الاعضاء الVIP
Ahmed Adel Vip Founder المستخدم أخفى الأرباح
mohamed Vip حقق

$0.56

هذا الإسبوع
أكثر الأعضاء تحقيق للأرباح هذا الاسبوع
Ahmed Adel Vip Founder المستخدم أخفى الأرباح
Azezasayed المستخدم أخفى الأرباح
محمد علي المليجي المستخدم أخفى الأرباح
MUSTAFA Hatam حقق

$1.99

هذا الإسبوع
Ramy Ayman المستخدم أخفى الأرباح
Ahmed حقق

$1.10

هذا الإسبوع
MOHAMED ESSAM حقق

$0.95

هذا الإسبوع
ايمان خشاشنة المستخدم أخفى الأرباح
shady magdy دكتور جامعي حقق

$0.73

هذا الإسبوع
MUHAMMAD85 حقق

$0.66

هذا الإسبوع
رواية الواحة الملعونة الفصل العاشر آية عبد الفتاح

رواية الواحة الملعونة الفصل العاشر آية عبد الفتاح

الفصل العاشر
ركضت الأيام و الساعات تمر بسرعة البرق  ، تجذب معها ليالي القمر ، و هما يرتعشان خوفا من تكرار ما حدث تلك الليلة ،   ....
مصباح  يتدلى من سقف مزركش ، يتأرجح يمين و يسار للامام و الخلف ، تلتف معه عيناها ، و يتراقص ضوءه الشاحب  بأرجاء المكان كما تتراقص دقات خافقها  ،غصة تحكمت بحلقها فلا تستطع الصراخ ، نداء تردد باسمها ،التفتت إليه يبتسم لها بقامته الطويلة يفرد ذراعيه ، تدنو منه خطوات فيبتعد ، تطلب منه الانتظار ، يتراجع ولسانه يناديها ، و فجأة اقتحم ذئب ضخم يسيل لعابه الطويل  يصل إلى
الأرض يلعق شفتيه يثب نحوها ، تركض لأخيها مذعورة تناديه ، لكنه يشحب لونه ،  يستمر في
الانسحاب عنها ،
اقترب الذئب منها فقفزت تحتضن أخيها لكن لونه شفاف و جسده لا يمس كالاشباح يتلاشى بابتسامته الدافئة و يتطاير  بالهواء ،
صوت اصطدام الباب أجفلها ، شاهدته
يطل بعينين تبرقان تحملق بها ، ناده قلبها قبل لسانها   : " بابا انقذني "
و هو جامد كتمثال لا يحرك ساكنا ، فقط يراقب ، قبضت يده ترجوه لكنه ابتسم بشر ينفض يدها ، يدفعها نحو الذئب الذي وثب عليها يعوي بانتصار يختلط صوته  بصرخاتها و توسلاتها
......
انتفضت تصرخ تطوف عينيها بالمكان ، إنها مازالت بشقة العم حسين ، لقد  عادوا إلى الشقة بعد أن اصلحوا ما تضرر بها ....
نهضت تستغفر ربها من الكابوس ترتشف قليلا من الماء ، ....
كيف تحلم به ...أبعد كل هذه السنوات  ما زالت تتذكره ؟ تتذكر ملامحه ، تتذكر كلمة أبي ، هل مذاقها حلو دافئ ، أم روتيني بارد ...؟
ما معنى هذه الكلمة ؟ لا تعرف كل ما تعلمه أن معناها ينطوي على قيمة كبيرة ، هو بالتأكيد جاهل بها ...
‏غضبت من نفسها تلومها على توسلها له في حلم ، تعاتبها بداخلها و تسأل : " أمازلتي تترجيه كطفلة ؟ أتشتقين إليه ؟ ألا تتذكري ما فعله بكم ...؟ "
‏ابتسمت بسخرية ...
‏ تتذكر حقيبته الممتلئة بملابسه تهتز بين
