الاعضاء الVIP
Ahmed Adel Vip Founder المستخدم أخفى الأرباح
mohamed Vip حقق

$0.53

هذا الإسبوع
أكثر الأعضاء تحقيق للأرباح هذا الاسبوع
Ahmed Adel Vip Founder المستخدم أخفى الأرباح
محمد علي المليجي المستخدم أخفى الأرباح
Azezasayed المستخدم أخفى الأرباح
MUSTAFA Hatam حقق

$1.99

هذا الإسبوع
Ramy Ayman المستخدم أخفى الأرباح
Ahmed حقق

$1.10

هذا الإسبوع
mohamed jagour حقق

$1.09

هذا الإسبوع
MOHAMED ESSAM حقق

$0.94

هذا الإسبوع
ايمان خشاشنة المستخدم أخفى الأرباح
shady magdy دكتور جامعي حقق

$0.71

هذا الإسبوع
رواية الواحة الملعونة الفصل التاسع آية عبد الفتاح

رواية الواحة الملعونة الفصل التاسع آية عبد الفتاح

الفصل التاسع
مشاهد متتالية سريعة تظهر و تختفي ، تتراءى  أمام عينيها ، هي تشعر بأن روحها انسلخت عن جسدها الواهن ، تطوف حولهم تراقب كمشاهد و ليست جزء من فيلم رعب دخلته كسرا ، هي تحلم ؟ ... نعم  ، أكيد  فمن المستحيل  أن ترى ذئب ضخم كالذي رأته  ،
اقتحم رؤيتها  فراء أسود  كبير
و بدفعة واحدة بقدمه السوداء اخترقت روحها جسدها ، و زيح الخدر عن دمائها شيئا فشيئا ، شهقت تعود للحياة و للألم الحارق في يدها  ، يتكور جسدها ، يندفع ككرة قدم ، حتي يصطدم بالحائط ، هل أصبحت كرة يتقافزونها بين أقدامهم ؟
زمجرات متشاحنة أعادت عقلها إلى مشهد أراد الهرب منه في غفوة ظلام  ، لكن لا مفر ، إثنان يتناطحان بروؤس يدوران حول بعضهما بتحفز ،
و فجأة يقبض الذئب الناري على خصمه يدفعه بجوارها ، فتصرخ تبتعد عنهما إلى ملجأها بين أحضان نور  ، كلتاهما تحتمي بالأخرى ، تجمدت أقدامهما و كأنهما ينتظران من سيفوز بهما .....
نهض الأسود بإصرار يهجم عليه يقبض على رقبته ..
فتسيل الدماء من الأخير  يصرخ متألما بين يديه  متحركا بعشوائية للخلاص منه ، يخمش بأنيابه وجه المتطفل الذي قطع عليه وجبتيه الشهيتين ، فتركه الأسود  يصرخ من الألم ،
اهتاج الذئب الأحمر يهجم عليه ، يقبض على رأسه بأسنانه ، و الأخير يتلوى و ينبح  ككلب مجروح ،
فباغته الأبيض يقفز على عدوه الناري  يعضه مقتحما المعركة ، حتى خلص صديقه منه ،
فاقت نور من صدمتها ، تتشبث بيد صديقتها تجرها لملجأ أمن مستغلة المعركة الدائرة ،  ....
لكن وقف أمامهما جسد بني عملاق يلعق شفتيه بجوع شديد يخطو نحوهما ، و يسيل لعابه بكثرة كأنه سيغرقهما به...
صرخت الفتاتان ، و حاولا رجوع  من حيث أتيا ...

