مقالات اخري بواسطة علي شريف
جريمه الحي النائي

جريمه الحي النائي

0 المراجعات

يوم ١٨ فبراير سنة 2019 كان يوم مرعب في حياة قرية بالكامل.. 
بدأ اليوم الساعة 6 الصبح، لما خرجت زينة من البيت عشان تحضر امتحان مهم ليها في الجامعة. وكانت حريصة إنها تصحى بدري عشان تلحق المواصلات العامة اللي هتوصلها من قريتها البعيدة عن المدينة لحد الكلية، والمسافة كانت تقريبا ساعتين ونص.. لكن زينة محضرتش الإمتحان ده أبدًا، وده اللي أكدته صاحبتها لما اتصلت بوالدة زينة عشان تسألها هي ليه اتأخرت في يوم مهم زي ده.. حاولت الأم تتصل ببنتها لكن المفاجأة إنها لقت التليفون بتاعها مقفول، ودي حاجة عمرها ما كانت بتحصل أبدًا.. بدأ الوقت يمر، وعيلة زينة ما بين خوفهم وانتظارهم، مكانوش قادرين يعرفوا إيه اللي حصل لبنتهم. لحد ما جالهم إتصال تليفوني من مستشفى قريبة من القرية.. ساعتها الأب والأم راحوا بسرعة عشان يطمنوا على بنتهم ويعرفوا إيه اللي حصلها، وليه ما راحتش امتحانها وسبب وجودها في المستشفى! 
ولما وصلوا الاستقبال، سألوا الموظفة الموجودة على اسم بنتهم، لكن قالتلهم إن مفيش حد هنا موجود بالإسم ده، وساعتها قرّب منهم ظابط شرطة، وسألهم: "إنتوا أهل زينة؟" ردوا بخوف عليه وقالوا أيوة.. فقالهم: "إتفضلوا معايا على المشرحة، عشان تتعرفوا على الجثة!" 
_______________________

كان خبر حزين ومفزع وهز القرية كلها لإن الجثة اللي كانت في المشرحة كانت فعلا جثة زينة. وعليها آثار مقاومة واعتداء بتبيّن تعرضها للهجوم. وكان لازم تشريح الجثة عشان الشرطة تقدر تتعرف على سبب الوفاة، ويمكن يلاقوا الدليل اللي يوصلهم للقاتل.

دخل أهل زينة في حالة مأساوية بعد معرفتهم باللي حصل. محدش كان يصدق إن بنتهم يحصلّها كده، وخصوصًا وهي مالهاش أي أعداء، وكانت دايمًا هادية وفي حالها وعمرها ما اشتكت من حد ولا حد اشتكى منها! 
بدأت التحقيقات، واكتشفوا رسالة على تليفون زينة قبل ما يتقفل من شاب بيقولها إنه لا يمكن يوافق إنها تسيبه، ومفيش حاجة هتفرق بينهم غير الموت..وعمره ما هيحب غيرها.. 
الأب والأم مكانوش يعرفوا أي حاجة عن الشاب ده أو علاقته ببنتهم، وهنا بدأت الشرطة تحقق وتسأل أصدقاء زينة في الجامعة عن الشاب، وصاحبتها كانت الوحيدة اللي تعرف عن العلاقة دي.. 
وقالت إنهم على علاقة بقالهم سنة، لكن زينة كانت بتفكر تنفصل عنه، وهو عشان بيحبها صمم إنهم يفضلوا سوا.. 
تم استدعاء الشاب اللي كان على علاقة بزينة بما إنه آخر شخص كان بيتواصل معاها، ومن الرسايل بينهم كان واضح إن العلاقة متوترة وإن فيه مشاكل ممكن تكون هي سبب اللي حصل. 
الغريبة إن الشاب كان في حالة صدمة لما عرف سبب التحقيق معاه. وكان هيجراله حاجة لما عرف إن زينة اتقتلت.. 
ولما سألته الشرطة إمتى كان آخر مرة يشوف فيها زينة، قالهم إنه مشافهاش بقاله أسبوع.. 
وعشان كده خرج لإن مفيش أي أدلة وقتها عليه غير الرسالة.. وبعد يومين.. لما الشرطة قدرت ترصد كاميرا قريبة من الموقف اللي بتركب منه البنت للجامعة.. قدروا يراجعوا الكاميرات اللي كانت في موقف الباصات، والمفاجأة إن فيه كاميرا رصدت وجود الشاب نفسه مع زينة وكمان حصلت مشادة ما بينهم، وده اللي خلى زينة ما تقدرش تركب الباص وتتأخر على امتحانها.. 
كان واضح إن الشاب بيكدب، والتحقيقات أكدت إن هو القاتل، بعد ما لقوا حمضه النووي في أظافر الضحية.. 
وفضل لغز غريب الشرطة ما قدرتش تحله، لما كان مفقود من جثة زينة إصبع البنصر، واللي في العادة بيكون الإصبع اللي البنت بتلبس فيه خاتم الزواج أو الدبلة.. واعتبروا إن ده دليل زيادة عشان زينة رفضت حبيبها وكانت هتنفصل عنه، وده كان انتقامه منها.. اتسأل الشاب عن الإصبع المفقود، لكن أنكر إنه يعرف حاجة، أو حتى إنه له علاقة بموت حبيبته.. 
وتم الحكم على الشاب بالسجن مدى الحياة، بعد ارتكابه لجريمة القتل البشعة، اللي فضلت في ذهن الناس لفترة طويلة.. ورغم إن الشرطة اتأكدت من ارتكابه للجريمة، كان هو مُصر إنه عمره ما هيأذي الإنسانة اللي حبها، وإنه بريء وكل اللي عمله إنه اتكلم معاها عشان ما تسيبوش، وبعدها سابها ورجع لشغله..