والديها ، يتصاعد حوارهما متحورا إلي شجار ، اختلطت  به الأيدي ، لتفوز يديه بانتصار دافعا أمها على الأرض ، يطلق عليها رصاصة الطلاق ، فتهوى أمها و منطفئة الروح و القلب ،  تخلى عنهم ،يلهث وراء معلمتها الملونة
‏لم تنسى هذه الحرباء بشعرها الأصفر الطويل و عينيها الخضراء ، و بشرتها البيضاء تشرئب بحمرة تخطف الأنظار تشبه أشارة المرور تماما ،
‏و منذ ذلك اليوم أمها تذبل كزهرة مُنعت عنها الماء ....أما هي  دُفع عمرها  سنين للامام ، رغم صغر سنها حملت على كاهلها مسئولية عمل و دراسة ، لم تعش حياتها مثل فتيات جيلها ، لم ترتدي أفضل الثياب ، لم ترتد النوادي و المطاعم لم تتنزه مثلهم ....
‏فقط عمل و دراسة ، أصبحت أم صغيرة
لأخوتها  .....
‏تنفست بعمق تردد قرارها ، هي لن تعتمد على أي ذكر  ، ستكون سندا لنفسها ، لن تنتظر يد مساعدة إذا تعثرت ، ستنهض وحدها ، لا تنكر أن أبيها كان حبيبها الاول ،
في صغرها رسمته بعقلها الباطن ،  رشت عليه ألوانا زاهيه زادته هيبة ، أضفت لعينيه البنيتين لون حاني كعينيها ، و ابتسامته استقت من بحور رحمة و حب ، يهديها و  يرويه بها،
أما الآن بعد أن ظهرت الشمتاء الملونة تخطفه من بينهم  ، لوث ألوانه بأسود قاتم كريه ، تكسر برواز صورته ليسقط متشققا لشذايا متناثرة لروحها ،
كانت تنتظر رنة مفاتيحه ، تكة مسلاج الباب ، دخوله للبيت ، ظلت تتمنى عودته لكنه خيب أملها تكسرت ذاتها إلى شذايا متناحرة تجرح بعضها تتشاجر بين مؤيد و معارض له ؛ إلى أن صمت المؤيدون و اجتمع الجميع على أنكار حبه الذي تجمد تحت ركام ثليج
الانتظار
إلى الآن تحاول مداوتها ، إلى الآن تحاول لحم شذاياها .....
تنهدت بعمق  سامحة بعقلها أن يطوف بعيدا إلى ذكرى قريبة تشتتها عن حزنها
........
دلف غرفتهما بمعطفه الأبيض و سماعته ...
لتتسع أعينهم بمفاجئة سيف ابن عم حسين هو نفسه طبيب الذي عالجهما بالواحة ..
كتم ابتسامته من دهشتهما ،
اقتربت الممرضة  من يد فرح تعقم الجرح تحت نظراته ، تسألت : " هو إحنا كده ممكن نتحول لذئاب زيكوا ، بعد ما عضني الذئب ده ؟"
أطلق ضحكة عالية يقول : "الأفلام الاجنبية بوظت سمعتنا خالص .. لا طبعا "
أشارت صديقتها على يدها تقول:" طب الجرح ده مش..."
قاطعها يؤكد  : "لا مش هتتحولوا و لا حاجة ..."
زاد فضول  نور ، فقالت تحاول اشباعه  : "طب هو أنتوا بتاكلوا أيه ؟...ادام حرم عليكوا أكلنا "
التفت إليها يخبرها ببساطة  : "بناكل زي ما بتاكلوا عادي ... حتى لو اتحولنا بناكل ما احله الله لنا عادي "
امطرته  باستفسارات حشرت بحلقها ، تكاد تخنقها إن لم تفصح بها  : "طب انت خرجت من الواحة ؟  و ليه التليفونات مفيهاش شبكة ؟ و...."
أوقفها بيده يجيبها : "كل دي اسئلة .... واحدة واحدة .... وانا هجوبك على كل حاجة يا نور .... أولا أنا اه خرجت من الواحة و لفيت القاهرة و أسوان و الأقصر شبر شبر .... و طبعا التليفونات الأرضي و المحمول مفيهاش شبكة لأننا بعزلة عن العالم .. و طبعا مفيش أنترنت"
