القمة لمن يصعد.. لا لمن ينتظر

القمة لمن يصعد.. لا لمن ينتظر

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 وهم الصعود السريع

كان "عمر" مبرمجاً شاباً طموحاً، يحمل في جعبته فكرة تطبيق ذكي يعتقد أنه سيغير العالم. وقف عمر أمام "مصعد" المستثمرين الكبار، منتظراً تلك الفرصة الذهبية التي ستحمله من الطابق الأرضي إلى قمة الثراء والشهرة بضغطة زر واحدة. كان يعتقد أن النجاح ضربة حظ أو فرصة واحدة خاطفة، فظل واقفاً أمام باب المصعد المغلق، يضغط الزر مراراً وتكراراً، متجاهلاً الدرج الطويل والمظلم الموجود بجانبه، مؤمناً بأن الموهوبين مثله لا يصعدون السلالم، بل يرتفعون بالمصاعد.

 

 صدمة العطل المفاجئ

طال الانتظار، ولم يفتح الباب. وفجأة، علق لافتة صفراء كبيرة على باب المصعد كُتب عليها: "خارج الخدمة". رُفضت فكرة عمر من جميع الجهات المانحة، ونفد ما لديه من مدخرات بسيطة. شعر بالإحباط الشديد، وكأن العالم يتآمر لبقائه في القاع. نظر حوله فوجد الكثيرين يغادرون المبنى يائسين، مستسلمين لفكرة أن العطل في المصعد يعني نهاية الرحلة، لكن عمر -ورغم المرارة- أدرك أن القمة ما زالت موجودة، والوسيلة الوحيدة المتبقية هي السلم القديم الشاق.

 

 الخطوة الأولى والثقل النفسي

اقترب عمر من الدرجة الأولى، وبدت له المهمة مستحيلة. كيف سيصعد مئة طابق (كناية عن مراحل النجاح) بقدميه؟ وضع قدمه على الدرجة الأولى وهو يشعر بثقل كبير، ليس في جسده، بل في كبريائه. كانت البداية بطيئة جداً؛ اضطر للعمل في وظيفة بسيطة نهاراً ليوفر المال، ويعمل على تطوير تطبيقه ليلاً. كانت هذه "الدرجة الأولى" مليئة بالشكوك، وكان صدى خطواته الوحيدة يذكره ببعد المسافة عن الهدف.

 

 ألم العضلات وتعب المنتصف

بعد صعود عدة طوابق، بدأ التعب ينال منه. واجه مشكلات تقنية معقدة، وانفض من حوله بعض الأصدقاء الذين لم يؤمنوا برؤيته. في هذه المرحلة، تحول التعب النفسي إلى إرهاق جسدي وذهني. كاد أن يتوقف ويجلس على الدرج باكياً، متمنياً لو أن المصعد كان يعمل. لكنه اكتشف شيئاً غريباً: مع كل درجة يصعدها، كانت "عضلات" إرادته تزداد قوة، وبدأ يفهم تفاصيل مشروعه بعمق لم يكن ليدركه لو صعد بالمصعد السريع.

 

 دروس لا تُلمح من المصعد

في الطوابق المتوسطة، بدأ عمر يلاحظ أشياء لم يكن ليراها لو كان محبوساً داخل صندوق المصعد المغلق. التقى بأشخاص آخرين يصعدون السلم، رواد أعمال مكافحين مثله، فتبادلوا الخبرات وساعدوه في حل ثغرات برمجية. أدرك أن "السلم" ليس مجرد وسيلة للصعود، بل هو مدرسة. تعلم الصبر، وإدارة الموارد الشحيحة، وفن التفاوض، وهي مهارات كان سيفقدها لو وصل للقمة بمال المستثمرين الجاهز.

 

 القوة الدافعة والتسارع

مع اقترابه من الطوابق العليا، لم يعد الصعود شاقاً كما كان في البداية. تحول الألم إلى روتين، وتحول الروتين إلى شغف. أصبح يقفز درجتين في كل مرة. أطلق النسخة التجريبية من تطبيقه بمجهوده الذاتي، وبدأ المستخدمون يتفاعلون معه بحماس. النجاح الذي بناه "درجة درجة" كان ثابتاً وراسخاً، وليس فقاعة قابلة للانفجار. اكتسب ثقة لا تهتز، لأنه يعلم يقيناً كيف بنى كل جزء من نجاحه بيده.

image about القمة لمن يصعد.. لا لمن ينتظر
 

 الوصول ومنظر القمة

أخيراً، وصل عمر إلى الطابق الأخير. فتح باب السطح ولفحته نسمات الهواء العليل. نظر إلى الأسفل، فرأى الذين لا يزالون ينتظرون إصلاح المصعد في الأسفل، صغاراً جداً. لم يكن وصوله سريعاً، لكنه وصل وهو يمتلك "لياقة النجاح" التي تجعله قادراً على البقاء في القمة. ابتسم عمر وأدرك الحكمة الخالدة: المصعد قد يوصلك سريعاً، لكن السلم هو الذي يصنع منك شخصاً يستحق القمة. 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Mohamed تقييم 4.96 من 5.
المقالات

64

متابعهم

14

متابعهم

3

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.