مر نفر رع آي: آخر حراس المملكة الوسطى وبداية الانقسام في مصر القديمة

مر نفر رع آي: آخر حراس المملكة الوسطى وبداية الانقسام في مصر القديمة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الملك مر نفر رع آي

image about مر نفر رع آي: آخر حراس المملكة الوسطى وبداية الانقسام في مصر القديمة

يشار إليه في بعض الأحيان باسم آي أو آيي. كان فرعونًا مشهورًا من الأسرة الثالثة عشرة في مصر القديمة. كان يحظى بنفوذٍ ملحوظ، وكان من أطول الحكام حكمًا في هذه الفترة، إذ حكم لمدة تقارب 23 عامًا في أوائل إلى منتصف القرن السابع عشر قبل الميلاد.
بالرغم من حكمه الطويل، لم يُعثر إلا على عدد قليل نسبيًا من القطع الأثرية والنقوش التي توثّق عهده، مما يشير إلى ضعفٍ في الموارد أو الاستقرار في مصر خلال قيادته. ومع ذلك، مثّل حكمه مرحلة انتقالية مهمة، انتقلت فيها مصر من أواخر المملكة الوسطى إلى الواقع المجزأ للفترة الانتقالية الثانية.


الموقع الزمني داخل الأسرة الثالثة عشرة

يُعرف موقع مر نفر رع آي داخل الأسرة الثالثة عشرة أساسًا من خلال قائمة ملوك تورين وغيرها من المصادر التي جُمعت خلال العصر الرعمسي المبكر (1192–1099 ق.م). خلف آي واهيري تقنقي، وتوجد آراء مختلفة بين الباحثين حول موقعه الدقيق داخل تسلسل الأسرة.
فقد صنّفه يورغن فون بيكراث وكيم ريهولت وداريل بيكر في مواقع مختلفة؛ حيث وضعه بيكراث كـ 27 حاكمًا، بينما ريهولت جعله الفرعون الثالث والعشرين، وداريل بيكر الثالث والثلاثين.
أما التأريخ المطلق لحكمه، فيختلف أيضًا؛ فقد قدم ريهولت نطاقًا من 1701 إلى 1677 ق.م، بينما اقترح توماس شنايدر فترة لاحقة تمتد من 1682 إلى 1661 ق.م.
تُبرز هذه التناقضات الصعوبات في إعادة بناء تلك الفترة بسبب ندرة المصادر التاريخية والفجوات في التوثيق. ومع ذلك، فالمتفق عليه أنه حكم أكثر من 23 عامًا، مما جعله أطول الفراعنة حكمًا في الأسرة الثالثة عشرة.


مدة الحكم

أُجري نقاش واسع حول المدة الدقيقة لحكم مر نفر رع آي.
فقد ذكر الباحثون الأوائل مثل تورين أنه حكم 13 سنة، بينما أشار غاردينر وبيكريس إلى أنه حكم 23 سنة.
قام ريهولت بتحليل دقيق لقائمة ملوك تورين، وخلص إلى أن حكم آي دام 23 سنة و8 أشهر و18 يومًا، مما يجعله بالفعل أطول ملوك الأسرة الثالثة عشرة حكمًا.
ويُعتقد أن نجاحه في الحفاظ على العرش لفترة طويلة رغم الاضطراب السياسي يعود إلى نهجه المتزن في الحكم أو نقص الطموح لدى خصومه لخلعه. ومع ذلك، لم يُسجل له إنجازات واضحة في العمارة أو الإدارة.


تحديات حكم مر نفر رع آي

حكم مر نفر رع آي مصر خلال فترة من التشرذم السياسي؛ إذ كان حكام الأسرة الثالثة عشرة يسيطرون على مصر الوسطى والعليا، بينما حكمت الأسرة الرابعة عشرة شرق دلتا النيل.
هذا التقاسم للسلطة خلق مشهدًا سياسيًا معقدًا.
ويرى بعض الباحثين مثل ريهولت وبيكر أن آي ربما استولى على العرش بفضل نسبٍ ملكي مباشر أو نتيجة ثورة داخلية.
اعتمدت هذه النظرية على إشارات تتعلق باسم والده على بعض القطع، مما يوحي بإمكانية أن يكون والده فرعونًا سابقًا.
أما آخرون فيعتقدون أنه كان دخيلاً على الأسرة، وربما ساهم ذلك في ضعف سلطته.


الأدلة الأثرية على حكمه

رغم قلة الآثار، وُجدت بعض القطع المهمة التي تحمل اسم مر نفر رع آي، وأبرزها:

أختام جعارين: تم التعرف على أكثر من 62 جعرانًا وأسطوانة تحمل اسمه، معظمها عُثر عليه في مصر السفلى والوسطى والعليا.