تولت الأخيرة دفة التحقيقات عنها : " أنا شوفت عربية عم حسين قديمة أوي شبه عربيات رشدي أباظة ؟ هو ده يعني أن أحنا كده رجعنا بالزمن لورا و لا ايه ؟"
ابتسم يقول لها : " أحنا مرجعناش بالزمن لورا و لا حاجة ، بالعكس  الواحة بس مش موجودة على الخريطة و محدش يعرف عنها حاجة منعزلة عن العالم بس الفجوة بتوصلها بيه... أما عربية الحاج ... فالحاج بيحب العربيات دي مش أكتر ... إنما في عربيات تانية بس من غير أنترنت و لا جي بي أس ، عشان أحنا بعزلة عن العالم كله ...."
كادت الأخرى أن تتحدث لولا أن دق الباب طرقات خافتة قاطعتها ، تدلف منه فتاة ترتدي حجاب كريمي ، فستان كثياب القاهرة ، تنكس رأسها بحياء لم يمكنهما من تعرف على ملامحها ..... ابتسم يقترب منها
، يضع ذراعه على كتفيها يقربها منهما تحت نظراتهما المتعجبة ،  أشعل ذلك الفضول بصدر نور.. ماذا يقربها هو ليمسها بهذا الشكل الحميمي ....؟
‏ توقف  يعرفهما عليها  ، إنها ابنة خالته و أتت لتتأسف لهما ،
ازداد اندهاشهما مما تتأسف ؟
رفعت الفتاة رأسها لهما ، لتكشف عن وجه أبيض تناثرت على  فراشات نمش منمنمة على وجنتيها و أنفها ، زادته جمالا و حاجبين برتقاليان اقتربا من الحمرة  ، تبدو صغيرة لا يتجاوز عمرها التاسعة عشر تقريبا ....
‏اخذت توضح  لهما و أمارات الخجل استولت على وجهها ،
أنها هي الذئب الأحمر ، هي من اقتحمت عليهم الشقة و دمرتها ركضت خلفهم ،
غضن جبينهما بغضب
فأقسمت أكثر من مرة أنها لم تكن بوعيها ، لما علمت ما فعلت أرادت الاعتذار منهما ..... ‏
‏ليقبلا اسفهما و يتبادلن الأحاديث ،
......
ابتسمت تتذكر ملامح نور التي كاد الفضول يقتلها
كالعادة لمعرفة سبب تقرب سيف من الفتاة ، التي علمتا من حوارهن بالمشفى أنها ولدت مع أياد بالعام نفسه و إنها تكبره بشهرين ، و أن  والدتاهما كانا يتمنيان تزويجها بسيف  لكن والدتها مرضت ببداية ولادتها ، فقامت  أمه بإرضاعها و هكذا صار لها أخوان
يدللانها بعد أن كانت وحيدة والديها ، عادت إلى واقعها   ماذا ستفعل الآن ؟ ،...لا توجد مهام تسعى لانجازها كالسابق
نامت تسحب الغطاء عليها ، تعود إلى جزيرة أحلامها هناك حيث تحلم بما تشاء ، تدعو الله أن يبعد عنها الكوابيس   ، استغرقت ثانيتان ليغزل النعاس مغزل جفنيها يخيطه  و يأخذها في سنة من النوم
لكن هيهات دفعت نور باب غرفتها بقوة أجفلتها ، استغفرت تضغط عينيها تمثل النوم
لم تتركها هزتها تقول لها :"قومي بقى كفاية نوم  ، الست دي عايزانا نساعدها جي ضيوف ، أم احمد مجتش تساعدها ...."
همست بصوتها الناعس تغطي وجهها : " أنا مش هنزل للست دي مش بطقينا ..."
أزاحت نور الغطاء عنها  : " لا مهى عنود تحت ، البنت دي لطيفة خالص قومي نتسلى بدل قاعدتنا اللي ملهاش لزمة دي ...."