____________________________

وبعد سنتين، وتحديدًا يوم 18 فبراير سنة 2021.. قدّم راجل متجوز بلاغ عن اختفاء مراته بقالها 3 أيام.. وقال للشرطة إنها قالتله إنها هتخرج وتزور أهلها، وترجع بالليل في نفس اليوم.. لكن الزوج اتفاجئ بعد رجوعه من الشغل لما لقى تليفون زوجته بيرن في البيت وفكر إنها يمكن تكون نسيته، ولما اتصل بوالدتها، قالتله إنها ما شافتهاش ولا راحتلها النهاردة.. 
في البداية قرر الزوج إنه يستنى بدون ما ياخد أي رد فعل عشان كان فاكر مراته بتكدب عليه، وشك إنها ممكن تكون بتخونه.. لكن بعد 3 أيام بدأ يقلق وخصوصًا إنها ما ظهرتش وأهلها بدأوا يسألوا عليها، وهو مكانش عارف يقولهم هي فين..

بدأ أهل الزوجة يسألوا في كل المستشفيات المحيطة بيهم، والأقسام.. لكن محدش فيهم لقى اسمها موجود في أي مكان.. 
ويوم 25 فبراير.. بلّغ مجموعة من الأطفال عن جثة لقوها مرمية جنب الطريق وعشان الأمطار كانت مستمرة 3 أيام ورا بعض، محدش كان بيمشي من الطريق ده.. وبالصدفة لما خرجوا يلعبوا، لقوا قدامهم منظر عمرهم ما هينسوه طول حياتهم للزوجة المقتولة.

اتعرف الزوج على جثة مراته، وبعد تنظيف الجثة من آثار المطر، بدأ فريق التحليل الجنائي يدوّر على أدلة في مكان حدوث الجريمة.. ومن هنا كانت المفاجأة اللي محدش كان يتوقعها أبدًا.. لما لقى فريق التحقيق الجنائي، كيس محطوط فيه إصبع البنصر، اللي كان مفصول عن جسم واحدة ست..

بدأت التحقيقات توّضح مع مرور الوقت وكثرة الأدلة، إن القاتل اللي ارتكب جريمة الزوجة، استخدم نفس الأسلوب اللي قتل بيه بنت من سنتين وجريمة قتلها اتعرفت بجريمة الحي النائي..

خرجت ملفات قضية قتل زينة، وكان الفاصل في الموضوع، هو تحليل ال DNA اللي أثبت إن الإصبع اللي كان في مسرح الجريمة، كان بينتمي لجثة زينة.