فاصطدما بجدار قاسى ، و ما كان الجدار ألا الذئب
الأبيض ، شهقت فرح برعب تبتعد عنه متمسكة بصديقتها ، أزاحهما بقائمته خلفه ، يحوم حول البني يرصد حركاته ،  يتحين الفرصة للهجوم عليه ، و فجأة أنقض عليه الأبيض   يخمشه بمخالبه ، لكن خصمه أقوى منه بلكمة واحدة من قائمته هوى أرضا  ، تركه ينظر لفريستيه المرتعدان و وثب يصل لمبتغاه ،
دفع الأدرنالين الدم بأطرافهما يصارعان الريح ، يبتعدان عن زمجرات  الوحش الغاضبة حتى
دخلا ممر ضيق و هكذا لا فرار منه ،  حاصرهما بزاوية  ، ابتسم يدنو منهما  يتشمم رأحتهما الشهية فارتعشت كل خلية بهما ، فتح فمه يهم بأكلهما
لكن باغته الأبيض يدفعه إلى الحائط ، فيختل توازن
الأخر يندفع مصطدما بالحائط فاقدا للوعي ،
وثب الذئب المنتصر يدنو من الفتاتان لتنسحب الدماء تديريجيا من أطرافهما ، يتشبثان ببعضهما مغمضا
الأعين ، السنتهما لا تكف عن الدعاء
صياح عواء يتصاعد ، و صوت سقوط جسد ثقيل اجبرهما لمشاهدة ما يحدث ، عاد الوحش البني يهاجم
الأخر بشراسة و عينيه تشع بنيران الغضب ،
وهنت قوى الأبيض توشك على النفاد ، فتمسك بأخر ذراتها يدفعه يتراجع به للجدار ؛ ليسقط خصمه مدرجا بدماءه ،....
راقباه بتحفز ، خطى إليهما خطوتان ، لكنه شعر بضجة تقتحم أذنيه ترتفع صداها ، ينحني يسدهما
اقتربت منه نور بتردد لمست قائمته تسأله بحروف مذبذبة :" انـ ...انت كويس "
"اهربي على....البيت "
اجفلت من الصوت الصادر منه ، ترفع حاجبيها بتعجب أنه يستطيع التحدث مثلهم ....
‏زمجر  بألم و بالكاد همس لها بكلمات مبعثرة   : "اهربي بسرعة ....قبل....ما يفوت الأوان .....ارجعي البيت .....اقفلوا عليكوا متفتحيش لحد.....متفتحيش الباب "
‏نكس رأسه بين قائمتيه فرددت سؤالها بقلق :"أنت كويس"
‏رفع رأسه إلى السماء ينظر اتجاه القمر الأحمر ، عينيه العسليتين تحولت لبركتين من الدماء ، و فجأة نظر إليها و شفتيه تبتسم بخبث يجذب يدها الممدودة له بالخير يمزق كم فستانها الوردي ، ينهش لحمها بأذافره ، لتتخضب ثيابها بدمائها ، و هي تحاول مقاومته و ابعاده عنها  ، فداهمته فرح  ‏تضربه بعصاها على رأسه ، التفت إليها  و عيناه تطلق شرر  غضب تراجعت بخوف ،
‏تداركت نور نفسها و لملمت شتاتها المبعثرة من الخوف تتشبث بيد صديقتها تجرها خلفها ، تسرع الخطى إلى منزل حسين ، و الأخرى تعرج خلفها تتعثر لكن تحاول أن تجاري خطواتها ملتفتة إلى هذا الكائن الذي اهتاج فجأة ، دخلا البيت فقد كان قريب من أرض المعركة ، لحقهما فاوصطدت نور  الباب بوجهه ، ماذا حدث له لقد كان يدافع عنهما ؟
و ‏قبل أن تهرب رأت الكثير من زملاءه  يتراصون  فوق الأسطح و الشوارع ،
فركضت تجر الأخرى خلفها  ‏تلج  إلى شقة الدور
الأرضي  ، التي تحول بها  الأسود ، لا  ملجأ لهما سواها دخلت توصد الباب بمفتاح و مسلاج ، تجمع ما تطاله يدها من أثاث تضعه خلفه ، و بعد أن وضعت كل محتويات البيت وراء الباب احتضنت صديقتها ، نجح الابيض في دخول  المنزل  ، ركض يدفع باب الشقة بقوة
‏ و مع كل دفعة و زمجرة منه
