بيير لويس بريور (بريور دي لا مارن)

بيير لويس بريور (بريور دي لا مارن)

0 المراجعات

 

بيير لويس بريور (بريور دي لا مارن)

وُلِد بيير لويس بريور المعروف باسم بريور دي لا مارن في الأول من أغسطس عام 1756 في بلدة سومسوس التابعة لإقليم المارن بفرنسا، وتوفي في الحادي والثلاثين من مايو عام 1827 في بروكسل، عاصمة بلجيكا الحالية. يُعد واحدًا من أبرز المحامين والسياسيين الذين لعبوا دورًا مهمًا في سنوات الثورة الفرنسية العاصفة، خصوصًا خلال فترة سيطرة اليعاقبة وما عُرف بعهد الإرهاب.

بدأ بريور حياته المهنية في المحاماة بمدينة شالون سور مارن، وقد اشتهر بحدة خطابه وجرأته في مهاجمة النظام الملكي القديم "الأنسيان ريجيم". وعندما انعقد مجلس الطبقات عام 1789، وهو ما عُرف لاحقًا بالجمعية الوطنية التأسيسية، انتُخب بريور نائبًا عن الطبقة الثالثة (البرجوازية). كان من القلائل الذين دافعوا عن الإصلاحات الديمقراطية الجذرية، حتى أطلق عليه خصومه لقبًا ساخرًا هو "صارخ المارن" (Crieur de la Marne)، في إشارة إلى أسلوبه الصاخب في الدفاع عن أفكاره الثورية.

عام 1791 تولى منصب نائب رئيس المحكمة الجنائية في باريس، ثم أُعيد انتخابه لعضوية المؤتمر الوطني ممثلًا لإقليم المارن. في هذا المنصب اتخذ مواقف حاسمة؛ فقد أعلن عداءه الصريح لرجال الدين، وصوّت بلا تردد لصالح إعدام الملك لويس السادس عشر، رافضًا فكرة الاستئناف أو التأجيل. بذلك ارتبط اسمه إلى الأبد بقرار إعدام الملك الذي هزّ أركان أوروبا كلها.

انضم بريور إلى التيار الجبلي المعروف باسم "المونتانيار"، وهو الفصيل الأكثر راديكالية داخل المؤتمر الوطني، حيث ارتبط باليعاقبة الذين سيطروا على الحكم خلال 1793–1794. وفي مارس 1793 أصبح عضوًا في لجنة الدفاع العام، ثم انتُخب في يوليو من نفس العام عضوًا في لجنة السلامة العامة، وهي اللجنة التي أصبحت السلطة التنفيذية العليا في البلاد خلال فترة الإرهاب.

من خلال هذه المناصب أُوفد في مهمات متعددة إلى نورماندي وبريتاني لقمع التمردات المناهضة للجمهورية، وخاصة الانتفاضات الفيدرالية. في تلك المناطق أشرف على إجراءات قاسية، شملت إنشاء محاكم استثنائية أصدرت آلاف أحكام الإعدام بحق المتمردين، حتى اعتبر كثيرون أنه أقام "نسخة محلية من عهد الإرهاب" في غرب فرنسا. كذلك ساهم في إعادة تنظيم الأسطول البحري في ميناء بريست، وكان من المحرضين الرئيسيين على مرسوم 24 فبراير 1793 الذي فرض التجنيد الإجباري لـ 300 ألف رجل لتعويض النقص في صفوف الجيش الثوري.

بلغ نفوذه أوجه عندما تولى رئاسة المؤتمر الوطني في مايو 1794، غير أن سقوط حكم اليعاقبة في أعقاب انقلاب ترميدور (يوليو 1794) أدى إلى تراجعه عن المشهد السياسي. اضطر إلى الاختباء من مايو 1795 وحتى خريف العام نفسه، حين صدر العفو العام. ومنذ ذلك الوقت انسحب إلى حد بعيد من الحياة السياسية، فلم يشارك في حكومة الإدارة ولا القنصلية ولا حتى الإمبراطورية.

مع بداية القرن التاسع عشر عاد لممارسة المحاماة، وشغل بعض المناصب البيروقراطية في باريس، وشارك لفترة قصيرة في حكومة نابليون خلال "المائة يوم" (مارس–يونيو 1815). لكن بعد عودة الملك لويس الثامن عشر إلى العرش، صدر قانون 12 يناير 1816 ضد من شاركوا في قتل الملك، فنُفي بريور بصفته "من قتلة الملوك". استقر في بروكسل حيث قضى ما تبقى من عمره حتى وفاته عام 1827.

لقد مثّل بريور نموذجًا لرجل ثوري متشدد، جمع بين الحماسة الأيديولوجية والصرامة العملية في تنفيذ سياسات الثورة. غير أن مصيره كان شبيهًا بمصير كثير من رجال تلك الحقبة، إذ انتهى منفياً بعيدًا عن وطنه، ليظل اسمه مرتبطًا بسنوات العنف والتحولات الكبرى التي غيّرت وجه فرنسا إلى الأبد.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

20

متابعهم

5

متابعهم

31

مقالات مشابة