قصة القاضي ابن أبي ليلي
قصة القاضي ابن أبي ليلي.
في قديم الزمان دخلت إمرأتان إلي مجلس القاضي ابن أبي ليلي،وكان واحداً من أبرز القضاة في زمن الدولة العباسية، عرف بحكمته وذكائه في الفصل بين النزاعات وكان قاضياً معروفاً وله شهرته في زمنه، فسأل القاضي: من تبدأ؟.
فقالت: إحداهما ابدأي انتي.
فقالت الأولي: أيها القاضي مات أبي وهذه عمتي أقول لها يا أمي لأنها ربتني، وكفلتني حتي كبرت، وكانت بالنسبة لي الأمان والسند.
استمع القاضي باهتمام وسأل: وماذا حدث بعد ذلك؟.
تابعت المرأة وقالت: وبعد ذلك جاء ابن عمٍ لي فخطبني منها، فزوجتني إياه، وكانت عندها بنت، فكبرت البنت وعرضت عمتي علي زوجي أن تزوجه ابنتها بعدما رأت بعد ثلاث سنوات من خلق زوجي الكريم، فقامت وزينت ابنتها لزوجي لكي يراها، فلما رءآها أعجبته.
فقالت عمتي لزوجي أزوجك ابنتي هذه علي شرطٍ واحد، أن تجعل أمر إبنة اخي زوجتك الأولي إلي.
فوافق زوجي علي الشرط معتقداً أنه سيحقق مصلحة الجميع.
ولكن حدث مالم أتوقعه في ليلة الزفاف، جائتني عمتي وقالت إن زوجكِ قد تزوج ابنتي وجعل أمركِ بيدي فأنتِ طالق.
فأصبحت أنا بين ليلة وضحاها مطلقة دون أن استطيع فعل شيء، وبعد مدة من الزمن ليست ببعيدة جاء زوج عمتي من سفرٍ طويل وكان شاعراً كبيراً، كنت اعتقد أنه سيكون هناك فرصة جديدة لي.
فقلت له يا زوج عمتي تتزوجني؟، فوافق زوج عمتي.
وعند موافقته قلت له لكن بشرط أن تجعل أمر عمتي إلي، فوافق زوج عمتي علي الشرط.
فأرسلت لعمتي وقلت لها: لقد وافق زوجك علي زواجي منه وجعل أمركِ إلي والآن أنتِ طالق.
فأصبحت عمتي مطلقة وواحدةً بواحدة، أطال الله عمركَ.
فوقف القاضي عندما سمع الكلام من هول ما حدث وقال يا الله، فقالت له اجلس إن القصة ما بدأت بعد، وبعد مدة مات زوجي الشاعر فجاءت عمتي تطالب بالميراث من زوجي الذي هو طليقها، فقلت لها هذا زوجي فما علاقتك أنتي بالميراث؟.
وعند انقضاء عدتي بعد موت زوجي جاءت عمتي بإبنتها وزوج ابنتها الذي هو زوجي الأول وكان قد طلقني وتزوج ابنة عمتي ليحكم بيننا في أمر الميراث، فلما رءآني تذكر أيامه الخوالي معي وحن إلي.
فقلت له: تعيدني؟، فقال نعم، فقلت له بشرط أن تجعل أمر زوجتك إبنة عمتي إلي، فوافق فقولت لإبنة عمتي انتي طالق. فوضع القاضي ابن ليلي يده علي رأسه وقال أين السوأل؟.
فقالت العمة: أليس من الحرام أيها القاضي أن نطلق أنا وابنتي ثم تأخذ هذه المرأة الزوجين والميراث؟.
فقال ابن أبي ليلي: والله لا أري في ذلك حرمة وما الحرام في رجل تزوج مرتين وطلق وأعطي وكاله؟.
وبعد ذلك ذهب القاضي إلي الوالي وحكي له القصة، فضحك حتي تخبطت قدماه في الأرض وقال: قاتل الله هذه العمة العجوز، فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها، وهذه وقعت في البحر.
وفي النهاية تظل قصة القاضي ابن أبي ليلي مثالاً حياً علي تعقيدات الحياة والمواقف الإنسانية، وتعكس هذه الحكاية كيف يمكن للأحداث أن تتداخل وتتشابك بطرق غير متوقعة مما يظهر أهمية الحكمة في التعامل مع المشكلات كما تظهر كيف أن الأقدار قد تقود الناس إلي مآلاتٍ لم يتوقعها.
وفي النهاية يا اصدقائي لقد وصلنا إلى نهاية هذه القصة المثيرة.