‏يختلج قلباهما يكاد أن يتوقفا من جرعة رعب زائدة أخذاها ، ترتعد أوصالها ،
‏ارتكنت الفتاتان إلى جدار يضمان بعضهما يلتمسان أمانا تسرب منهما كرمال بين الأصابع
‏.*********
باب موصد بإحكام يركضن اتجاه ، يطرقن أبوابه ،  يحاولن الخلاص و التحرر ، حتى تمكن القليل منهن من الخروج ، لتطلقها شهقات متحشرجة خافتة فلتت من قبضة يدها  ....
تناهت إلى مسامعه جذبته إلى غرفتها ، يشاهدها تكتم شهقات بكائها  بيدها ، أنف محمر و وجنتين احتقن بهما الدماء يشعر بأنها تكاد تختنق ، اقترب منها يضمها فحررتها عالية تتردد صداها بين جدران بيتها الكئيب ، تعلم انه لم يمضي سوى بضعة أيام على اختفاء حبة القلب لكنها تشعر بألم فقدها كدهر من الزمان  ، شعور أضخم صدرها بتعب و هموم و أحزان حتى امتلئ لحافته ففاض بها يسكبه أمطارا على أرض كتف صلبة ،
‏ ابعدها قليلا ، أمه الصغيرة بوجهها الوضاء المشرق ، يذبل  و يتكاثر عليه خطوط الزمان تحكي عن عذاباته ، و يديها الناعمتين  أضحت خشنة ، تتشقق من كثرة الأعمال فهي لم تكتفي بعملها في المصنع بل بدأت تنظف طعام و تجهزه لتبيعه في السوق ، قبل يديها  يعيدها إلى أحضانه لتسكب المزيد ، يعلم أنها كتمت ألامها بقلبها ، يتذكر نظراتها الحزينة و خيبة الأمل التي احاطتها حينما ذهبا إلى قسم الشرطة يتحثثان  أخبارها ، و كالعادة لم يعثروا على المفقودين ، رغم ذلك   تلقت الخبر بصلابة ، لم تسكب دمعة واحدة كانت كوتد قوي  من الخارج حبس بداخله هم ثقيل  ، هدهدها بكلمات يواسيها بها ، و يربت بها على قلبه ، و على لسانه جملة واحدة يرددها :"ان شاء الله هترجع "
‏تركها إلى أن اكتفت ، ابعدها  يقول : "رغم أنك بتخبي حزنكِ عني إلا أنى شيفه و حاسس بيه يا ماما ... عارف أنك مش عايزة تضعفي فنضعف بس لما تكتمي ألمك جواكي تتعبي يا أمي و إحنا ملناش غيرك دلوقتي ...."
‏مسح دموعها برفق فكانت كطفلته الصغيرة الباكية بين يديه ، رغم أنها تزوجت فتاة صغيرة ذات خمسة عشر عاما ، ألا أنها حملت على عاتقعا مسئولية جعلتها تنضج قبل أوانها ،  حاولت سجن هذه الصغيرة لكن الآن انهار سجنها و تشقق ، لتبكي هموم عمرها
،  ‏أجابته بصوت متحشرج تعانده بأخر ذرة تماسك تتشبث بها : "لازم مضعفش  ، و ابقى قوية يا حامد و إلا هينهار البيت ده ...مين اللي هيشتغل عشان البيت ده يفضل مفتوح "
‏فرد عليها بصوته الحاني : "امال أنا رحت فين يا أمي أنا رجلك  ...."
‏ضيقت عينيها تنتظر تكملة حديثه  ، فأزاح وجهه عنها يستأنف حديثه : " أنا نويت اشتغل و اساعدك في البيت يا أمي ، أنا كبرت و لازم اشيل الحمل عنك و أنتِ تقعدي كفياكي تعب و شقى ...."
زوت ما بين حاجبيها : " هتشتغل ايه ؟"
ينكس رأسه تتلكا أجابته على شفتيه فهو يعلم أنها يمكن أن ترفض  ، هو لا يريد الكذب فأجاب بكل صدق : "هشتغل ....ميكانيكي "
عقدت حاجبيها بانزعاج تخلع عنها رداء الطفولة و تلبس ثياب النضج ، تناقشه كأم واعية   : "أنت ناوي تسيب كليتك و تروح تشتغل ميكانيكي  ‏يا حامد طب المذاكرة و الامتحانات ، ده أنت كليتك صعبة ، و بعدين  هو أنا تعبت و لا اشتكيت  يا حامد ..."
