سقوط مملكة ليديا على يد الفرس

سقوط مملكة ليديا على يد الفرس

Rating 0 out of 5.
0 reviews

سقوط مملكة ليديا على يد الفرس

في القرن السادس قبل الميلاد، كانت مملكة ليديا الواقعة في غرب آسيا الصغرى من أغنى الممالك وأكثرها نفوذًا. اشتهرت ليديا بالذهب القادم من نهر "باتروكلوس"، وبابتكارها لاستخدام العملات المعدنية الذهبية والفضية، مما جعلها مركزًا اقتصاديًا بارزًا في العالم القديم. وكان على رأسها الملك "كرويسوس" المعروف بثرائه وحكمته السياسية، لكنه سيواجه تحديًا كبيرًا سيؤدي إلى سقوط مملكته.

معركة الفرس والليديين

ازدهار ليديا وقوة كرويسوس

كان الملك كرويسوس يرى في ثروته وقوته العسكرية سببًا للهيبة بين الممالك المجاورة. أقام تحالفات مع مدن يونانية كبرى مثل إسبرطة وأثينا، وعمل على توسيع نفوذه حتى بات يُعد من أقوى الملوك في المنطقة. غير أن ظهور الفرس بقيادة الملك كورش الكبير غيّر موازين القوى.

كورش، ملك الفرس وصاحب الطموحات الواسعة، بدأ يوسّع دولته من الشرق نحو الغرب، فضمّ الميديين ثم البابليين، حتى باتت ليديا هدفًا استراتيجيًا لحملاته. شعر كرويسوس بالخطر المحدق، لكنه اعتمد على نبوءة معبد دلفي التي قالت: إذا هاجم الفرس فسوف يُدمَّر إمبراطورية عظيمة. غير أن كرويسوس لم يُدرك أن تلك الإمبراطورية قد تكون مملكته نفسها.

المواجهة الأولى

في عام 547 ق.م، خرج كرويسوس بجيشه لمواجهة الفرس عند نهر "هاليس" (الذي يعرف اليوم باسم "قزل إرماق" في تركيا). دار قتال شرس بين الطرفين لم يُحسم فيه النصر لأي جهة، لكن كرويسوس ارتأى الانسحاب إلى سارديس، عاصمة مملكته، ليلتقط أنفاسه ويعيد تنظيم جيشه. كان يظن أن الشتاء سيمنع كورش من متابعة القتال، كما هي عادة الجيوش في ذلك الزمان.

لكن كورش الكبير لم يكن ملكًا كسائر الملوك، فقد استغل فرصة الانسحاب وتقدّم بجيشه مباشرة نحو سارديس.

حصار سارديس

حين وصل الفرس إلى أسوار العاصمة، فوجئ كرويسوس بالسرعة التي تحرك بها عدوه. دارت معركة حاسمة أمام أبواب سارديس، استخدم فيها الفرس خيولهم المدرعة والسهام الفارسية الفتاكة. رغم مقاومة الليديين، انهارت خطوطهم سريعًا.

الأسطورة تروي أن أحد جنود الفرس رأى جنديًا ليديًا يسقط من على سور المدينة أثناء إصلاح درعه، فاكتشف نقطة ضعيفة يمكن تسلقها. ومن هناك دخل الفرس إلى سارديس، فسقطت المدينة في يد كورش خلال أربعة عشر يومًا فقط.

مصير كرويسوس

أُسر كرويسوس واقتيد إلى كورش الكبير، الذي قرر حرقه حيًا عقابًا على تحديه. غير أن المطر انهمر فجأة وأطفأ النيران، فاعتبر كورش ذلك علامة من السماء. عندها أظهر رحمة غير متوقعة وأبقى على حياة كرويسوس، بل جعله مستشارًا في بلاطه. وهكذا انتهت مملكة ليديا لتصبح جزءًا من الإمبراطورية الفارسية العظيمة.

العبرة من القصة

إن قصة سقوط ليديا تحمل درسًا خالدًا: الطموح المفرط والاعتماد على النبوءات أو الأوهام قد يقود حتى أعظم الممالك إلى الهلاك. فالقوة تحتاج إلى حُسن تقدير وتخطيط واقعي، وإلا فإنها تتحول إلى ضعف في مواجهة عدو أكثر حزمًا وإصرارًا.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

29

followings

8

followings

3

similar articles
-