عاندتها فرح تضع الوسادة على رأسها تتهرب منها ....: " لا روحي أنت ، أنا مش هنزل "
أزالت عنها الوسادة تجذب يدها تلح عليها : " يلا قومي عشان خطري ننزل سوى ، بدل نومك ليل نهار ده ...."
فقامت الأخرى تتأفف منها ترتدي ثيابها ليصعدا لتلك المرأة العابسة ...
*********
حجر يتدحرج باندفاع يصطدم بأخيه ليتشقق و يتفتت إلى أحجار صغيرة تنتشر متباعدة في
الأرجاء ، ليدفع حجر أخر بيأس مستسلم لأفكاره السوداء التي أدارت عقله
صوت اصطكاك معلقة أخرجه من دائرة أفكاره ....
"اتفضل الشاي "
يتبع جملته واضعا كوب الشاي بجوار إخوته ،  و يذهب متعجبا منه هذا رابع كوب يضعه أمامه ....
حاصرته افكاره من جديد لينتشله هذه المرة صوت نداء صديقه سمير " يا صاحبي ...انت رحت فين ؟ "
التفت إليه يلتزم بصمته ، يستدير يعيد نظراته إلى نقطة فراغ وهمية ....يستعيد مشدته الكلاميه مع رئيسه بالورشة ، أنه لم يعطي له فرصة أخرى يتشرب منه الصنعة  ...و في النهاية أعطاه مستحقاته و طرده من الورشة .....
بعد عشرة أيام من العمل و شقاء و تعب ...
عاد صوت صديقه يتردد  : "يا عم نحن هنا ... أنزل معانا على الارض"
التفت إليه متغضن الجبين منحني الأكتاف ، بانت عليه أمارت بؤس ...
فسأله سمير : "مالك في ايه ؟ "
أطلق زفرة بائسة مثله يقول : " الراجل طردني من الشغل ...."
-"ما هو عنده حق ، جه اشتكلي منك النهاردة ، بقى تبوظ عربية الراجل و عايزه مش يطردك ....تاني عربية تبوظها يا حامد هتبوظ سمعة محله يا راجل "
نكس رأسه يحمل همومه فوقها فقرر أن يبوح بها ، لعله يتخلص منها :" أعمل ايه دلوقتي يا سمير رجعت لنقطة الصفر و مش لاقي شغل ، و كمان أمي قاعدت من الشغل ، دبرني يا صاحبي ...."
ذهبت عيناه إلى أكواب الشاي المتراصة على طاولته : " كل ده شاي كأنك غني ، و أنت قربت تروح الحسين تشحت ...."
اجابه : " ما أنا مرضتش أقول لأمي أني اطردت ؛ فتنزل تاني تشتغل .. كل يوم قعد على القهوة زي ما أنت شايف أشرب لحد ما املي بطني و أطلعلها .. و كأني في الورشة.. لحد ما الفلوس اللي معايا قربت تخلص  "
لفّهما صمت لا يقطعه سوى صوت وضع الأكواب ، وصوت الزبائن
حتى قطعه سمير يقول بحماس شاب نبرته : "خلاص مش أنت بتقول ليك حق عند عمك ، روح خده بدل الشغل و التفت لدرستك "
ابتسامة جانبية ارتسمت على شفتيه  : "عمي...عمي واكل علينا حقنا و بيقول أن أبويا باع له نصيبه في المطعم و مفيش أي اثبات ناخد بيه حقنا ..."
رنا الأخر للصمت بتره يقترح عليه :" خلاص روح اشتغل معاه "
" بقولك عمي واكل حقنا و في خنقات كتيرة بينا و
خلافات اروح اشتغل معاه ازاي  و يبقي وشي في وشه ؟ "
- " روح و جرب يمكن يشغلك ...."
- " و لو مشغلنيش "
-  " يبقي ساعتها مخسرتش حاجة "