قاطعها يقبل رأسها : "مش لازم تشتكي يا أمي كفاية أشوفك كل يوم ترجعي تعبانة من الشغل ده و تضغطي على نفسك و تروحي الشغل التاني ،   أنا كبرت و بقيت راجل لازم اشيل عنك ...و اريحك "
-" يا ابني أنا ببقي مرتاحة لما اشوفك بتذاكر و تدرس و تاخد شهادتك ببقي فرحانة ، و مين قالك إني تعبانة أنا مرتاحة في الشغل..... "
-: "مرتاحة .... مرتاحة لما ترجعي كل يوم تعبانة ورغم كده تعملي الأكل و تذاكري لدي و لده و بعد كده تسهري و تنظفي الخضار عشان تبعيه و أخر اليوم تترمي علي السرير من كتر التعب ....يا أمي أنا من وجبي اريحك و أنزل أنا اشتغل "
فقالت تعترض علي كلامه : "يا حامد.."
قاطعها قائلا: "متقلقيش يا أمي.. هذاكر وهنجح و هاخد الشهادة و أرفع رأسك بس مش هسيبك تتعبي و تشيلي همي ...من النهاردة مفيش مصنع و لا تنضيف خضار ...قعدي ارتاحي أنتِ و أنا هشتغل....."
ربت على يديها و قبلهما يقنعها ليأخذ مباركتها على قراره....
فنظرت إلى عينيه بفخر و إعجاب بابنها الذي كبر و أصبح رجلا يريد حمل تعبها عن كاهلها و يريحها ، فقالت : " طب أنا موفقة بس بشرط متقصرش في مذاكرتك
فأومأ برأسه موافقا :" حاضر"
-"و تحضر الامتحانات  "
- "حاضر "
-"اوعدني"
-" اوعدك يا ست الكل "
قبل يدها مرة اخري قائلا: "ربنا يباركلنا فيكي يا أمي و ميحرمناش منك "
فربتت على رأسه ، تدعي  له بسعة الرزق
تحمد الله على بركة في أولادها و أن يرجع الغائب .......
*************
دقات خفيفة خافتة  لكنها كافية  لتوقظهما   منتفضتان من الرعب ،  طافت أحداقهما بالمكان ، غرفة مظلمة لا يضيئها سوى ضوء متسرب من نافذة صغيرة ،
كل شئ يؤكد أن ما حدث حقيقة ، و أنهما كانا عشاء
لأربع ذئاب نعم أربعة ، لا يوجد مُدافع كلهم يريدون لحمهما الشهيي ، لقد صار الواقع حلم يتمنيانه حقيقة ، و الخيال أضحى حقيقة مُرة يرغبان بأن يعود حلم بل كابوس يقومان منه يعودان إلى حياتهما السابقة   ....
عادت الطرقات مرة أخرى ، فتقافز قلباهما خوفا ، ابتلعت فرح لعابها تجمع حبات شجاعة فرطت  منها ، تمسكت الأخيرة بذراعها و تشبثت يدها  بالفأس الذي حررت به سلاسل  الفتى ....
ترددت الطرقات ثانية مقترنة  صوت رجولي مألوف
"افتحي يا أنسة نور ....افتحي "
التفت فرح إليها ، تزفر تحاول التحكم بصوتها الخائف : " مين اللي بيخبط ...؟ "
ليجيبها قائلا :" أنا سيف ابن الحاج حسين "
تبادلا نظرات الحيرة أيفتحان له أم ماذا ؟، سألته بتردد :"عايز أيه "
-:"افتحي يا أنسة ، و أنا هشرحلك كل حاجة "
أضافت نور بعض القوى لصوتها لكنه فقد الأمان كصاحبته :"و احنا نضمن منين انك مش هتأذينا "
-:"و الله ما هأذي حد فيكوا ، بس افتحوا اشرحلكوا اللي حصل امبارح "
أحتل التردد ملامحهما و لكن لا يملكا خيارا أخر ليفهما ما يحدث ، ربطت  نور حجابها  ، تنفست عدة مرات  تجمع خيوط شجاعتها الضائعة تربط بهم على ترددها ، تزيح أثاث ببطئ تفتح الباب  ، توجه نحوه الفأس ناظرة إليه بحذر ،
