اراغورن و زوجته اروين (سيد الخواتم)

اراغورن و زوجته اروين (سيد الخواتم)

0 المراجعات

جزء من حكاية أراغورن و أروين 
كان أرادور, جد الملك قد سعى لزواج ابنه أراثورن من غيلراين الجميلة بنت ديرهايل, المنحدر بالنسب من سلالة أرانارث. لكن ديرهايل كان معارضاً لهذا الزواج لأن ابنته غيلراين كانت صغيرة بعد ولم تصل إلى العمر الذي كانت تزوَّج به نساء دونيداين. وعلاوةً على ذلك قال: إن أراثورن رجلٌ شديد وصلب وبسن الرشد, وقريباً سيكون هو الزعيم الذي يبحث عنه الناس, لكن قلبي يقول لي بأن حياته ستكون قصيرةً.
لكن زوجته أيڤوروين والتي كان لديها بعد نظر أيضاً أجابته: نحن بحاجة ماسة إلى السرعة! والأيام تُظلم قبل العاصفة, وأشياء عظيمة ستحدث, فإن تزوجا الآن, ربما يولد الأمل لشعبنا, لكن إن تأخرا, فلا أعتقد بأن الأمل سيأتي خلال هذا العمر.
بعد زواج أراثورن و غيلراين بسنة واحدة فقط, قُتل أرادور من قبل غيلان التلال عندما كان في كولدفيلز شمالي ريڤينديل. عندها أصبح أراثورن زعيم دونيداين, وفي العام التالي أنجبت له غيلراين صبياً, أطلق عليه اسم أراغورن, لكن عندما كان أراغورن بعمر سنتين ركب أراثورن ضد الأوركس مع أبناء إيلروند, وقتل بعدما اخترق عينه سهمٌ أوركي. وأثبت بالفعل بأن حياته قصيرةً, وهي الأقصر بين كل سلالته, فقد كان يبلغ من العمر ستين عاماً عندما قُتل.
عندها أصبح أراغورن هو وريث إيسيلدور, فأخذته أمه للسكن في بيت إيلروند. وقد اتخذه إيلروند كواحدٍ من أبناءه. لكنه سماه إيستيل أي الأمل, وطلب إيلروند بأن يبقي اسمه الحقيقي ونسبه سرياً, لأنه بحكمته اكشف بأن العدو سيسعى لمعرفة وريث إيسيلدور, وقتله إن وجد على الأرض.
وعندما كان إيستيل في العشرين من عمره. وتصادف ذلك مع عودته إلى ريڤينديل بعد أعمال عظيمة برفقةِ أيناء إيلروند. فنظر إليه إيلروند وكان مسروراً. لأنه رأى ذلك جميلاً ونبيلاً أن يصل مبكراً إلى سن الرجولة والنضج. على الرغم من انه سيصبح أكبر بعد في الجسم والعقل. وفي ذلك اليوم ناداه إيلروند باسمه الحقيقي, وابن من يكون, وسلمه إرث بيته.
حيث قال: هذا خاتم باراهير, رمز لقرابتنا منذ زمنٍ بعيد. وهذه أيضاً شظايا نارسيل, وبها قد تفعل فيما بعد الأعمال العظيمة. لأنني أتوقع بأن يكون امتداد حياتك أكبر من مقاييس البشر. ما لم يصيبك الشر وتفشل في الاختبار. والاختبار سيكون صعبٌ وطويل, لذلك سأحجب عنك صولجان أنوميناس, لأنك لم تستحقه بعد.
في اليوم التالي وعند ساعة غروب الشمس, مشى أراغورن لوحده في الغابة, وكان قلبه يفيض بالأمل, ولروعة جمال المكان حوله راح يغني. ثم فجأةً عندما بدأ يغني رأى فتاةً تتمشى على الأرض المعشوشبة بين أغصان البتولا البيضاء. فتوقف مذهولاً إذ اعتقد أنه تاه في الحلم. أو أنه تلقى هديةً من شعراء الجان, الذين يمكنهم إظهار الأشياء التي يغنون لها تقف وتستمع أمام أعينهم.