أما جثة الزوجة فكان عليها نفس آثار الاعتداء وهي كمان كان مفقود من إيديها البنصر في الإيد الشِمال..

كانت الشرطة في موقف صعب، وما بين نارين.. يا يربطوا الجريمتين ببعض، ويعلنوا إنهم قدام قاتل متسلسل، يا يخبوا الموضوع عن الإعلام والناس.. عشان ما تبدأش حالة من الذعر مش هيعرفوا يتحكموا فيها..

اتكلّف بالقضية مخصوص ظابط كُفء، اسمه عبدالله المنصوري.. 
وبدأت النيابة تتولى التحقيق عشان يجاوبوا على أسئلة مالهاش نهاية..

كانت أول نقطة بيبدأ من عندها عبد الله، إنه يتأكد لو كان المجرم اللي ارتكب الجريمتين هو فعلا مجرم واحد، مش مجرد مجرم حبّ يقلّد أسلوب جريمة حصلت من سنتين..

وقدم على زيارة للشاب اللي كان المتهم الأول في جريمة الحي النائي.. 
لكن لما وصل عرف إنه المتهم مات من أسبوعين! يعني قبل حدوث الجريمة التانية..

كانت كارثة بكل المقاييس، لإن ده معناه إن الشرطة قبضت على الشخص الغلط، ومش بس كده، ده اتحبس ظُلم، وكمان سبب وفاته إنه كان محبوس في حبس انفرادي بسبب محاولاته المستمرة إنه يأذي نفسه، وتاريخه مع المرض النفسي.. وفي النهاية محدش قدر ينقذه..

بدأت التحقيقات تكون سرية أكتر بعد اللي اكتشفه الظابط المُكلف بالقضية.. 
وكانت الخطوة التانية، إنهم يحللوا تليفون الزوجة، وكمان علاقاتها، ويعرفوا هي كانت رايحة فين، وهتقابل مين في اليوم ده..

استدعى عبد الله الزوج، وبدأ يحقق معاه.. وأول سؤال سألهوله كان: "ليه اتأخرت واستنيت 3 أيام لحد ما تبلغ البوليس؟"

كان الزوج متوتر وقلقان، وكان واضح عليه، لكنه قال إن هو ومراته مكانتش علاقتهم أحسن حاجة في الفترة الأخيرة.. وإنه مجاش في باله أبدا إن يكون جرالها حاجة، لكنه فكّر إنها كانت بتكدب عليه، وبدل ما تروح لأهلها راحت تقابل حد من إصحابها..

فتش الظابط عن حجة غياب الزوج، ولقى إنه فعلا كان في الشغل طول الوقت في يوم اختفائها، وبعد كده كان في البيت ومخرجش منه، وده اللي أكدته الكاميرات اللي كان حاططها في البيت عنده..

لكن مرة تانية، كان شيء غريب وجود كاميرات في بيت الزوج والضحية، وخصوصًا إنها كانت كاميرات لمراقبة الأطفال، لكن هم الإتنين مكانش عندهم أطفال.. ولما عبد الله سأل الزوج، بدأ يتهرب، وموصلش معاه لحاجة..

من التليفون اللي كان مع الزوجة اتضح إنها بتكلم رقم باستمرار ومسمياه بإسم "صديقتي رانيا"

حتى الإسم كان غريب، والأغرب إن لما الشرطة إتصلت بالرقم كان مغلق.. ولما بحثوا عن صاحب الرقم، اتضح لهم إن الرقم مكتوب بإسم راجل.. وقبل ما يبدأوا يوصلوا ليه، حصلت مفاجأة محدش أبدًا كان يتوقع حدوثها.. وهي إن القاتل، سلّم نفسه للبوليس..

_______________________

في غرفة التحقيق، بدأ الظابط في البداية يعاين القاتل اللي سلّم نفسه، وبيقول إن هو اللي ارتكب جريمة القتل، اللي راحت ضحيتها الزوجة المفقودة..

كان متوتر، وده واضح من العرق اللي كان على جبينه وإيديه.. بيهز رجله باستمرار، وكمان بيشرب ماية كل شوية..