صمت حامد  قليلا ، فاستأنف سمير  يشهر إصبعه بتحذير :  " بس تروح تتكلم معاه بهدوء و براحة
مش دبش معاه خناقة "
- : " يعني أيه ؟ "
- " يعني سايسوه (هاوده ) خده علي الهادي .....
لحد ما يشغلك ، متكلموش في حوار الورث و الكلام ده
..."
لزم الصمت يفكر في كلامه ، فوكز الاخر : "ياعم ساكت ليه ؟"
- " لسه مش مقتنع بللي بتقوله ...."
- ‏" ياعم جرب و مش هتخسر حاجة "
- " طيب هروحله و ربنا يستر "
وافق على مضض ، أنه سيفعل أي شئ للعمل لكي لا تعود أمه للمشقة و العمل سيهنأها ، و يصير عكازا تتسند عليه كل الاسرة حقا ، يعوضهم عن أب تخلى عنهم ،سيذهب إلى عمه  ليرضي ضميره ، و يشعر أنه دق كل الأبواب لطلب الرزق ، و يترك الباقي لربه يسيره كيف يشاء ......راقب الورشة جيدا حتى اختفى أثر الصبية و رئيسهم بالداخل ...
نهض بخفة واضعا يديه بجيوب بنطاله يدندن بنغمة يحفظها عن ظهر قلب ، يدنو من سيارة مهترأة تكاد تتكلم تقبل أيدي صاحبها البخيل لتركها و تغيرها بأخرى ، لكنه لا يود أن يفرط بها و يصرف أمواله على أخرى ، فهذا بزخ بالنسبة له ... لقد عكف عليها كل يوم ليصلحها لكن لا فائدة ترجى منها
يضع تراب على كتفيه و بنطاله ... سار خطوتين يختبئ  خلفها عينيه تتعقب الصبية حتى تيقن من انشغالهم  ، فربت على  فمها المفتوح ، يعبث ببمحتوياتها حتى طبعت عليه بشحمها  ليمسحه على جبهته ووجهه ، يصعد إلى امه  ، يتقن دوره
ضحك الأخير من تصرفه ، بينما وقف النادل بجانبه يضرب كفا بكف على حامد فكل يوم يأتي و يفعل ما فعله الآن .. لا يزد أو ينقص منه شئ هل ضرب الجنون رأسه أم ماذا ..؟...
***********
ضربت البيض بالطاولة ليتشقق و يسيل منه سائل لزج تفتحه سامحة له بالانزلق بوعائه ، هكذا فعلت مع إخوته تسكبهم بهدوء على الدقيق ، تقلب الثانية محتويات الطعام كما تقلب كلماتها بحوار لم يختلط بعد ، تضيف صديقتها اللبن البارد على الخليط ، تتابع الأخيرة عملها جيدا ليتحول إلى عجين متمامسك فتجذبه الثالثه تجذب معه أطراف حديث امتزج بينهم و صار متماسكا....
سكبته في صينية ، و أخذت تربت عليه بالمعلقة و تهدهده  تساوي أطرافه ، تشرع  نور الفرن فتتصاعد منه أنفاس دافئة تطير منه و تحفهن ترسل دفئها إلى قلوبهن الباردة من ألم فراق الأحباب ، و بعد دقائق تطايرت رائحة الكعك الشهي تنتشر في المطبخ بأكمله تحتضنهن ، تشهد على أحاديثهن الدافئة التي نضجت مثل كعكتها  ، اخرجتها عنود من الفرن ، تسرق بأطراف أصابعها فتفوتة صغيرة من حافتها المقرمشة تلقيها بثغرها تنفخ أصابعها الملتهبة من سخونتها ، ابتلعتها تهبط بمعدتها و تتلذذ بطعمها الشهي كمذاق  صداقتهن الوليدة  التي انزلقت بقلوبا تؤنس وحدتها ....
راقبتهن كالصقرعاقدة الجبين ، عابسة الفم ، و بداخلها غضب مكتوم لا تستطيع اطلاق صراحها ،  لا تعلم لمَ امتزج الجميع مع هاتان الغريبتان ؟ لماذا يتعامل الجميع معاهما بود كأنهما من اهل الواحة ؟ حتى عنود أبنة شقيقتها ...تأففت بأنزعاج ...
انتزعها صوت صرير الباب يفتح ، دنت الفتيات تختبئن وراء الستار يرين من الطارق .. ؟
