هل ولد لأحدكم يوما أمل من رحم ألمه ؟!.

هل ولد لأحدكم يوما أمل من رحم ألمه ؟!.

2 المراجعات

*هل ولد لأحدكم يوما أمل من رحم ألمه؟!* 

لقد حدث ذلك بالفعل في هذه القصة.. هيا بنا نعرف كيف حدث ذلك .

*بداية القصة* 

في رحلته المعتادة نحو عمله الذي عكف عليه منذ سنوات طويلة ، يكسب منه قوت يومه ، و يحفظ به ماء وجهه من أن يمد يده لأحد لإعانة أو لاقتراض بأجل؛ خرج العم ( ماهر ) العامل البسيط يجر حصانه العتيق بما يحمله من أدوات العمل المطلوبة متجها حيث متجره المتواضع في زواية من زوايا قريته.

رحلة معتادة و طريق معتاد و عمل معتاد.

هكذا اعتاد العم (ماهر) ، الرجل صاحب السمت الطيب ، و الروح السمحة ، و الابتسامة الرقيقة ، أن يحيا في سلام و أمان ، لا يشكو حالا ، و لا يغضب أحدا ، و لا يقسو على نفسه بمقارنات بين حاله و حال غيره ؛ فهو يؤمن أن كل شيء قدر قبل الحدوث ، فالله الرازق المعطي.

 و حول متجره اعتاد أطفال القرية اللهو بجانب متجر الرجل البسيط فهم يجدون الأمان في حضرته بما يعاملهم به من حسن خلق و صبر في تعامله معهم و لين جانب ، و لا بأس من بعض قطع الحلوى التي تضفي على محياهم السرور و الشكر المعنوي الذي تزدحم به أعينهم قبل شفاههم و هو مرحب  بهم ، مغتبط بما يراه من براءتهم التي تنسيه النفوس التي لوثتها منغصات الحياة و اضطرابات القلوب.

يوما بعد يوم يزداد حب الجميع للعم (ماهر) إلا من أبى و ما يأبى إلا مريض القلب ؛ فإن كانت قوة الذهن تكسب المال الكثير ،فإن لين الجانب يكسب القلوب النقية و هي أولى ما يهرع إلى ظله المرء من عالم وصلت درجة حرارة اضطرابه النفسي إلى معدلات مؤسفة.

*حدث غير متوقع*

بينما العم ماهر يسير بحصانه في طريقه المعتاد نحو متجره إذ به يُفاجأ بأن الطريق قد أُغِلق لوقوع انفجار ماسورة ماء رئيسية تعيق المشاة و قد طُلِب منه أن يسير من طريق آخر لتعذر السير فما كان من الرجل إلا أن استسلم لما طلب منه عائدا أدراجه ليبدأ سيرا في طريق أخرى.

يتمتم العم ماهر ببعض الأناشيد التي يجيدها بصوته الرقيق مؤنسا بها نفسه ليسهل عليه الوصول بسلام في طريق لم يعهده من قبل .. و بينما هو كذلك إذ بحدث يقع له و لحصانه بما لم يكن في الحسبان !!! .

ما هذا الطريق المليئ بالنباتات الجافة ، لماذا كل هذه الحشائش ملقاة في الطريق، لا تكاد الأرض تتضح معالمها من كثرة هذه الحشائش ؟.

يا إلهي!!!.

يا لها من ورطة كبيرة.. كيف لم أنتبه لما تحت هذه الحشائش؟!.. يا لحصاني المسكين!.. كيف سأخرجك من حفرتك العميقة هذه؟!.. لا أحد هنا يساعدني.. ماذا أفعل الآن.. هل أترك حصاني هنا و أمضي لحال سبيلي و عملي الذي ينتظرني ،و لكن هذا الحيوان المسكين سيموت ببطء جوعا.

يا إلهي.. ماذا علي فعله ؟!!!.

ظل العم (ماهر) يحدث نفسه بهذه الكلمات و الحسرة تأكله على ما آل إليه حاله و حال حصانه.

و بعد أن ضاقت به نفسه و لم يهتد لحل ناجٍ لذلك الحصان المسكين؛ قرر أن ينفذ الحل الأصعب و الأشد وطئة على نفسه ألا و هو أن يدفن الحصان حيا!!! ؛ فهو على كل حال سيموت و لكن و عملا بنظرية (القتل الرحيم) التي قد لا يعرفها الرجل لكنه قرر تنفيذها حتى يعجل لحصانه الرحيل سريعا في دقائق بدلا من التألم و التوجع و هو يموت ببطء في أيام!.

و هكذا بدأت عملية التنفيذ المروعة على نفس الرجل؛ فقد وجد معول بالقرب منه فعمد إليه يحمل به التراب و الرمل ليضعه فوق حصانه و هكذا استمر الرجل يفعل و هو يتحاشى النظر لحصانه كي لا يرى نظرات الألم في عينيه فتزداد حسرته و ألمه فوق ما هو فيه من حسرة و ألم.

* صوت الأمل يخرج من رحم الألم!*

ما هذا ؟!.

حصاني.. حصاني خرج من الحفرة و يقف أمامي!!!.

الرجل لا يصدق نفسه من شدة الفرح!.

لقد خرج الحصان من الحفرة و لم يمت مدفونا كما اعتقد صاحبه.. كيف حدث ذلك ؟!!!.

لقد أخذ الحصان ينفض عن رأسه و جسده التراب المهال عليه فيقع تحت قدميه و هكذا استمر الحصان يعلو و يعلو حتى استطاع بفضل الله تعالى أن يخرج من الحفرة و به بعض الخدوش البسيطة.

يا لها من لحظة من لحظات الفرح التي قلما تتكرر!.

سجد الرجل شاكرا صاحب الفضل الذي أنعم عليه بنجاة حصانه ، و حفظ له رفيق دربه في تلمس الرزق الطيب. 

*ختاما*:

 

الحياة مليئة بالابتلاءات و الصعاب التي قد تكون في شدتها كالحجارة أو أشد قسوة ، و في لحظة قد لا يجد فيها المرء بصيص أمل يفاجئه القدر الرحيم ببرق يحيل كهفه المظلم لنور ساطع ، ثم ينزل الغيث فيغسل عنه ما ألم به من وجع ؛ فتصبح نفسه مخضرة و قلبه مورق  ، و أساريره مهندمة.

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

3

متابعهم

5

مقالات مشابة