حين يقف الانسان رغم السقوط ....يولد النجاح من جديد

من زمان، كان في شخص مختلف عن كل الموجودين حواليه. مش لأنه أقوى منهم، ولا لأنه أذكى، ولا لأنه كان يملك أشياء ما عند غيره… لا. كان مختلف لأنه كان يعرف تمامًا شو يعني يكون عندك حلم، وتضل ماسك فيه حتى آخر رمق، حتى لو حسّيت كل شي حواليك عم ينهار. كان يؤمن بشغلة وحدة: "طالما أنا واقف، ما في شي بيقدر يوقفني."
هذا الشخص عاش حياة ما كانت سهلة. من أول يوم، واجه تحديات أكبر من عمره، مواقف أكبر من قدرته، ولحظات كان لازم يصرخ فيها بس ظل ساكت لأنو ما كان في حدا يسمعه. ومع هيك… ما انكسر. يمكن اهتز، يمكن تعب، يمكن حسّ إنو الدنيا عم تتآمر ضده، بس عمره ما قال "خلص، أنا بدي أستسلم."
كبر وهو يعرف إن الطريق اللي اختاره ما رح يكون بسيط. كان يشوف غيره يوصلوا أسرع، ينجحوا أسرع، يعيشوا حياة أسهل، وكان ممكن جدًا يحسدهم أو يلوم الدنيا أو يقول: "ليش أنا؟" بس ما عملها. ما كان من هالنوع. كان واقعي، وكان مؤمن إن كل إنسان إله رحلته الخاصة، وإله الطريق اللي لازم يمشيه، وإله اللحظة اللي بيتوّج فيها تعبه.
عاش سنين وهو يحارب. حارب الفقر، وحارب التعب، وحارب الناس اللي ما صدقت فيه، وحارب اللي قللوا من قيمته، وحارب الظروف اللي كانت دايمًا تحاول ترجّعه لورا. كل ما وقع، كان يرجع يوقف، مرات بعزيمته، مرات بدموعه، مرات بخوفه، بس كان يوقف. ويمكن هذا اللي خلّاه يوصل… مش قوته! بل قدرته على الوقوف بعد كل سقوط.
كان يشتغل على نفسه. مش بس عشان يثبت للناس إنه قادر، لكن لأنه كان بده يثبت لنفسه إنه يستحق الحياة اللي يحلم فيها. كان يقرأ، يتعلم، يجرب، يفشل، يرجع يجرب، يغير خطته، يعيد ترتيب أفكاره. كان يعرف إنه الطريق للنجاح مش خط مستقيم… مليان لفات ومنحنيات، وأحيانًا بيكون مظلم، وأحيانًا بيكون ضيق جدًا لدرجة تتوقع إنك تختنق فيه.
بس هو؟ كان يشوف نقطة ضو صغيرة آخر هالطريق، وكانت كافية تخليه يكمل.
مرّ بأيام ما كان فيها ولا شي يمشي صح. يمكن خسِر شغل، أو خسر ناس، أو مرّ بظروف صحية، أو نفسية، أو مالية. مرّ بأيام كان ينام فيها وهو يفكر: "لأي متى؟ هل رح أوصل فعلًا؟ ولا كل هالتعب عالفاضي؟" ومرّ بأيام ثانية كان يحس إنه تعب لدرجة ما عاد يقدر يكمل خطوة زيادة.
لكن الغريب إنه رغم كل شي، كان في داخله صوت صغير، ضعيف، بس ثابت، يقوله: "كمّل. لسا ما خلصت."
ومع الوقت، صارت خطواته أثبت. صارت قراراته أوعى. صارت أحلامه أوضح. صار يفهم نفسه أكثر، ويفهم الحياة أكثر، ويفهم إنه مش مهم قديش الطريق طويل… المهم إنه ما توقف.
وما وقف.
