من كيرة إلى فدائيي القنال: تطور المقاومة السرية والمسلحة في مصر
حين يُذكر اسم أحمد عبد الحي كيرة، يتبادر إلى الذهن صورة ذلك الفتى المصري الذي جعل من التمويه والاختفاء فناً مقاوماً في وجه الاحتلال البريطاني. اغتياله سنة 1927 لم يكن نهاية لمسيرة النضال، بل بداية لمرحلة جديدة من المقاومة، انتقلت من الفردية السرية إلى العمل الجماعي المنظم، وصولاً إلى الفدائيين في الأربعينيات والخمسينيات.
كيرة: أيقونة المقاومة الفردية (1919–1927)
وُلد كيرة في زمن كانت فيه مصر تشتعل بالمقاومة ضد الاحتلال البريطاني. منذ ثورة 1919 ارتبط اسمه بالمواجهات السرية، وكان بارعاً في استخدام التنكر بزي أوروبي أو موظف رسمي، ما مكّنه من التسلل إلى قلب مواقع الإنجليز دون أن يثير الشكوك.
أهداف عملياته: اغتيال ضباط الاحتلال والمتعاونين، بث الذعر في صفوف العدو، وتحفيز الروح الوطنية.
أسلوبه: الاعتماد على التمويه والتخفي أكثر من القوة المباشرة، إذ كان يفضّل الضربة الدقيقة التي تُربك البريطانيين.
رمزيته: شكّل كيرة صورة "المقاوم الشبح" الذي لا يُمسك بسهولة، وجعل من شخصه أسطورة بين الشباب الوطني.
ما بعد كيرة: استمرار الروح الثورية
اغتيال كيرة لم يُنهِ المقاومة. بل على العكس، تحوّل إلى رمز مُلهم لأجيال جديدة.
الحركات الطلابية واصلت المظاهرات والإضرابات.
النقابات العمالية دخلت على خط المواجهة.
التنظيمات السياسية، مثل حزب الوفد والإخوان المسلمين، تبنّت خطاباً تصعيدياً ضد الاحتلال.
لكن طبيعة المواجهة بدأت تتغير؛ فقد صار المجتمع كله مهيأً لدور أكبر من مجرد عمليات فردية.
الفدائيون في الأربعينيات والخمسينيات
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية ثم تصاعد المد الوطني، ظهرت مرحلة جديدة: المقاومة الشعبية المسلحة.
الأسلوب: تشكيل مجموعات فدائية في مدن القنال، شن كمائن ضد القوات البريطانية، تنفيذ عمليات تفجير واغتيال منظمة.
الغطاء الشعبي: الأهالي في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد كانوا سنداً أساسياً، يوفّرون الملجأ والمؤن للفدائيين.
الدعم السياسي: الوفد شجع هذه الحركات، والإخوان نظموا كتائب خاصة، ثم جاء تنظيم الضباط الأحرار ليُنسق معها في أواخر الأربعينيات.
بلغت المقاومة ذروتها بعد إلغاء معاهدة 1936 سنة 1951، حين دخلت مصر مرحلة "حرب القنال"، وهي الفترة التي قدّم فيها الفدائيون مئات العمليات ضد المعسكرات البريطانية.
مقارنة بين التجربتين
كيرة: مقاوم فردي، اعتمد على الذكاء والتخفي والضربات المحدودة ذات الأثر الكبير.
الفدائيون: مقاومة جماعية، اعتمدت على الكثافة العددية، وضربات متكررة تستنزف قوات الاحتلال.
رمزية كيرة: بطل سري ملهم.
رمزية الفدائيين: بطولة جماعية تُجسد الإرادة الشعبية.
الخاتمة
يمكن القول إن كيرة مثّل الشرارة الأولى لمدرسة المقاومة السرية في مصر، أما الفدائيون فقد نقلوا هذه الروح إلى مستوى أوسع وأكثر تنظيماً. وبين الفرد الذي يختبئ في الظل والجماعة التي تقاتل في وضح النهار، ظل الهدف واحداً: تحرير الأرض وكسر شوكة الاحتلال.
تحب أزودلك مراجع ومصادر تاريخية موثوقة (كتب أو مقالات) ممكن تعتمد عليها لو حبيت تنشر أو تستشهد بالمقال؟
You said:
ماشي
ChatGPT said:
تمام 👍 خليني أديك قائمة مراجع ومصادر موثوقة تقدر ترجع لها علشان توسّع البحث أو تدعم مقالك:
📚 مراجع عن أحمد عبد الحي كيرة والمقاومة السرية
عبد الرحمن الرافعي – ثورة 1919: تاريخ مصر القومي من 1914 إلى 1921
(من أهم المراجع الكلاسيكية عن ثورة 1919 ودور الشباب المقاومين).
عبد الرحمن الرافعي – في أعقاب الثورة المصرية (يغطي الفترة بعد 1921 حتى 1936).
مقالات منشورة في مجلة المصور والهلال في عشرينيات القرن العشرين عن "أبطال المقاومة السرية".
📚 مراجع عن الفدائيين في القنال (الأربعينيات والخمسينيات)
رفعت السعيد – حزب الوفد والمقاومة الشعبية.
أحمد حمروش – قصة ثورة يوليو (يتناول دور الفدائيين وعلاقتهم بالضباط الأحرار).
مذكرات أحمد شوقي عبد القادر (أحد قادة الفدائيين في الإسماعيلية).
دراسات جامعية مثل: المقاومة الشعبية في مدن القنال 1951–1954 (رسائل ماجستير تاريخ حديث).
📚 مصادر صحفية وأرشيفية
أرشيف جريدة الأهرام والمصري (1946–1954) يحتوي على أخبار عمليات الفدائيين.
وثائق بريطانية موجودة في الأرشيف الوطني البريطاني (National Archives, Kew) خاصة بسجلات الجيش البريطاني في مصر.