تأملها لثواني ، فتاة قوية تتشبث بفأس  تعقد  حجابها بعشوائية ، ترتدي ملابس ممزقة  تعلق بها رمال  ، ووجه تجمعت عليه  أتربة ، و كأنها محاربة خرجت من المعركة للتو،  يا إلهي حالتها مزرية ،  الأخرى لا تقل عنها  معاناة
تحرك يقترب منهما فتشبثت فرح بعصاها مستندة على الحائط تهدده بتحفز :"عارف لو قربت خطوة تاني هقتلك "
رفع يديه باستسلام يبادل نظراتهما المهددة بأخرى حذرة ، يقول :" اهدي يا انسة .... اهدي انا بس عايز اشرحلك اللي شوفتيه "
قالت فرح : " اتكلم من مكانك ... أنت مين بالظبط ، و ايه الذئاب اللي شوفناها....و ليه عم حسين أصر نيجي هنا ... عشان نكون عشا ليكوا و لا ايه؟  "
-" ‏أنا سيف ابن الحاج حسين اللي انتوا قاعدين في بيته...."
-" عارفين أنك أنت سيف ابن العم حسين ... أدخل في الموضوع علطول ايه اللي حصل امبارح ده؟..."
اجابها بموهادنة :"حاضر هقولك علي كل حاجة ، انا كنت الذئب الأبيض اللي أنتوا شوفتيه ...."
و ها هو يؤكد صدق حدث نور  بكل بساطة  ، يحيل شكوكها إلى يقين ، كانت تتمنى أن ينفي أو يكذب عليهما ، لكن الآن  زاد من الرعب الذي بات مقيما في قلبيهما ،
لقد أيقنت الآن أنه مستذئب يتحول عند اكتمال القمر كافلام الفنتازيا ، و هو أيضا الذي أنقذها من الأسود ، أن قالت لأحد هذا سيتهمها بالخرف ، نعم  فكل ما شاهدته يعد دربا من الجنون  ، تقدمت نحوه بالفأس و خلفها صديقتها أردف بصوت هادئ حذر يبتعد عنها بخطوات :" اهدي يا أنسة نور ،  اصبري أكمل أيه اللي حصل..... "
صاحت به  :"اهدى أيه و أنت كنت عايز تقتلنا امبارح "
-"اديني فرصة اقولك اللي حصل ... اهدى لوسمحتي  "
ربتت فرح على كتفها فتراجعت الأخرى خطوتيين سامحة له بالكلام ،
استأنف يسرد لهما مابين السطور ، يفتح لهما زاوية أخرى ليران منها ما حدث بعينه هو
حكى لهم أن الواحة الملعونة تملؤها أسرار كثيرة ، أهلها أنفسهم لا يعرفون الكثير عنها ، هناك فجوة يستطيع البعض الدخول منها   ، لذلك  دخل البعض للواحة و مازالوا  يتعايشون معهم بسلام ،  لأنهم  حُرم عليهم أكل الغرباء  ، أخبرهم  أن تحول القمر لبدر يبدلهم إلى ذئاب كبيرة هكذا ولدوا بهذه اللعنة و لا يعرفون أسبابها ، تعايشوا معها و رضوا بها ،
شرح لهما أن الفتى عندما يخطو  عتبة الثامنة عشر يشعر بأعراض التحول ،  يفقد عندها المتحول السيطرة على جسده يشعر بجوع شديد ، يحطم كل شئ بحثا عن طعامه لذلك يقيدونه بسلاسل ، كما فعلوا بأخيه أياد .... أخبرهم   أن الكثير لا يثقون في الغرباء لذلك لم يرد على سؤالهم أحد ، و أن البعض يستضيفهم في بيوتهم أو" لوكانداتهم" بشرط أن يحملون بطاقات شخصية فهم يصنعونها بسهولة و يستخدمونها في الواحة مثلما يستخدمها أهل مصر ، لكنهما لا  يملكانها  لذلك استضافهما حسين في بيته ليكونا تحت نظره و رعايته ،  حل لهما لغز  وضع والده  المنوم ،  و علله بدافع الحماية لا أكثر و ليس طعام لأولاده ، خاف ليكشفوا  ما وراء ستار الليل ،  كان ينوي أن يمهد لهما يخبرهما بما يحدث ، لكنهما عرفا بطريقة مرعبة....

