الحوت العاشق 1

الحوت العاشق 1

0 المراجعات

الفصل الأول: دموع روبيرت وقلب النور

في أعماق المحيط الشاسع، حيث تمتد زرقة الماء حتى تتلاشى في عناق صامت مع السماء، عاش رجل بسيط يُدعى روبيرت. لم يكن يومًا ملكًا أو قائدًا جبارًا، بل كان قلبه المنير هو ما جعله مميزًا؛ قلبٌ ينبعث منه نور صافٍ يضيء السماء ويطرد الظلام عن البحر. كان النور الصادر منه يلهم الموج، ويجعل الليل أقل وحشة، ويملأ قلوب الناس بالسلام.

كان روبيرت يعيش في سعادة مع زوجته وابنه الرضيع، حتى جاء اليوم المشؤوم. ظهر الحوت العاشق، ذلك الكائن البحري الأسطوري، بعينين تلمعان بلمعة غريبة وقوة لا تضاهى. لم يكن عشقه طبيعياً، بل كان أسير تعويذة سحرية ألقاها عليه المتمرد شيرورن، ليدفعه إلى افتتان مجنون بزوجة روبيرت. وفي لحظة جنون، ابتلعها الحوت وأخذها إلى أعماق بطنه المظلمة، حيث لا يصل النور.

في لحظة يأس وحب لا يوصف، انتزع روبيرت قلبه المنير من صدره وأعطاه لزوجته قبل أن يغلق الحوت فمه، لتعيش وسط بطنه في نور يبدد عتمة الأسر. ومع مغادرة القلب، انطفأ النور من السماء، وسقط العالم في ظلام حالك. الموج أصبح أسود، والبرق صار يخطف من فوقهم بلا رحمة، والبحار غمرتها الأساطير المخيفة وبلاء السحر الذي عم الأرجاء.

غضب روبيرت حين علم بمصدر الكارثة، فقبض على شيرورن وحبسه في كهف الجمجمة السوداء عقابًا على سحره، ثم واصل حياته محاربًا للبقاء، حتى صار ملكًا يحكم البحر بسطوة وهيبة. لكن قلبه ظل مثقلاً بفقدان ابنه، الذي اختفى منذ تلك الليلة؛ فقد رماه القدر رمية قاسية، تخفي في قسوتها بصيص أمل في النجاة وطموحًا لغد مجهول.

مرت السنوات، ومع تبدل الرياح والتيارات، برز شاب طموح اسمه أليكس. لم يكن مجرد قرصان عابر، بل قائد جريء جمع حوله طاقمًا وفيًا، واستولى على جزء واسع من البحر الذي كان تحت حكم روبيرت. كان في عينيه بريق تحدٍ لا يهدأ، وفي يده سيف مقدس، السلاح الوحيد القادر على قتل الحوت العاشق وكسر لعنة البحر.

حتى جاء اليوم الذي التقت فيه مساراتهم...
في ليلة غطت السماء فيها الغيوم السوداء، كان روبيرت واقفًا على سطح سفينته، يحدق في الأفق البعيد، ودموعه تلمع تحت ضوء القمر الباهت. لم يكن يبكي من الخوف، بل من ألم الفقد، من الفراغ الذي تركه ابنه الغائب في قلبه.

اقترب منه شيرورن، وقد مضت سنوات سجنه، بعد أن أُفرج عنه لسبب مجهول. وقف بجانب الملك بصمت للحظات، ثم قال بهدوء:
شيرورن: "أنا أحمل حقيقة لم تُروَ بعد... هل أنت مستعد لسماعها؟"

رفع روبيرت عينيه، وصوته يختنق بالعاطفة:
روبيرت: "أخبرني."

ابتسم شيرورن نصف ابتسامة وأشار نحو البحر، حيث كانت سفينة أليكس تقترب:
شيرورن: "أترى هذا الشاب الذي يحاول انتزاع الملك؟... إنه أليكس، ابنك."

تجمدت أنفاس روبيرت، وانقبض صدره، وارتعشت يده على مقبض سيفه. كانت هذه الحقيقة كالإعصار، تمزق روحه بين الأمل والصدمة، بين فرحة العثور على ابنه والخوف من مواجهته. وهناك، بدأت خيوط القدر تنسج معركة ليست ككل المعارك... معركة على الملك، والنور، والحب المفقود.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

0

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة