"البحرية المصرية في عهد تحتمس الثالث: القوة البحرية التي وسّعت الإمبراطورية"
البحرية المصرية خلال حكم تحتمس الثالث (1479–1425 ق.م) — الأسرة الثامنة عشرة — كانت عنصرًا مهمًا في قدرات مصر العسكرية والتجارية، بالرغم من أنها لم تكن على نفس درجة الأهمية كقوى بحرية لاحقة. اعتُبر تحتمس الثالث “نابليون مصر القديمة” بسبب حملاته العسكرية الواسعة، وكان مشهورًا بحملاته الحربية في بلاد الشام وسوريا، حيث لعبت بحريته أدوارًا حاسمة.
الغرض من البحرية

نقل القوات والإمدادات:
كانت البحرية ضرورية لنقل الإمدادات، والخيول، والعربات، والمؤن على طول نهر النيل وعبر منطقة البحر المتوسط لدعم الحملات في كنعان وسوريا والنوبة.
دعم العمليات البرمائية:
خلال الحملات في المناطق الساحلية، سهّلت البحرية عبور البحر وقدّمت دعمًا للهجمات البرمائية. كما وفّرت حمايةً للطرق التجارية، خصوصًا على طول النيل والبحر الأحمر، وهو ما كان بالغ الأهمية لثروة مصر وإمكانية وصولها إلى المواد النادرة مثل خشب الأرز من لبنان والبخور من بلاد بونت والنوبة.
الأنواع والسفن
سفن القتال:
كانت السفن المصرية تعمل بالمجاديف مع صاري يحمل شراعًا مربعًا. كانت طويلة وضيقة وسريعة الدفع، وغالبًا ما كانت تحمل جنودًا قادرين على الصعود إلى سفن العدو.
سفن النقل:
السفن الكبيرة كانت مخصصة لنقل القوات والعربات والخيول، واعتمدت على المجاديف والأشرعة معًا.
التركيب:
صُنعت السفن من خشب الأرز المستورد من لبنان، وجُمعت باستخدام وصلات “اللسان والمفصل”، وطُليت بالراتينج للعزل المائي.
التكتيكات والعمليات
أكدت التكتيكات البحرية المصرية على السيطرة على الأنهار والسواحل، وغالبًا ما كانت العمليات البحرية مكمّلة للحملات البرية بدلًا من الانخراط في معارك بحرية واسعة النطاق.
كانت البحرية تنقل الجنود إلى أعالي النيل أو على طول ساحل البحر المتوسط، وتوفّر الدعم اللوجستي للحملات السريعة والطويلة المدى في سوريا وفلسطين. وتشير بعض النصوص إلى أن السفن كانت تحمل عربات الخيول، مما يسمح بنشرها السريع بعد النزول.
الدليل التاريخي
صوّرت النقوش البارزة في معابد الكرنك ومعابد أخرى السفن المصرية بالمجدّفين والجنود، مع نقوش هيروغليفية تصف الحملات العسكرية.
وقد تطلبت حملات تحتمس الثالث في بلاد الشام تنظيمًا لوجستيًا واسع النطاق، ما يدل على وجود أسطول بحري قوي يُكمل العمليات البرية والساحلية.
وبالرغم من أن البحرية لم تكن الفرع الرئيسي للجيش، فإن البحرية المصرية خلال هذه الفترة كانت متطورة وفعالة في عمليات البحر المتوسط والنيل.
الأهمية
كانت قدرة تحتمس الثالث على نشر القوة بسرعة عبر مسافات طويلة تعتمد على التنسيق بين القدرات البرية والبحرية.
وقد كانت البحرية عنصرًا حاسمًا في توسع مصر في بلاد الشام، مما مكّنها من الحفاظ على السيطرة على الأراضي البعيدة وتأمين التجارة الدولي
.البحرية المصرية في عهد تحتمس الثالث لم تكن مجرد وسيلة نقل، بل كانت جزءًا أساسيًا من المنظومة العسكرية المصرية، ساهمت في توسيع النفوذ وتأمين الموارد التجارية.
شهدت البحرية المصرية في عهد تحتمس الثالث نهضة عسكرية وتنظيمية، أسهمت في دعم حملاته في الشام والنوبة، وتأمين طرق التجارة على النيل والبحر المتوسط، مما جعلها ركيزة في توسع النفوذ المصري في الشرق الأدنى القديم.