حجر النسج: جرة كروبية منقوشة باسمه محفوظة في متحف المتروبوليتان للفن.

قطعة من الحجر الجيري: اكتُشفت في الكرنك بواسطة عالم الآثار جورج ليجرين عام 1908، وتُعد من أهم القطع الأثرية.
يُعتقد أن هذه القطعة كانت حجر زاوية من هرم تابع له، ويُظن أنها نُهبت في عام 1911 بالقرب من فاقوس في شرق الدلتا.
يرى الباحثون أن الهرم ربما كان في ممفيس، موقع الدفن التقليدي لحكام الأسرة الثالثة عشرة، وأن القطعة نُقلت أثناء اضطرابات غزو الهكسوس.


انتقال العاصمة من إتجتاوي

يُعتبر التخلي عن عاصمة إتجتاوي من أبرز الأحداث في عهد مر نفر رع آي.
كانت إتجتاوي، التي أسسها أمنمحات الأول، مركز الإدارة خلال المملكة الوسطى، لكن بحلول عهد آي بدأت السيطرة على مصر السفلى تضعف.
وفي نهاية حكمه، تشير الأدلة إلى أن الأجهزة الحكومية انهارت، وربما أصبحت طيبة العاصمة الفعلية الجديدة.
يدعم هذا الرأي أن الحكام اللاحقين من الأسرة الثالثة عشرة تمركزوا في صعيد مصر، ما يعكس التحول السياسي التدريجي جنوبًا.
ويرى بعض الباحثين أن هذه المرحلة تمثل نهاية المملكة الوسطى وبداية الفترة الانتقالية الثانية.


التهديدات الأجنبية وصعود الهكسوس

خلال حكم آي، تزايد الضغط الأجنبي على مصر.
فقد كانت الأسرة الرابعة عشرة، التي يُعتقد أن حكامها من أصول كنعانية، تسيطر على أجزاء من شرق الدلتا.
وفي نهاية المطاف، سقطت هذه المناطق تحت سيطرة الهكسوس، الذين أسسوا عاصمتهم في أواريس.
وجود آثار مر نفر رع آي في أواريس أثار تساؤلات حول ما إذا كان حكمه تزامن مع البدايات الأولى للهكسوس في مصر.
يرى بعض الباحثين أن ذلك يعني سقوط مصر السفلى في نهاية حكمه، بينما يرى آخرون أن المصريين احتفظوا ببعض السيطرة على ممفيس حتى بداية الأسرة السابعة عشرة.


الانهيار الثقافي والاقتصادي

قلة النقوش والمباني في عهد مر نفر رع آي تعكس انحدارًا اقتصاديًا وإداريًا.
على عكس مشاريع البناء الضخمة في المملكة الوسطى، شهد عصره قلة في النشاط المعماري ونهبًا متزايدًا للآثار.
هذا يعكس تدهور السلطة المركزية وازدياد نفوذ الحكام المحليين الذين أصبحوا أكثر استقلالًا في أقاليمهم.
استمر هذا التفكك في الفترة الانتقالية الثانية، حيث انقسمت مصر بين عدد من الحكام المتنافسين.
ويرى بعض الباحثين أن مر نفر رع آي كان آخر حكام المملكة الوسطى الفعليين، وأن حكمه مثّل نهاية عصر وبداية أخرى من التدخل الأجنبي المتزايد في شؤون مصر.

إرث مر نفر رع آي

إن فترة حكم مر نفر رع آي الطويلة، رغم التحديات التي واجهها، تجعله أحد أبرز حكام الأسرة الثالثة عشرة. ومع ذلك، فإن غياب الإنجازات الكبرى أو المشاريع المعمارية المهمة يشير إلى أن حكمه تميز أكثر بالبقاء والاستمرار لا بالازدهار.
يمثل عهده نقطة تحول حاسمة في التاريخ المصري، حيث بدأت استقرار المملكة الوسطى يفسح المجال أمام الحكم المجزأ للفترة الانتقالية الثانية.

في حين يرى بعض العلماء أن آي كان آخر حكام المملكة الوسطى، يضع آخرون هذا الانتقال في وقتٍ لاحق قليلًا، مع الانهيار النهائي للسلطة المصرية في مصر السفلى.
ومع ذلك، فإن عهده يمثل نهاية عصر وبداية تأثير أجنبي متزايد على مصر.

كان إرث مر نفر رع آي قائمًا على الصمود أكثر من الإنجاز.
فبينما تمكن من الحفاظ على السيطرة لعدة عقود في زمنٍ من عدم الاستقرار، فإن حكمه مثّل في النهاية المرحلة الأخيرة من السلطة المركزية في مصر قبل البداية الكاملة للفترة الانتقالية الثانية.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

58

متابعهم

36

متابعهم

106

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.