الطريق إلى الشمس

الطريق إلى الشمس

2 المراجعات
  • مقدمة:

في قرية صغيرة على أطراف الصحراء، حيث الشمس تشرق كل يوم مثل لهب مشع يحرق الأفق، يعيش شاب يدعى "كريم". كريم كان معروفًا بحلمه الكبير الذي لا يفارقه؛ حلمه بالوصول إلى الشمس. لم يكن أحد يفهم هذا الطموح المجنون. كانوا يرون فيه مجرد خيال طفل، لكن كريم كان يرى فيه الحقيقة المطلقة التي عليه تحقيقها.

  • الفصل الأول:

ولد كريم في منزل متواضع لعائلة من المزارعين. كان والده دائمًا يعمل بجد، يحاول توفير لقمة العيش لأسرته من الأرض القاحلة. بينما كان الجميع مشغولين بحياتهم اليومية، كان كريم مشغولاً بمراقبة الشمس. في كل يوم، عندما يحين موعد غروبها، كان يجلس على تلة صغيرة وينظر إلى الأفق حيث تغيب الشمس خلف الجبال. يشعر بنداء داخلي يدفعه نحوها، وكأنه مرتبط بها برباط غير مرئي.

أخبر كريم والديه عن حلمه: "سأصل إلى الشمس يومًا ما". ضحك والده وأجابت والدته بلطف: "الشمس بعيدة جدًا يا كريم، ولا يمكن لأحد الوصول إليها." لكن كريم لم يكن يستمع. كان يرى الطريق واضحًا أمامه، وإن كان الآخرون لا يرونه.

  • الفصل الثاني:

كبر كريم ومعه كبر حلمه. تعلم من الصحراء كل أسرارها، وكان يعرف كل واحة وكل دابة فيها. بدأ يتحضر لرحلته، يجمع المؤن والماء، ويعد العدة ليوم الرحيل. كان يذهب كل صباح إلى التلة ويراقب الشمس وهي ترتفع، يتحدث إليها في صمت، كأنه يتواصل معها بلغة لا يفهمها أحد.

وفي يوم مشرق، قرر كريم أنه حان الوقت. جمع ما يملك من متاع، وأخبر والديه بأنه سيغادر للبحث عن الشمس. بكت والدته، وحاول والده إقناعه بالعدول عن الفكرة، لكنه كان مصممًا. كانت تلك اللحظة الحاسمة في حياته. "سأعود عندما أصل إلى الشمس"، قالها بثقة، وترك القرية خلفه.

  • الفصل الثالث:

بدأ كريم رحلته عبر الصحراء. كلما مشى، شعر أنه يقترب أكثر. مرت أيام وأسابيع، ولم يكن يشعر بالتعب. كان مهووسًا بفكرة الوصول إلى الشمس، وكان يرى في كل شروق وغروب إشارة له بأنه على الطريق الصحيح. لكن، ومع مرور الوقت، بدأت الصعاب تتزايد. الحرارة أصبحت لا تطاق، الماء بدأ ينفد، والخطوات باتت أثقل.

في لحظة من اليأس، توقف كريم تحت شجرة نخيل في واحة صغيرة. جلس على الرمال، ورفع رأسه نحو السماء. كانت الشمس في منتصف السماء، قوية وساطعة كما لم يرها من قبل. شعر برغبة عارمة في الاستسلام، في العودة إلى قريته، لكنه لم يستطع. كان هذا الحلم قد استحوذ على روحه.

  • الفصل الرابع:

بينما كان كريم يجلس في الواحة، التقى برجل عجوز كان يعيش في هذه المنطقة منذ سنوات. تحدث الرجل مع كريم، وسأله عن هدفه. أخبره كريم عن حلمه بالوصول إلى الشمس، فضحك العجوز وقال: “يا بني، الشمس ليست مكانًا يمكنك الوصول إليه. إنها رمز للضوء والحياة، وليست هدفًا يمكن تحقيقه بالجسد، بل بالروح.”

شعر كريم بالارتباك، لكنه أدرك أن العجوز على حق. كان يسعى للوصول إلى شيء مادي، بينما الشمس كانت تمثل شيئًا أعمق. كانت تمثل النور الداخلي، السعادة، والحرية. لم يكن عليه السير عبر الصحراء للوصول إليها، بل كان عليه البحث عنها داخله.

  • النهاية:

عاد كريم إلى قريته بعد أشهر من الغياب. لم يصل إلى الشمس بالمعنى الحرفي، لكنه عاد بشيء أكبر. عاد بنور داخلي يملأ قلبه. فهم أن الشمس لم تكن الهدف، بل كانت الطريق الذي قاده لاكتشاف ذاته. أصبح كريم رجلًا حكيمًا في قريته، يتحدث للناس عن أحلامهم وكيف أن السعي لتحقيق الأحلام ليس بالضرورة للوصول إلى الهدف، بل لتعلم الرحلة نفسها.

  • الخاتمة:

كل يوم، كان كريم يجلس على التلة نفسها، يشاهد الشمس وهي تغيب، ويبتسم. كان يعلم الآن أن الشمس ليست شيئًا بعيدًا، بل كانت دائمًا معه، في قلبه.

هذه الرواية تتناول رحلة البحث عن الذات، وكيف أن السعي وراء الأحلام يقودنا في كثير من الأحيان إلى اكتشافات أعمق حول أنفسنا، حتى وإن لم نحقق الهدف المنشود بشكل مباشر.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

18

متابعين

14

متابعهم

0

مقالات مشابة