
بين الرصاص والحب
بين الرصاص والحب
في إحدى ضواحي المدينة القديمة، حيث يختلط صوت الباعة الجائلين بصفارات الشرطة وأزيز الدراجات النارية، وُلدت قصة حب لم يكن لها أن ترى النور وسط كل ذلك الضجيج.
آدم، شاب في أواخر العشرينات، يعمل كضابط شرطة سرّي، يعيش بين عالمين: عالم الواجب المليء بالخطر والمطاردات، وعالم صغير في قلبه يحتفظ فيه بوجه واحد لا يفارقه، وجه ليلى.
ليلى لم تكن مجرد فتاة جميلة، بل كانت طبيبة متطوعة في المستشفى العام، تسهر الليالي لعلاج الجرحى والفقراء، تحمل قلبًا نقيًا لا يعرف سوى العطاء. التقى بها آدم لأول مرة عندما جاء مصابًا بجرح أثناء مطاردة لعصابة مخدرات، وهناك بدأت الشرارة الأولى.
---
بداية العاصفة
بينما كان آدم يتردد سرًا على المستشفى بحجة متابعة علاجه، كانت عيناه تتعلقان بليلى أكثر من تعلقه بأي دواء. كانت ابتسامتها تخترق قسوته، ونظراتها تمنحه ما لا يستطيع الحصول عليه من أي معركة: الطمأنينة.
لكن لم يكن الأمر سهلًا، فآدم يعلم أن حياته محفوفة بالموت، وأن قلبه المرهق لا يجب أن يرتبط بفتاة بريئة. ومع ذلك، لم يستطع مقاومة القدر.
ليلة ماطرة، اعترف لها لأول مرة:
“ليلى… أحيانًا أشعر أنني أعيش على حافة النهاية، لكن عندما أراكِ… أجد سببًا يجعلني أتمسك بالحياة.”
ارتبكت ليلى، لكنها لم تستطع إنكار شعورها نحوه. “آدم… أنا أخاف عليك، لكنني لا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونك.”
وهكذا بدأت قصة حب محفوفة بالخطر، لكن لم يكن أحدهما يعلم أن الأقدار كانت تجهز لهما امتحانًا يفوق كل التوقعات.

---
المطاردة الكبرى
بعد أشهر من لقائهما، تلقى آدم معلومات استخباراتية عن شحنة أسلحة ضخمة ستدخل المدينة عبر الميناء. كانت العصابة التي يطاردها منذ سنوات هي المسؤولة. قرر أن يقود العملية بنفسه، رغم علمه بأنها قد تكون الأخيرة.
في الليلة المحددة، كان الميناء يغلي برجال العصابة المسلحين. تبادل إطلاق النار حوّل المكان إلى ساحة حرب. الرصاص يخترق الهواء، والانفجارات تضيء السماء. وبينما كان آدم يقاتل بكل قوته، تلقى اتصالًا لم يكن في الحسبان…
كان صوت ليلى المرتجف على الهاتف:
“آدم! لقد خطفوني… قالوا إن لم تنسحب من العملية، لن يروني حيّة مرة أخرى.”
تجمد الدم في عروقه، وكأن الرصاص توقف عن الطيران. العصابة لم تكن فقط تعرف خطواته، بل اخترقت قلبه.
---
بين الواجب والحب
أمام خيار مستحيل، كان على آدم أن يقرر: هل ينقذ المدينة من شحنة الأسلحة القاتلة، أم ينقذ المرأة التي هي حياته كلها؟
الوقت لم يكن في صالحه. خطط بسرعة، وطلب من زملائه الاستمرار في العملية بينما اتجه هو إلى المخزن المهجور حيث تحتجز ليلى.
دخل المكان بحذر، والظلام يلف المكان. صدى خطواته يرتطم بالجدران، حتى رأى ليلى مقيدة على كرسي، والدماء على جبينها. بجانبها، زعيم العصابة يمسك مسدسًا مصوبًا نحوها.
"كنت أعلم أن قلبك سيقودك إلينا يا حضرة الضابط."، قالها الزعيم بابتسامة ساخرة.
رد آدم ببرود، رغم النار المشتعلة في صدره:
“أنتَ ارتكبت خطأ حياتك حين لمستها.”
---
المواجهة الأخيرة
بدأت المعركة داخل المخزن. رصاص، صرخات، وزجاج يتحطم. آدم تحرك بسرعة البرق، كأنه رجل يقاتل لا من أجل الواجب بل من أجل حياته كلها. أصاب اثنين من الحراس، ثم اندفع نحو ليلى وهو يحاول حمايتها بجسده.
الزعيم صرخ: “إن تقدمت أكثر سأقتلها!”
لكن آدم لم يتوقف، بل اندفع بكل قوته، مطلقًا رصاصة أصابت يد الزعيم وأسقطت السلاح من قبضته. في اللحظة نفسها، أصيب آدم برصاصة في كتفه، لكنه لم يشعر بالألم، كان كل ما يهمه هو أن يحرر ليلى.
وبينما كان ينزف، حرر يديها وقال لها: “لن أدع أي شيء يأخذك مني.”
---
النهاية والبداية
داهمت الشرطة المكان، وقبضت على العصابة، بينما سقط آدم على الأرض متألمًا. ركضت ليلى نحوه تبكي: “لا تتركني، أرجوك.”
ابتسم رغم الدماء: “ألم أقل لكِ؟ أنتِ السبب الوحيد الذي يجعلني أتمسك بالحياة.”
بقي في المستشفى أسابيع طويلة، وليلى إلى جواره لا تفارقه لحظة. وبعد أن شُفي، قرر أن يواجه العالم كله معها، بلا خوف.
وفي يوم مشمس، وقف أمامها ممسكًا يدها وقال:
“لقد عشتُ حياتي كلها محاربًا في الظلام، لكن معكِ… وجدت النور. هل تقبلين أن تكوني شريكتي في كل معركة، في كل حياة؟”
دموعها انهمرت وهي تهمس: “نعم، وسأقاتل معك حتى النهاية.”
وهكذا، لم يكن الحب بالنسبة لهما مجرد كلمات أو لحظات عابرة، بل كان حربًا خاضاها معًا، وانتصر فيها القلب على الرصاص