين الذين عرفتهم مصر القديمة.

التابوت الحجري لسننموت في متحف المتروبوليتان للفنون ، نيويورك .