شيخ يدخل بخطوات متأنية يستند على عصاه الخشبية ، يغطي رأسه شعر انتشر به ثلج ناصع البياض و كذالك لحيته الطويلة ، تجمعت عليه خطوط الزمان ترتسم حول عينيه و رغم ذلك احتفظ بوقاره و هيبته ، سلم على حسين بحزم  ، و دخل ، يتبعه شاب قوي البنية لم يتبيين ملامحه فهو يولي لهم ظهره ....
سألت فرح عنود التي تقف فوقها : "مين الشيخ اللي دخل ده "
فأجابتها الأخرى مركزة عينيها عليه تشير بأصبعها عليه : " ده شيخ عبد العزيز "
لم تضف و رنت لصمتها
فالتفتا إليها ينتظرانها تكمل ، اعتدلت تأرجح معها شعرها الأحمر كلون فراءها  ، لينسدل بنعومة و يستطيل لظهرها تستأنف تحرك يديها  : "واحد من شيوخ الواحة الكبار ...."
صمتن و ترقبوا ، دلوفهم إلى غرفة الجلوس ليغلق العم حسين خلفهم  ،
و بعد دقائق يقترب منهم يصيح بزوجته يأمرها بأحضار الشاي ...
تهمهم تفيدة بكلمات منزعجة تسكب الشاي بأكواب ، و تحمل الصينية تعطيها لفرح ، تقول بكلماتها المقتضبة بصوت لأول مرة تسمعه الأخيرة منذ أن دخلت هذا البيت :"خدي يا اختي وديها هناك .."
حملت الصينية بحذر تتحرك بتأني ، توزع نظراتها بين  طريقها و ما تحمله   ...
تقف تسند الصينية بيد ، و الأخرى تطرق بخفوت على الباب ، يفتح حسين يسد الرؤية عنها ، يأخذ منها ما تحمله يدلف  مغلقا  الباب خلفه ، يرتفع صوت عم حسين يجذب أذنها إلى الباب تسمعه يصيح  :"إزاي الكتاب يتسرق منك يا شيخ عبد العزيز ..دلوقتي إحنا في خطر "
انتبهت نور لوقفتها ، فالتفتت تتأكد من عدم ملاحظة أحد لها  ....اقتربت منها تحذرها بهمس لكن الفتاة أسكتتها بأصبع تشير للباب ... فصمتت  تسمع
صوت شابه خشونة و نضج :
"جيت اقولك عشان تاخد حذرك من الأغراب يا حسين ...و انا مسئول  ارجع الكتاب اللي اتسرق .."
-:"طب مين اللي سرقوا "
- :"اللي سرقوا واحد من الأغراب عندنا ..واحد عطفنا عليه و دخلنا بيتنا عض الايد اللي اتمديت ليه
بالخير و عرف سرنا و سرق الكتاب ...."
-: "ده اللي فسر تغير لون القمر  للون الأحمر  الاسبوع اللي فات طب أنتوا ازاي.... "
قاطعه طرقة عصا حازمه أجفلا لها ، أجابه بحزم  :" ملكش دعوة بكتاب القبيلة بتاعتنا ... أنا هرجعوا .. خد حذرك من الأغراب و بس .... يلا بينا "
استوقفه الأخير : "طب استني يا شيخ عبد العزيز ...طب أنت ما شربتش الشاي ...طب
الشيخ : " أحنا مشجيين نضايف هنا يا حسين ، أحنا جايين عشان نقولك و تاخد حذرك  يلا بينا ... "
ركضا   إلى المطبخ ، تختفيان وراء الستار يتابعان مغادرة الرجلان من المنزل ....تبادلت الفتاتان نظرات الحيرة ، عن أي كتاب يتحدثون عنه و ما علاقته بما حدث تلك الليلة العجيبة ؟
عبثت الأسئلة برأسيهما ، لا يعرفان لها أجابة

التعليقات (0)
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقالات مشابة
...إخلاء مسئولية: جميع المقالات والأخبار المنشورة في الموقع مسئول عنها محرريها فقط، وإدارة الموقع رغم سعيها للتأكد من دقة كل المعلومات المنشورة، فهي لا تتحمل أي مسئولية أدبية أو قانونية عما يتم نشره.