بدأ الظابط يسأله عن الطريقة اللي عرف بيها الزوجة، وبعدها بدأ يحكي إنها كانت زبونة دايمة عنده، لإنه بيشتغل في صالون تجميل.. 
سأله لو شاف الزوجة في يوم اختفائها، وقاله إنها جات الصالون عشان تقص شعرها، لكن بعد كده جات مكالمة ليها وغيرت رأيها وخرجت بسرعة..

فضل الظابط يضغط على المتهم.. لحد ما عرف إنه رب أسرة وعنده بنت وولد.. ومراته متوفية بقالها 4 سنين.. ولما اتسأل عن الدافع اللي خلاه يقتل الزوجة، قال إنه طلب منها فلوس كمساعدة ليه، لإن فلوس الصالون مش بتكفيه عشان يعيش هو وولاده عيشة كريمة، وهو كان عارف إن الضحية كان ليها في أعمال الخير، وكان دايمًا بيسمعها بتحكي عن الحملات والتبرعات اللي هي وصديقاتها بيقوموا بيها..

لاحظ عبد الله إن المتهم كان بيردد كتير اسم الزوجة، وبعدها بيقول الله يرحمها.. كان راجل بسيط، ومن الواضح إنه ما يقدرش حتى يأذي نملة.. وعشان كده سأله عبد الله عن الطريقة اللي قتل بيها الضحية.. 
وساعتها بدأ يحكي إزاي طلب منها تقابله في مكان بعيد عشان تسلمه الفلوس، وبعدها حصل خلاف بينهم فقتلها عن طريق الخطأ.. 
لكن التفاصيل اللي قالها القاتل، مكانتش منطقية ولا كانت صح! 
ورد فعله لما عرض عبد الله عليه صور الضحية كان بيأكد إن الراجل ده في المكان الغلط.. وإنه ما ارتكبش الجريمة اللي جه يسلّم نفسه عشان اعترف بيها..

لكن حبّ الظابط يضغط عليه للآخر، وبدأ يسأله عن زينة، وسأله ليه قتلها.. 
وساعتها بدأ المتهم يرتبك ويسأل الظابط هو بيتكلم عن مين.. 
ولما حط قدامه صورة زينة، كان الظابط متأكد 100% إن المتهم اللي قدامه برئ ويمكن تكون دي أول مرة يشوف فيها البنت دي، لكن الغريبة إن المتهم مسك الصورة.. وقال للظابط: "أنا عارف البنت دي.. بس أنا مقتلتهاش!"

_____________________________

كانت قنبلة جديدة وقت ما اعترف المتهم اللي سلّم نفسه إنه يعرف زينة.. وده معناه إن مش بس القاتل في الجريمتين واحد.. لكن كمان إن فيه علاقة بين الضحية الأولى والضحية التانية!

بعد معرفة أهل الضحية في جريمة القتل التانية، باعتراف القاتل وتسليم نفسه للعدالة.. كان الزوج أول واحد يشك وما يصدقش، لما عرف إن المتهم هو واحد من اللي شغالين في الصالون اللي كانت مراته بتروحه باستمرار.. وقال للظابط في زلة لسان: "مستحيل مراتي تخونني مع واحد زي ده!"

قعد عبد الله، عشان يفهم معنى كلام الزوج اللي قاله، وساعتها اعترف الزوج بكل حاجة.. 
قال إنه بقاله أكتر من سنة بيعاني من الشك في مراته.. وعشان كده حياته إتحولت لجحيم.. وساعتها بدأ يراقبها، لحد ما الموضوع أثر على شغله وحياته، وأكيد أثر على حياتهم سوا.. لإنه مكانش قادر يواجهها بالحقيقة.. لدرجة إنه بقى يركب كاميرات في البيت عشان يعرف بتعمل إيه في غيابه.. 
وساعتها لجأ للعلاج النفسي.. وبدأ يروح لدكتور عشان يقدر يرجع علاقته الطبيعية بمراته، ويبطل يشك فيها، لإنها هددته لو ما اتعالجش هتلجأ للإنفصال عنه..

بدأ عبد الله يربط الخيوط ببعضها، وكان لازم يسأل الزوج لو يعرف زينة، الضحية في جريمة القتل الأولى، وساعتها الزوج قاله إن دي أول مرة يشوفها فيها..

