سيف الدين قطز: القائد الذي أوقف زحف المغول وصنع نصر عين جالوت

سيف الدين قطز: القائد الذي أوقف زحف المغول وصنع نصر عين جالوت

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

سيف الدين قطز: بطل عين   جالوت وصانع المجد الإسلامي. 

image about سيف الدين قطز: القائد الذي أوقف زحف المغول وصنع نصر عين جالوت

في صفحات التاريخ الإسلامي تلمع أسماء قليلة استطاعت أن تغير مسار أمة بأكملها. ومن بين هؤلاء يبرز اسم السلطان المملوكي سيف الدين قطز، الذي لم يكن مجرد حاكم عابر، بل كان رمزًا للشجاعة والوحدة والإيمان. ورغم أن فترة حكمه لم تتجاوز عامًا واحدًا، إلا أنه ترك أثرًا خالدًا لا يُمحى.


طفولة قاسية وبداية مختلفة: 

ولد قطز في بيت ملكي بخوارزم، لكن طفولته لم تعرف الاستقرار. بعد اجتياح المغول لبلاده، وقع أسيرًا صغيرًا، فاقتيد إلى أسواق النخاسة ليباع كعبد. ورغم قسوة القدر، كانت هذه البداية القاسية هي الشرارة التي صقلت شخصيته. نشأ في مصر بين المماليك، واكتسب صفات الانضباط، القوة، والصبر، حتى أصبح قائدًا يهابه الجميع.


وصوله إلى الحكم: 

خلال حكم المماليك في مصر، كان قطز أحد أبرز القادة العسكريين، وقد أثبت جدارته في مواجهة الأزمات. وبعد وفاة السلطان أيبك، وصعود شجرة الدر ثم عز الدين أيبك، تولى قطز منصب نائب السلطان. وعندما باتت مصر مهددة بالسقوط أمام المغول بعد انهيار بغداد سنة 1258م، بادر قطز بتولي السلطنة عام 1259م، ليقود البلاد في أكثر أوقاتها خطورة.


التهديد المغولي: 

كان المغول في ذلك الوقت قوة مرعبة اجتاحت العالم شرقًا وغربًا. أسقطوا عواصم عظيمة، وارتكبوا مذابح مروعة، حتى خُيّل للناس أنهم لا يُهزمون. وعندما أرسل هولاكو رسله إلى مصر مهددًا بالدمار إن لم تستسلم، لم يتردد قطز في قتلهم وتعليق رؤوسهم على أبواب القاهرة، ليعلن رفضه الخضوع ويفتح صفحة جديدة من المقاومة.


الإعداد للمعركة: 

قطز أدرك أن المواجهة مع المغول لن تكون سهلة. بدأ بتوحيد الصفوف في مصر، وأعاد الثقة إلى الجيش الذي أصابه الضعف. كما استعان بالقائد المبدع ركن الدين بيبرس، الذي كان له دور كبير في رسم خطة المعركة. وحرص قطز على بث الروح القتالية في جنوده، مؤكدًا أن النصر ليس بعيدًا إذا اجتمعت العزيمة مع الإيمان.


يوم عين جالوت: 

في يوم الجمعة 3 سبتمبر 1260م، التقى جيش المماليك بالمغول في سهل عين جالوت بفلسطين. كان قلب الجيش بقيادة قطز، بينما تولى بيبرس قيادة المقدمة. حاول المغول استخدام تكتيكاتهم المعتادة بالخداع والكرّ والفرّ، لكن خطة قطز المحكمة أفشلتها. وفي لحظة حاسمة، نزل قطز عن فرسه وصرخ بصوت يهز القلوب: “واإسلاماه”. ارتفعت الروح المعنوية للمسلمين، وانقلبت موازين المعركة، فانهزم المغول هزيمة ساحقة وقتل قائدهم كتبغا.


نتائج النصر: 

لم تكن عين جالوت مجرد معركة عسكرية، بل كانت نقطة تحول تاريخية. فقد كُسر فيها حاجز الخوف من المغول، واستعاد المسلمون ثقتهم بأنفسهم بعد سنوات من الهزائم. كما أن هذا الانتصار أنقذ مصر والشام من الاحتلال، وأعطى الحضارة الإسلامية فرصة جديدة لتستمر وتزدهر.


استشهاد قطز وإرثه: 

رغم هذا النصر العظيم، لم يعش قطز طويلًا ليستمتع بثماره. فقد اغتيل بعد عودته من المعركة في ظروف غامضة، ويُرجّح أن خلافاته مع بعض المماليك كانت السبب. لكن استشهاده لم يطفئ نوره، بل بقي في ذاكرة الأمة كقائد مؤمن واجه المستحيل وانتصر.


الدروس المستفاده:

قصة قطز تعلمنا أن المصاعب تصنع العظماء. فقد بدأ حياته أسيرًا مكسورًا، وانتهى سلطانًا منتصرًا. كما أن صرخته الشهيرة “واإسلاماه” تظل شاهدًا على أن الإيمان يمكن أن يحرك الجبال. اليوم، وبعد أكثر من سبعة قرون، ما زالت سيرة قطز تذكّرنا بأهمية الوحدة، الشجاعة، والثقة في الله.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

0

مقالات مشابة
-