مغامرة العم صابر مع التوك توك الطائر
يوم عادي يبدأ بمفاجأة غير متوقعة
كان العم صابر معروفًا في الحي بأنه رجل هادئ يحب البساطة، يقضي يومه بين إصلاح التوك توك العتيق الخاص به وجلسته اليومية أمام دكان البقال، يحتسي كوب الشاي الثقيل الذي لا يستغنى عنه. لكن في هذا اليوم، كانت الحياة تخطط له لشيء مختلف تمامًا.
استيقظ العم صابر مبكرًا وقرر كعادته أن يفحص التوك توك قبل أن يبدأ العمل. جلس على الأرض وبجواره صندوق الأدوات. بدأ يشد ويُرخي البراغي، ثم ربت على التوك توك قائلًا بثقة: "إنت راجل جدع وعمرك ما خيبت ظني". لكن بمجرد أن أدار المحرك، صدر عنه صوت غريب يشبه زئير حيوان في الغابة، لدرجة أن قطة تجلس على السور المجاور قفزت هربًا من الفزع.
وقف العم صابر مرتبكًا وقال: "إيه الصوت دا؟ ولا يكون التوك توك اتلبس؟". لكنه قرر أن يتجاهل الأمر، فربما يكون مجرد صوت عادي نتيجة البرودة، كما كان يُقنع نفسه دائمًا.
انطلق العم صابر في شوارع الحي، وما إن تحرك بضع خطوات حتى بدأ التوك توك يهتز بقوة، وكأنه يستعد للقيام بحركة بهلوانية. الناس في الشارع بدأوا يلتفتون نحوه، وبعضهم ضحك، وآخرون ظنوا أن العم صابر يقوم بإصلاحات جديدة لتحويل التوك توك إلى مركبة سباق.
ورغم هذا كله، استمر العم صابر في القيادة وقال لنفسه: "يا واد اثبت… يومك يعدي على خير". لكن يبدو أن التوك توك كان له رأي آخر تمامًا.

التوك توك الهائج والمطاردة الأكثر كوميدية في الحي
فجأة، انطلقت المركبة بجنون، كأن أحدهم ضغط دواسة البنزين حتى آخرها. التصق العم صابر بالمقعد وصرخ: "الفرامل فين؟ مين خد الفرامل؟". حاول أن يميل يمينًا أو يسارًا، لكن التوك توك كان يتحرك بعقله الخاص، وكأنه قرر أن يبدأ مغامرة جديدة بدون إذن صاحبه.
مر التوك توك بسرعة بين عربيات الخضار، فطارت الطماطم في الهواء، وسقطت واحدة على رأس أحد الباعة الذي قال غاضبًا: "هو أنا ناقص؟". وفي لحظة أخرى، كاد يصطدم بموكِب جنازة، لولا أنه انحرف فجأة إلى شارع جانبي، مما جعل الجميع يظنون أن المركبة روح شريرة تتلاعب بها.
أما العم صابر، فكان يتمسك بالمقود بيد، ويستغيث بيده الأخرى قائلاً: "حد يوقفني… حد يخلصني من الكابوس دا". ورغم ذلك، لم يمنع هذا المشهد الناس من الضحك عند رؤيته وهو يتمايل يمينًا ويسارًا وكأنه بطل في فيلم أكشن.
وفجأة ظهر كلب ضخم يقف في نصف الشارع بثقة غريبة. بدا كأنه ينتظر التوك توك بكل شجاعة. حاول العم صابر أن يضغط على أي شيء لكنه لم يجد سوى الأمل. مرّ بجانب الكلب، فبدأ الأخير يركض خلف التوك توك بحماس، وكأنها مطاردة رسمية في سباق.
أصبح المشهد عبارة عن توك توك طائر، وبائعي خضار غاضبين، وعم صابر يصرخ، وكلب يجري بسرعة مخيفة. حتى الأطفال خرجوا من البيوت يضحكون ويشيرون إلى العم صابر كأنهم يشاهدون عرضًا مسرحيًا حيًا.
استمرت المطاردة عدة دقائق حتى توقف التوك توك فجأة أمام ورشة الميكانيكي. نزل العم صابر مترنحًا، وملابسه مليئة بالتراب، وقال بصوت مرهق: "لو فيه روح في التوك توك كانت طلعت من اللي عملته فيّا".
اقترب الميكانيكي من التوك توك وهو يحاول كتم ضحكته. فحص الدواسات، ثم قال:
"يا عم صابر… إنت مركب دواسة البنزين مكان الفرامل".
جلس العم صابر على الرصيف ينظر للناس وهم يضحكون، ثم قال:
"هو أنا بس اللي يحصل له كده؟ يعني الدنيا كلها متظبطة إلا التوك توك بتاعي؟".
انتشرت القصة في الحي كله خلال ساعات، وأصبحوا يسمون توك توكه "التوك توك الطيار". ومنذ ذلك اليوم، كلما ركب العم صابر المركبة يقول بصوت خافت: "بالراحة يا ابني… إحنا مش ناقصين رحلة فضاء جديدة".