طلب عبد الله من الزوج معلومات عن الطبيب النفسي اللي كان بيتعالج عنده، وساعتها الزوج وافق، وفعلا سلّم كل المعلومات للظابط.

كان حابب يتأكد إن فعلا الزوج مالوش أي علاقة بالجريمة اللي حصلت لمراته، وإن وسواسه القهري وشكه في مراته، مكانش بالدرجة اللي يخليه يقتلها عن عمد.. أو حتى يقتلها وهو مش مدرك إن هو اللي عمل كده!

لكن قبل ما يتجه الظابط لمكتب الدكتور النفسي.. جاله إتصال مهم وإن القاتل اللي سلّم نفسه واتحبس احتياطي عشان التحقيقات، حابب يعترف إعتراف مهم..

وصل الظابط غرفة التحقيقات، ولما المتهم شافه، اعترفله إنه عمره ما فكر يأذي أي حد في حياته.. وإنه عمل كده غضب عنه..

بدأ يحكي المتهم إنه رجع في يوم متأخر من الصالون، ومحدش كان في البيت مع ولاده الاتنين، وفكر إنهم بعد المدرسة الاتنين ناموا زي العادة، لكن الغريبة إنه مالقاش لا البنت ولا الولد.. وساعتها سأل الجيران، محدش شاف حاجة. كلم أهل مراته المرحومة، وبرده محدش فيهم عارف الولاد فين.. لحد ما جاله إتصال، وصوت غريب كإنه صوت برنامج، بيقوله إن ولاده هيرجعوا في حالة إنه ينفذ كل اللي يتقاله بالحرف الواحد..

وطلب منه الخاطف إنه يعترف بجريمة القتل، وساعتها ولاده هيبقوا بخير، وهيرجعوا.. وطمنه إن الموضوع مجرد وقت لحد ما البوليس يكتشف إنه مش القاتل، وساعتها هيخرج من غير أي ضرر..

بعد اعترافه الكامل بالحقيقة، خرج عامل الصالون من الحبس، وكان البوليس معتمد على المعلومات اللي هياخدوها من ولاده الاتنين بعد التحقيق معاهم، بعد اختفائهم وخطفهم.. 
كان الإحتمال الأرجح إن القاتل الحقيقي هو نفسه اللي اتصل بعامل الصالون..

مش بس كده، القاتل كان بيختار ضحاياه بعناية، والعامل المشترك بينهم لحد دلوقتي، إن الإتنين كانوا بيترددوا على صالون التجميل نفسه.

كان حاسس عبد الله إنه بيجري ورا الخيط الغلط، وإن القاتل هو شخص ذكي، لإنه مش بس قِدر في المرة الأولى يثبت التهمة على شخص بريء.. ده كمان الأدلة كلها كان بتدين حبيب زينة، اللي اتضح بعد سنتين إنه مظلوم!

وحاجة تانية كانت لافتة نظر عبد الله، وهي الحالة اللي لقوا عليها الإصبع المفقود من جثة زينة بعد سنتين.. 
كل العلامات دي كانت بتدل على شخصية القاتل.. ذكي، والجرايم اللي بيرتكبها جرايم انتقام، كان واضح إنه ليه علاقة بالطب أو الجزارة أيهما أقرب، لإن الطريقة اللي تم بيها قطع الإصبع في المرتين كانت طريقة نضيفة، وإتقطع والضحية لسه على قيد الحياة. كمان التحليل الجنائي أثبت إن حالة الإصبع المفقود من زينة، كان محفوظ بشكل ما عشان ما يتحللش، وده معناه إن القاتل عنده معرفة بالكيميا كويس، ويا إما هو جراح أو دكتور، أو جزار! لكن في كل الحالات هو قاتل استثنائي.. وكان لازم يفهم الدافع ورا جرايمه!

بدأ جهاز التحقيقات، يحقق مع الولد والبنت اللي اتخطفوا وأبوهم تحت التهديد اعترف بجريمة ما ارتكبهاش.. 
لكن بدأ الظابط يمشي في إتجاه تاني تمامًا.. وقرر يزور الطبيب النفسي..

استقبل الطبيب عبد الله، وكان فاكره عميل جديد.. لحد ما سأله على حالة الزوج النفسية، واللي مراته كانت ضحية جريمة قتل..