استولى الصمت على لحظات من أعمارهم ،
فقطعته نور تغضن جبينها  تسأله : " ازاي بتقول أن الذئاب محرم عليهم أكلنا ، و هما كانوا هيكلونا امبارح و أنت نفسك هجمت عليا ؟ "
و مع أخر كلماتها تلمست جرحها الذي ضمته البارحة بقمشة قطعتها من فستانها
"مش عارف ،
امبارح حصلت حاجة اول مرة تحصل "
سالته فرح : "ايه اللي حصل ..."
- : "اللي حصل يا انسة فرح ان القمر كان أحمر امبارح و ده اول مرة تحصل في الواحة ... أول مرة أسمع
الأصوات الغريبة اللي سمعتها "
تعجبت الفتاتان فاستأنف حديثه :"  أصوات غريبة وشوشة في وداني بلغة غريبة مش عارفها ، سمعتها امبارح و بعد ما سمعتها  حسيت بقوة عجيبة خلتني ابص للقمر غصب عني و بعد كده مش فاكر ايه اللي حصل ....."
أنزلت نورالفأس قليلا  ، تنظر لصديقتها بتردد فأجابتها الاخرى بالمثل  ...أحتارت الفتاتان  أيصدقان كلامه أم لا ؟ لا يستطيعا   تصديقه  و في نفس الوقت لن يقدرا على  تكذيب ما عاشاه البارحة ، فما حدث  من عجائب خارقة للطبيعة هو خير دليل  على كلامه....
خطر في بال نور شئ فقالت له : " أنت كنت بتحمينا في الأول من الذئب الاحمر و الذئب التاني...ازاي اتحولت ١٨٠ درجة و بقيت تهجمنا "
ابتسم سيف قليلا  لما رأها ترخى قبضتيها عن الفأس ،و بدأت أمارات تصديقه تتباين على وجهيهما ، فأخبرها  : "أنا هقولك ، انا كان معايا سلسلة بتحميني من اي حاجة و بتديني قوة ، السلسلة دي وقعت مني و أنا بتخانق بس معرفش راحت فين ؟"
تركت فرح كتف نور و تفقدت جيب جلبابها و هي تتذكر ذاك الشئ اللامع ،الذي  التقاطته ، انه  سلسال معلق به قلادة تحتضن حجر لامع لم تتمكن من رؤية لونه ، وجدته أثناء  قتاله  ، أخرجته من جيبها تتقدم بضع خطوات مستندة على الحائط وهي تتجاوز الأخرى  تقدمها إليه : "هي دي السلسلة "
فأومأ برأسه و هو يأخذها منها
سألته  :" طب اشمعني أنت الوحيد اللي معاك السلسلة دي ؟ "
ابتسم قليلا و هو يلبس السلسال حول رقبته يخبرها : " مش معايا أنا بس ..بعض العائلات هنا في الواحة  معاهم السلاسل دي بيتوارثوها جيل بعد جيل  "
ظلت الفتاتان يمطرانه بأسئلة كثيرة تشبع فضولهما الذي لا يشبع ،
‏لماذا هذه العائلات تحتفظ بالسلسال؟ لماذا الواحة ملعونة ، لماذا اصبح القمر بركة دماء و اهتاج الذئاب ؟
