سمير الاسكندراني: و دوره في كشف أكبر شبكه جاسوسية في مصر - ج٣
وبعدما اطلع ناصر على كل شئ أخبر سمير أعتقد أن دورك لم ينته بعد يا سمير.. أليس كذلك؟
أجابه الشاب في حماس شديد: أنا رهن إشارتك يا سيادة الرئيس، و دمي فداء لمصر ، وكان هذا إيذانا ببدء فصل جديد من المعركة .
بداية العمل الأكثر خطورة:
كان سمير ثعلباً حقيقياً، أستوعب الأمر كله و التدريبات كاملة في سرعة و إتقان، و برزت فيه
مواهبه الشخصية، قدرته المدهشة علي التحكم في انفعالاته ، براعته في التعامل مع العدو و خداعه فى نقل المعلومات بحنكة و كانت نوعية معلوماته صحيح هامة ولكنها تقليدية حتى لا تثير شكوك العدو بالتعاون مع المخابرات المصرية .
و كانت أهم مرحلة التى قطعت أى شك اتجاه سمير رفضه بذكاء شديد لعملية تجنيد أحد
أقاربه العسكريين وا نها على غير قدرة و أوضح انه شخصا عاديا ليس هناك اى شئ يثير
الشكوك حوله و وقع جوناثان أكثر فى الفخ.
و قد حان الان وقت جنى الثمار و ايقاع الشبكات واحدة تلو الأخرى
طوال الوقت كان سمير يشكو في خطاباته إلي جوناثان من احتياجه الشديد للمال، و يهدد
بالتوقف عن العمل، و في الوقت نفسه كان يرسل لهم عشرات المعلومات و الصور، التي سال لها لعابهم، و خاصة بعد نجاح سمير فى اختبار روما الذى وضعه لهم الاسرائليين زادة الثقة
أكثر فأكثر
فطلبوا منه استئجار صندوق بريد، و وصل ثلاثة الآف دولار داخل عدة مظاريف وصلت كلها من داخل مصر، لتعلن عن وجود شبكة ضخمة من عملاء إسرائيل، تتحرك في حرية داخل البلاد و تستنفذ أسرارها فبدأت خطة منظمة للإيقاع بالشبكة كلها.
فاستكمل سمير الخطة عندما طلب منه ارسال أفلام مصورة، أعلن خوفه خشية أن تقع في أيدي الجمارك و رجال الرقابة،
فأرسل إليه جوناثان رقم بريد في الإسكندرية، و طلب منه إرسال طرود الأفلام إليه، وبدأت خيوط الشبكة تتكشف شيئا فشيئا، لقد كانت أضخم شبكة تجسس عرفها التاريخ، و معظمها من الأجانب المقيمين في مصر الذين يعملون بمختلف المهن.
و أدركت المخابرات المصرية أنها أمام صيد هائل، يستحق كل الجهد المبذول و قررت أن تعد خطتها بكل دقة و ذكاء و تستعين بقدرات سمير الثعلبية، لسحق الشبكة كلها دفعة واحدة، في أول عمل من نوعه، في عالم المخابرات و بخطة ذكية و أنيقة، تحتاج الي مقال كامل لشرحها،
استطاع سمير إقناع المخابرات الإسرائيلية بإرسال واحد من أخطر ضباطها إليه في القاهرة، و هو موسى جود سوارد، الذي وصل متخفياً، ولكن المخابرات المصرية راحت تتبع خطواته في دقة مدهشة، حتى توصلت الي محل إقامته، و إلي اتصالاته السرية برجلين هما رايموند بترو، الموظف بأحد الفنادق و هيلموت باوخ، الدبلوماسي بأحدي السفارات الأوروبية، و الذي ينحدر من أم يهودية،
و يتولى عملية إرسال العمليات إلي الخارج، مستخدماً الحقيبة الدبلوماسية بشكل شخصي، و بضربة مباغته، ألقت المخابرات المصرية القبض علي موسى، و تحفظت عليه، دون أن تنشر الخبر، أو تسمح للآخرين بمعرفته، و تمت السيطرة عليه ليرسل خطاباته بنفس الانتظام الي الموساد، حتى يتم كشف الشبكة كلها، و الإيقاع بكل عناصرها ، و كسرب من الذباب، أنطلق في وجهه مبيد حشري قوي، راح عملاء الشبكة يتساقطون واحد بعد الأخر، و الحقائق تنكشف أكثر
و أكثر، و دهشة الجميع تتزايد و تتزايد ، ثم كانت لحظة الإعلان عن العملية كلها، و جاء دور
الإسرائيليين لتتسع عيونهم في ذهول، و هم يكتشفون أن الثعلب المصري الشاب سمير
الاسكندراني قد ظل يعبث معهم و يخدعهم طوال عام ونصف العام، و أنه سحق كبريائهم بضربة ذكية متقنة، مع جهاز المخابرات المصري، الذي دمر أكبر وأ قوي شبكاتهم تماماً، و فكروا في الانتقام من الثعلب بتصفية شقيقه سامي، و لكنهم فوجئوا بأن المخابرات المصرية قد أرسلت أحد أفضل رجالها لإعادته من النمسا، قبل كشف الشبكة ، و كانت الفضيحة الإسرائيلية عالمية،
و نصراً مصرياً كبيراً
و استمع سمير إلي التفاصيل و هو يبتسم، لقد دعاه الرئيس جمال عبد الناصر، ليكافئه علي
نجاحه في تلك اللعبة، عندما تسبب نجاحه في استقالة مدير المخابرات الإسرائيلية هرطابي .