ساعتها الطبيب ارتبك وقاله إن دي معلومات خاصة بالمرضى، ومالوش أي حق إنه يخرجها.. 
استخدم عبد الله أساليبه عشان يوصل للي هو عاوزه وضغط على الطبيب، وقاله إنهم قدام قاتل متسلسل، وإنه متأكد إن فيه جريمة تانية هتحصل، ولازم يقدروا يتصرفوا قبل فوات الأوان..

ساعتها الدكتور أصر إنه مش هيقدر يفيد الظابط بأي حاجة، لإن ملفات العيادة اتسرقت من فترة طويلة، ولو أي حد من العملاء عرف أو إن فيه تحقيق للشرطة مع العيادة، وقتها كل العملاء هيخافوا على أسرارهم والدكتور وعيادته هيخسروا ثقتهم بالكامل..

استوقف الظابط جملة قالها الدكتور، وساعتها سأله: "امتى العيادة اتسرقت؟"

وكانت المفاجأة لما جاوب الطبيب وقال يوم 27 فبراير 2019 
كان قبل يوم واحد من ارتكاب جريمة الحي النائي اللي اتقتلت فيها زينة..

طلب الظابط من الدكتور كشف بكل أسماء العملاء اللي اتعالجوا عنده في آخر 3 سنين..

وكانت القايمة طويلة.. واتفق الطبيب مع الظابط إن المساعدة دي هتكون في مقابل إن ما يحصلش أي شوشرة ولا تحقيق يضر بسمعة العيادة..

فضل عبد الله ساعات طويلة بيراجع قايمة الأسامي.. لحد ما لقى اللي كان بيدوّر عليه!

الرابط اللي بيربط الجريمتين ببعض، مكانش بس إن الضحايا كانت بتروح لنفس الصالون، والإتنين اتقتلوا في نفس اليوم ونفس الشهر من سنوات مختلفة..

لكن كمان المتهم في قضية قتل زينة، وزوج الضحية التانية، هم الاتنين كانوا بيتعالجوا عند نفس الطبيب النفسي..

كان السبب اللي خلى زينة تقرر الإنفصال عن حبيبها هو مرضه النفسي، وتعلقه الزايد بيها.. مكانش في حالته الطبيعية، وعشان كده حصلت مشادة بينه وبينها يوم الحادثة.. لكنه مكانش القاتل.. هو كمان كان ضحية..

أما الزوج اللي كان بيعاني من الوسواس القهري، وكان بيتعالج عشان يبطل يشك في مراته ويحافظ على علاقته بيها، هو كمان كان عميل في العيادة النفسية لنفس الدكتور..

كان قدام عبد الله خيار من الاتنين.. يا يبدأ يحقق مع الدكتور النفسي ويحطه تحت مجهر الإتهام.. يا إما يحقق في سرقة العيادة، وساعتها بس هيلاقي اللي يوصله للحقيقة..

بعد التحقيق مع الطفلين اللي تم خطفهم من القاتل.. قالوا إنهم ما شافوش وشه، ولا كان بيتكلم معاهم.. لكن البنت قالت إنها لاحظت إنه كان بيرش كحول كتير على إيده، لإنها كانت عارفة ريحته كويس.. وقالت كمان إنه إداهم حقن، وطول عمرها بتخاف من الحقن، لكن الغريبة إنها محستش بأي حاجة لما خدرها هي وأخوها..

كانت معلومات بسيطة لكنها أكدت لعبد الله إنه ماشي في الإتجاه الصح.. وإن القاتل من غير أي شك، ليه علاقة بالمجال الطبي..

فضل عبد الله يحاول يوصل لأي خيط جديد، لحد ما سأل الدكتور النفسي عن قايمة المرضى، ولو فيها أي حد ليه علاقة بالمجال الطبي.. 
كان رد الدكتور إنه يقدر يبعت للظابط قايمة تانية فيها وظايف العملا..

كان فيه أكتر من 13 دكتور و5 باحثين بيترددوا على العلاج النفسي عند نفس الدكتور..

لكن محدش فيهم إنقطع عن العلاج غير 2 .. والإتنين كان فيه منهم واحد شغال دكتور أطفال.. والتاني كان طبيب شرعي، وشغال في قسم الأدلة الجنائية!

