
ظلال على عرش بابل: حكاية حب بين الأميرة والأسير.
البداية المثيرة
في زمن بابل، حين كانت المدينة مركز العالم، ترفرف راياتها فوق الحدائق المعلقة وتعلو أبراجها نحو السماء، وُلدت قصة حب لم يُكتب لها أن تُذكر في كتب المؤرخين. كانت الأميرة "ساميرا"، ابنة الملك نبوخذ نصر الثاني، معروفة بجمالها الفاتن وذكائها الحاد. لم يكن قلبها يومًا سجين الذهب أو العروش، بل كان تواقًا للحرية.
وفي إحدى المعارك، أُسر شاب غريب من مملكة مجاورة، اسمه "أورهان". أُدخل السجن في أعماق بابل، لكنه حمل في عينيه بريقًا مختلفًا؛ بريقًا التقطته الأميرة من خلف قضبان القدر.
اللقاء الأول
لم تكن "ساميرا" ممن يخشين الاقتراب من الممنوع. في إحدى الليالي، قادها الفضول إلى سجون القصر، حيث رأت الأسير "أورهان" للمرة الأولى. كان جريحًا لكنه شامخ، صوته هادئ كالنهر، وعيناه تحملان كبرياء الملوك. لم يكن مجرد أسير؛ كان قصة لم تُكتب بعد.
بدأت زياراتها تتكرر سرًا، تحمل له الطعام والدواء، ومع كل لقاء يتساقط جدار بينهما. صار السجن مسرحًا لولادة مشاعر لم يعهدها كلاهما.
سرّ في الظلال
مع مرور الأيام، صار حبهما نارًا تشتعل خلف جدران بابل. لكنها نار محرّمة؛ كيف لأميرة أن تقع في غرام أسير عدو؟ لو علم الملك، لكان مصير "أورهان" الموت بلا محاكمة، وربما يُلقى جسده طعامًا للغربان.
لكن الحب لا يعرف قوانين البلاط. في حدائق بابل المعلقة، تحت ضوء القمر، اعترف كلاهما بمشاعره. وعدها "أورهان":
“إن هربت من هذا القفص، فلن أهرب وحدي، بل سأحملك معي إلى عالم لا تحكمه الجيوش.”
المؤامرة تنكشف
لم يدم سرّهما طويلًا. وشوشات الخدم وصلت إلى مسامع الوزير الأعظم، الذي كان يطمح أن يزوّج ابنته للأمير الوريث. أسرع إلى الملك يخبره بالعلاقة المحرّمة، مضخمًا الخطر: "إنها خيانة يا مولاي، الأميرة تلطخ دماء الملوك بعشق أسير."
غضب الملك نبوخذ نصر، وأمر بحكم قاسٍ: إعدام الأسير عند شروق الشمس، عقابًا له ولمن يجرؤ على تلويث شرف البلاط البابلي.
ليلة القرار
حين علمت "ساميرا"، اشتعل قلبها رعبًا. لم يكن أمامها سوى خيار واحد: الهروب مع حبيبها قبل أن يشرق النهار. بمساعدة خادمتها المخلصة، دسّت مفتاح السجن في كف "أورهان"، واتفقت معه أن يلتقيا في أسفل الأبراج مع منتصف الليل.
كانت تلك الليلة أطول ساعات عمرها. أصوات الجنود تجوب الممرات، وعيون القصر لا تنام. لكن الحب كان أقوى من الخوف.
الهروب من بابل
في منتصف الليل، التقت الأميرة بـ"أورهان". قادها عبر ممرات سرية يعرفها من أحاديث الجنود. وصلا إلى البوابة الغربية، لكنهما وُجدا وجهًا لوجه أمام فرقة من الحراس. اندلعت معركة يائسة؛ قاتل "أورهان" بسيف سرقه من جندي، بينما احتمت "ساميرا" خلفه.
جرح أكثر من مرة، لكن قوة الحب جعلته يصمد. ومع طلوع الفجر، تمكنا من الوصول إلى ضفاف نهر الفرات، حيث كان ينتظر قارب صغير أعدته الخادمة.
النهاية المأساوية
لكن القدر لا يمنح الهاربين حرية سهلة. لحق بهما الجنود قبل أن ينطلق القارب. أصاب سهم غادر "أورهان" في صدره، فسقط في النهر بين ذراعي "ساميرا". صرخت باسمه، لكن صوته الأخير كان همسًا:
"أحببتك أكثر من حياتي… والفرات سيحمل قصتنا إلى الأبد."
أُلقي القبض على الأميرة وأُعيدت إلى القصر، بينما جرفت مياه النهر جسد حبيبها بعيدًا، ليصبح أسطورة ترويها الأمواج.
الخاتمة
تحوّلت قصة "ساميرا" و"أورهان" إلى حكاية يتداولها شعب بابل همسًا، رغم أن الملوك حاولوا محوها. فالناس رأوا فيها درسًا خالدًا: أن العرش قد يسقط، والإمبراطوريات تفنى، لكن الحب الحقيقي يترك أثرًا لا يمحوه الزمن.
وهكذا، بقيت "ظلال على عرش بابل" أسطورة من أساطير التاريخ، تذكّر العشاق بأن الحب أعظم من جدران المدن وأقوى من سيوف الملوك.