الناس كانت تحكي عنه إنه صلب، قوي، عنيد. بس هو ما كان هيك من جوّا. كان هش، حساس، ويمكن كان يخاف أكتر من أي حدا. بس الفرق إنه كان يتحرك رغم خوفه. كان يواجه رغم ألمه. كان يكمل رغم الشك اللي جواته. وهذا هو الفارق بين اللي بيوصل واللي بيضل واقف مكانه.
ومع كل يوم يمر، صار يقترب أكثر من حلمه. يمكن خطوة صغيرة، بس كان يعرف إنها خطوة لقدّام. صار يشوف أشياء كان يتخيلها فقط. صار يشوف نتيجة صبره. صار يشوف كيف تعبه ما راح هدر.
وبعد رحلة طويلة… طويلة جدًا… وصل.
ويا الله كيف كانت لحظة الوصول بالنسبة له! ما كانت لحظة واحدة، ولا كانت صرخة، ولا كانت احتفال. كانت عبارة عن شعور داخلي، هدوء غريب، وكأنه لأول مرة بحياته حس إنه واقف بمكان هو صنعه بإيده، مكان ما أعطاه إياه حدا، ولا ورثه، ولا إجا بالصدفة. كان إنجازًا نابع منه، من روحه، من تعبه، من كل لحظة مرّ فيها وقال: "لسا بدي أكمل."
وصل لأنه ما استسلم. لأنه وقف حتى لما ما كان فيه سبب يخليه يوقف. لأنه قرر إنه يغيّر قدره بدل ما يستسلم له. لأنه صدّق بنفسه يوم ما ما كان في حدا مستعد يصدّق فيه.
الناس صاروا يشوفوه مثال، بس هو يعرف الحقيقة… يعرف إنه ما كان بطل خارق، ولا شخص استثنائي… كان مجرد إنسان قرر إنه يضل واقف.
وهذا القرار هو اللي عمل الفرق.
وبعد ما وصل لحلمه، ما نسي الطريق. ما نسي اللي مرّ عليه. بالعكس… صار يحكي للناس اللي حواليه، يعطيهم أمل، يشرح لهم إنه النجاح مش للناس المحظوظين فقط، بل للناس اللي عندهم جلد، وعندهم صبر، وعندهم استعداد يدفعوا ثمن الطريق.
صار يحكي لهم إنك مهما وقعت، فيك ترجع توقف. وإنه محدا بطلع لفوق بخط مستقيم. وإنه الحياة يمكن تضربك، يمكن توجعك، يمكن تقسى عليك، بس بالنهاية… هي بتحترم الشخص اللي ما يستسلم.
وصار يحكي لهم كمان: "مش مهم قديش الطريق صعب… المهم إنك تكمل. حتى لو خطوة صغيرة. حتى لو ببطء. المهم إنك ما توقف."
صار يعرف إنه نجاحه مش بس نهاية الرحلة… نجاحه كان كل خطوة خطاها، كل دمعة نزلت، كل خوف واجهه، كل وجع تحمله، كل لحظة قال فيها "رح أكمل" لما كان كل شي عم يقله "وقّف".
صار يعرف إنه القوة الحقيقية مش إنه ما توقع… القوة الحقيقية إنك توقع عشر مرات، وتوقف أحد عشر مرة.
وهذا الشخص؟ اليوم واقف فوق قمته، مش لأنه كان الأقوى… بل لأنه كان الأكثر إصرارًا.
لأنه ما استسلم للحياة.
لأنه وقف لحد ما وصل للي بده إياه.
ولأنه فهم إنه النجاح ما بيجي للي بينطر… النجاح بيجي للي يمشي.
📌 كلام موجه للقارئ: لا تيأس
مهما كانت الظروف صعبة، ومهما حسّيت إن الطريق طويل، تذكّر دائمًا إنك قادر توقف من جديد. كل سقوط هو خطوة تقرّبك من المكان اللي بتحلم فيه. لا تخلي لحظة ضعف تكسر كل قوتك… الحياة بتختبرك، مش بتحاربك.
واصل، قاوم، وذكّر نفسك:
“إذا هو قدر يوصل… أنت كمان بتقدر.”