ملكه الشرق وملكه تدمر ،قصة  زنوبيا التاريخيه.

ملكه الشرق وملكه تدمر ،قصة زنوبيا التاريخيه.

0 reviews

“حكاية منسيّة: حين تحدّت ملكة الصحراء جيوش الإمبراطورية الرومانية”

في قلب الصحراء السورية، وتحديدًا في مدينة تدمر، وُلدت واحدة من أكثر النساء غموضًا وقوة في التاريخ القديم: الملكة زنوبيا. لم تكن مجرد حاكمة محلية، بل امرأة جمعت بين الذكاء السياسي، والقوة العسكرية، والثقافة الواسعة. قصتها مثال نادر لامرأة وقفت بوجه أعظم إمبراطورية في زمنها — الإمبراطورية الرومانية.

بداية المجد

كانت تدمر مدينة مزدهرة، تقع على طريق القوافل بين الشرق والغرب. ازدادت أهميتها الاقتصادية والثقافية، وبرزت عائلة زنوبيا كواحدة من العائلات النبيلة فيها. تزوّجت زنوبيا من الحاكم التدمري "أذينة"، وبعد اغتياله المفاجئ، تولّت الحكم وصيةً على ابنها الصغير "وهب اللات"، لكنها لم تكن مجرد وصية، بل حاكمة فعلية.

زنوبيا لم تكتفِ بحكم تدمر فقط، بل بدأت في التوسّع. قادت جيوشها جنوبًا نحو فلسطين، وشرقًا حتى نهر الفرات، وشمالاً إلى الأناضول، حتى أصبحت تحكم منطقة شاسعة تمتد من مصر إلى تركيا الحالية.

التحدي الأكبر: مواجهة روما

استفز توسّع زنوبيا الإمبراطور الروماني "أوريليان"، فقرّر استعادة الأراضي التي فقدتها روما. وفي عام 272 ميلادية، سار على رأس جيش ضخم باتجاه الشرق. كانت زنوبيا قد أعدّت العدة للحرب، فواجهته بمقاومة شرسة في أكثر من معركة. لكن الجيش الروماني، بخبرته وتنظيمه، استطاع هزيمتها في معركة حاسمة قرب مدينة حمص.

هربت زنوبيا نحو الفرات، محاولة اللجوء إلى الفُرس، لكنها أُسرت وهي على ضفاف النهر. لم تُقتل، بل أُحضرت إلى روما في موكب نصر الإمبراطور، مكبّلة بالسلاسل الذهبية.

المصير المجهول

مصير زنوبيا بعد أسرها ما زال موضع جدل بين المؤرخين. تقول بعض الروايات إنها عاشت في فيلا فاخرة خارج روما وتزوجت من أرستقراطي روماني. وتقول أخرى إنها ماتت في السجن أو أُعدمت سرًا. لكن ما هو مؤكّد أنها تركت أثرًا لا يُمحى في كتب التاريخ.

لماذا تُعد زنوبيا أيقونة تاريخية؟

زنوبيا ليست فقط حاكمة طموحة، بل أيضًا امرأة مثقفة. كانت تتحدث عدة لغات، منها اليونانية والآرامية والمصرية، وتحب الفلسفة، وتُحيط نفسها بالمفكرين. كانت نموذجًا لحاكمة تجمع بين القوة والعلم، بين الحلم والإصرار.

قصتها تفتح لنا نافذة لفهم التاريخ من منظور غير تقليدي، حيث لا يحتكر الرجال السلطة ولا تهيمن الجيوش فقط على مصير الأمم، بل تظهر نساء قادرات على تغيير الخريطة السياسية للعالم.

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

0

followings

1

similar articles