كان لازم الظابط يعرف التاريخ المرضي للاتنين دول بأي طريقة.. وعشان كده قام بزيارة للعيادة النفسية مرة تانية.. وهناك لقى إجابته وعرف 100 % مين هو القاتل.. وليه قتل الإتنين دول بالذات..

أحمد حسين، 32 سنة، اتخرج من كلية العلوم، وحصل على دبلومة في التكنولوجيا الجنائية وعلوم مسرح الجريمة.
كانت مفاجأة لما افتكره الدكتور النفسي على طول، وقال إنه كان بيحضر الجلسات مع زوجته، لإنهم كانوا بيعانوا من مشاكل زوجية ومش قادرين يحلوها بشكل ودي.. وقررت الزوجة إنها تلجأ للإستشارة مع زوجها.. اللي كان غيور وعنيف.. لدرجة إنه إتهم مراته إنها بتخونه مع الطبيب النفسي! 
وبعد فترة بدأت الزوجة ما تحضرش الجلسات أما أحمد فكان بيحضر لوحده، وإتضح للطبيب النفسي إنه بيعاني من معضلة نفسية.. بيحتقر المرأة، وجوازه كان بمثابة القشة اللي قسمت ظهر البعير.. بعدها هو كمان بطل ييجي الجلسات..

أمر عبد الله بضبط وإحضار أحمد حسين.. المتهم بإرتكاب 3 جرايم قتل، منهم زوجته.. 
وبعد ما سرق الملفات في عيادة الطبيب النفسي، قرر ينتقم من كل ست تشبه لمراته، منهم زينة اللي حبيبها كان بيحكي للدكتور النفسي إنه قررت تسيبه وتتخلى عنه لكنه بيحبها وهي مقدرة ده.. والزوجة اللي كان زوجها طول الوقت حاسس إنها بتخونه لكنها بتقوله إنه بدأ يتجنن ولازم يتعالج..

كان أحمد شايف إنه بيأدي خدمة للرجالة اللي زيه بيعانوا في علاقاتهم مع ستات مش قادرة تقدر النعمة اللي هم فيها!

بعد تفتيش مكان العمل، اتضح إن أحمد كان محتفظ بالإصبع المفقود من جثة الزوجة.. 
وبعد تفتيش البيت، لقت الشرطة جثة الزوجة محفوظة في تلاجة محطوطة بشكل عرضي على الأرض، وفيها سائل يمنع وجود ريحة ويمنع تحلل الجثة بعد ما اتخلص من اعضائها..

وعن التاريخ اللي اختاره القاتل عشان ينفذ جرايمه، فكان يوم 28 فبراير هو يوم جوازه، وفي نفس اليوم، يوم ذكرى جوازه هو ومراته، قرر يفاجئها ويتخلص منها..

وبعدها أقنع كل الناس إنها سافرت وسابته وطلبت الطلاق.. ولإن مكانش ليها أهل، محدش سأل عنها، وخصوصًا إنه فضل فترة يستخدم حساباتها على السوشال ميديا، عشان الناس ما تشكش في اختفائها..

كان خبر مأساوي بالنسبة لأهل زينة، لما عرفوا إن القضية اتفتحت من جديد، وإن قاتل بنتهم كان لسه حر وطليق، وارتكب جريمة تانية.. وإن اللي اتقبض عليه قبل كده كان شخص مظلوم.. 
حسوا كإنهم خسروا بنتهم مرة تانية.. 
لكن على الأقل قدرت النيابة ورجال التحقيق يقبضوا على قاتل مكانش من السهل الوصول ليه.. 
وكانت الملفات اللي سرقها من العيادة، كفيلة بإنه يرتكب عشرات الجرايم بالمعلومات اللي وقعت في إيده عن كل راجل وست ما بينهم مشكلة!

محدش كان يتوقع إن جريمة الحي النائي، تكون مجرد البداية لسلسلة من الجرايم التانية.. وخصوصًا إن القضية تم حلها بسرعة عشان أهل زينة ينالوا القصاص لبنتهم.. لكن من الشخص الغلط..

-النهاية-

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

2

متابعهم

0

مقالات مشابة