بيَنِ القمرينِ 🤍🖤

بيَنِ القمرينِ 🤍🖤

1 reviews

---

عنوان القصة: بين القمرين

في قرية صغيرة تحيط بها الغابات الكثيفة، كانت ليان تعيش حياة هادئة بين بساتين التفاح وحقول القمح. ليان فتاة محبّة للاستكشاف، وكانت كثيرًا ما تخرج عند الغروب لتجلس على صخرة تطل على الغابة، تستمع لأصوات الطيور وتراقب تغيّر ألوان السماء.

لكن في إحدى الليالي، حين كان القمر بدراً مضيئاً، سمعت عواءً طويلاً قادمًا من أعماق الغابة. لم يكن يشبه أصوات الذئاب التي اعتادت سماعها، بل كان يحمل شيئًا من الحزن. دفعها الفضول لتتبع الصوت، حتى وجدت نفسها أمام شاب غريب الملامح، عيناه لامعتان بشكل غير عادي، وشعره داكن كليل الغابة.

تراجع الشاب خطوة حين رآها، وكأنه يخشى الاقتراب، وقال بصوت خافت:

– كان يجب ألا تكوني هنا.

سألته ليان بفضول:

– من أنت؟ ولماذا تصدر ذلك العواء؟

ابتسم ابتسامة باهتة، وكأنه يخفي سرًا، ثم قال:

– اسمي رائد… ولست تمامًا كما أبدو.

لم تفهم ليان قصده في البداية، لكن حين أطلّ القمر من بين السحب، تغيرت ملامحه أمام عينيها. تحولت يداه، وامتدت أنيابه قليلاً، وظهر على وجهه مزيج من القوة والألم. أدركت فجأة أنها تقف أمام مستذئب.

اختلت أطرافها وشعرت بلرهبه وكأن ساقيها لم تعد تحملاها من هول ما رأت، لاكن ما ادهشها حقاً كان انهياره على الارض وكأنه متعب وكأن عينيه تطلب منها برجاء عدم الهروب والخوف. كان هناك شيء في عينيه يخبرها أنه ليس خطرًا عليها. وعندما لاحظ سكونها اعتدل بجلسته وأخبرها أن هذه اللعنة ترافقه منذ سنوات، وأنه يبتعد عن الناس ليحميهم منه.

مع مرور الأيام، بدأت ليان تلتقيه في الغابة سرًا، تتحدث معه عن حياتها في القرية، ويحدثها هو عن الليالي التي يقضيها وحيدًا تحت ضوء القمر. تعلمت منه الكثير عن الطبيعة، وعن الفرق بين الخوف الفطري والخوف الذي نصنعه في عقولنا.

لكن القرية لم تكن غافلة. انتشرت شائعات عن "وحش" يتجول في الغابة. تشكلت مجموعة من الصيادين للبحث عنه، وكان رائد يعلم أن اكتشافه يعني نهايته. حاول الابتعاد عن ليان، لكنه وجد نفسه يعود إليها في كل مرة، وكأن شيئًا ما يربطه بها.

في ليلة عاصفة، اكتشفت ليان أن الصيادين يخططون لنصب فخ له قرب النهر. ركضت عبر الغابة، وصوت الرياح يختلط بدقات قلبها، حتى وصلت إليه وأخبرته. لكن رائد لم يرد الهرب هذه المرة. قال لها:

– الهروب لم يعد ينفع. لكن… إذا صدقوا أنكِ تعرفينني، قد يؤذونك.

أمسكت بيده وقالت له بعينان دامعتان:

– لن أتركك تواجههم وحدك.

عندما وصل الصيادون، وجدوها واقفة أمامه، تحميه بجسدها الصغير وترتجف. تحدثت إليهم بشجاعة لا تعرف من أين امتلكتها ، وشرحت لهم أن "الوحش" الذي يخافونه ليس قاتلًا ولا خطرًا، بل روح حبيسة بين عالمين، تبحث عن السلام.

لم يقتنع الجميع، لكنهم رأوا في عيني رائد شيئًا إنسانيًا جعلهم يتراجعون. ومع مرور الوقت، بدأ سكان القرية يتقبلون وجوده، بشرط أن يبقى بعيدًا عن بيوتهم في ليالي البدر.

أما ليان ورائد، فقد استمرا في لقاءاتهما عند صخرة الغروب، يراقبان القمرين — بدر الغابة وبدر السماء — وكل واحد منهما يعلم أن الاخر ليس مجرد عابر وغريب وان ما بينهما لن يوقفه لعنه 🖤. 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

1

followings

2

similar articles