، لسانه يردد أجابة واحدة لا أعرف  ‏
تأفف يقاطعهما : "ياجماعة أنا كل حاجة عارفها قولتها ليكوا و أي اسئلة تانية معرفش ...اللعنه موجودة من زمان و إحنا اتعودنا عليها و رضينا بيها و سألنا الكبار  ليه حصلت اللعنة لكن قلولنا منعرفش ..."
ابتلعت فرح باقي كلماتها و فضولها معهم
، لكن الأخرى أفصحت عن رغبتها منذ أن وطئت هذه
الأرض الملعونة   : "احنا عايزين نمشي من هنا "
أشاح بنظره بعيدا يخبرها بأسف شاب كل كلماته  : " آسف مش هتقدروا تخروجوا من هنا ...الواحة  دي كل غريب دخلها زيكوا كده ...مقدرش يطلع منها ...و اتعود على اللي بيحصل و كمل حياته هنا معانا "
لا هذا مستحيل ثارت الكلمة داخلها فاضت بها لتصيح  : "مستحيل اللي انت بتقوله ...يعني ايه.... يعني اتحبسنا خلاص و مش هنقدر نرجع تاني "
فقال لها بأسف  "الفجوة اللي عند المعبد القديم اللي  دخلتوا منها  مش هتقدروا تخرجوا منها "
فتعترض الاخيرة : "يعني كلكوا محبسين هنا و مش هتخرجوا "
قال لها  : "لا في ناس منا قدرت تخرج و من سكان الواحة "
فرح : "ازاي الناس دي قدرت تخرج "
أشار الى سلساله يفسر لهما : "دول معاهم السلسلة دي فقدروا يخرجوا "
تمسكت صديقتها بذرات أمل تسللت إليها من كلماته :"طب ما حاولتوش أنكوا تدوا السلسلة دي لحد تاني عشان يخرج"

فأجابها يبعثرها  في الهواء :"جربنا بس المحاولة فشلت "
نكست الفتاتان جبينهما  بخيبة تسللت إليهما تضيع أمنية  العودة  التي يعيشان بها هنا ......فهما الآن  محجوزتان في الواحة الملعونة و لن يتمكنا الخروج من هنا  ، و رؤية اسرتيهما ،يمكثون في أحضانهم  الدافئة ، يتنعمون بقبلات محبتهم   ..... كل شئ هدم فوق رأسهم و كأن الأرض زلزلت من تحت أقدامهم لا مجال للخروج من هذا المكان ، أجبرتهما الظروف و الأقدار للعيش و تنفس مع هؤلاء الذئاب فكل الواحة تتحول لذئاب متوحشة
*********

التعليقات (0)
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقالات مشابة
...إخلاء مسئولية: جميع المقالات والأخبار المنشورة في الموقع مسئول عنها محرريها فقط، وإدارة الموقع رغم سعيها للتأكد من دقة كل المعلومات المنشورة، فهي لا تتحمل أي مسئولية أدبية أو قانونية عما يتم نشره.