لأن أراغورن كان يغني قطعة من نشيد لوثايين, والتي تحكي عن اللقاء بين بيرين ولوثايين في غابة نيلدوريث. ونظر فرأى لوثايين أمام عينيه هنا في ريڤينديل. جميلةٌ مثل الفجر في منازل الجان, تلبس عباءةً فضيةً وزرقاء وشعرها الداكن يتمايل مع هبات النسيم. وتضع فوق حاجبيها ربطةً مزركشة بالأحجار الكريمة والمجوهرات مثل النجوم.
للحظة توقف أراغورن وراح يحدق بصمت, لكنه كان خائفاً أن تذهب هذه الرؤية من أمامه ولن يراها مجدداً, لذلك فعل كما فعل بيرين في قديم الزمان وصاح بصوتٍ عالٍ تينوڤيل.
التفتت الفتاة نحوه مبتسمةً وقالت له: من أنت؟ ولماذا تناديني بهذا الاسم؟
أجابها: لأنني اعتقدت بأن فعلاً لوثايين تينوڤيل, التي كنت أنشد أغنيتها, فإذا لم تكوني هي, فإنك تشبهينها كثيراً.
أجابته جادةً: كثيرون يقولون ذلك, لكن فوق ذلك فإن اسمها ليس لي, على الرغم من أن قدري قد لا يشبه قدرها. لكن من أنت؟
قال: يدعونني إيستيل, لكنني أنا أراغورن بن أراثورن وريث إيسيلدور سيّد الدونيداين. لكن حتى في كلامه هذا شعر بأن نسبه رفيع وكان فرحاً في قلبه, لأن كل ذلك كان عديم القيمة مقارنةً مع وقارها ولطفها.
ضحكت بسعادة وقالت: إذاً نحن أقارب منذ زمنٍ طويل, لأنني أنا ابنة إيلروند, واسمي أوندوميل.
قال أراغورن: معلومٌ بأن البشر يخفون كنوزهم في أيام الخطر, لكنني متعجبٌ من إيلروند وأخوتك, لأنني سكنت في هذا البيت منذ الطفولة, لكني لم أسمع منهم أي كلمةٍ عنكِ. وكيف لم ألتقي بك أبداً من قبل؟ مؤكدٌ بأن والدك لن يبقي كنزه محبوساً.
قالت وهي تنظر إلى الجبال المنتصبة في الشرق: لا لكني سكنتُ مدةً في أرض أقرباء أمي في لوثلورين البعيدة, وقد عدت منذ مدة قصيرةٍ لزيارة والدي. فقد مضت سنوات كثيرة منذ أن مشيت آخر مرةٍ هنا في ايملادريس.
تعجب أراغورن لأنها كانت لا تبدو أكبر منه بالعمر وهو الذي لم يعش إلّا لعدة سنواتٍ قليلةٍ في الأرض الوسطى. لكن أروين نظرت في عينيه وقالت, لا تستغرب! لأن أبناء إيلروند لهم حياة إيلدار.
عندها كان أراغورن خجلاً, لأنه رأى ضوء الجان وحكمة الأيام في عينيها. ومن تلك الساعة أصبح أراغورن يحب أروين أوندوميل بنت إيلروند.
في الأيام اللاحقة أصبح أراغورن صامتاً, وأحست والدته بأن شيئاً غريباً أصابه, لكنه أخيراً استسلم لأسئلتها وأخبرها عن لقاءه في غسق الأشجار.
قالت غيلراين: يا له من هدفٍ عالٍ جداً, حتى بالنسبة لسليل الملوك. لأن هذه السيدة من أنبل وأجمل من يمشي على الأرض الآن. ولا تناسب البشر الفانين لأنها ستتزوج من أقاربها الجان.
قال أراغورن: لكن نحن وإياهم أقارب, إذا كان ما تعلمناه عن حكاية أجدادي حقيقياً.
قالت غيلراين: الحكاية صحيحة, لكن ذلك كان منذ زمنٍ طويل ومن عصرٍ آخر من عصور هذا العالم, قبل أن يتناقص عرقنا. لذلك أنا خائفة, لأنه بدون النية الطيبة للسيد إيلروند, لكان وريث إيسيلدور قد انتهى, لكنني لا أعتقد بأن نية إيلروند ستكون حسنةً بهذه المسألة.
قال أراغورن: إذاً ستكون أيامي مريرة, وسأمشي وحيداً في البرية.
قال غيلراين: فعلاً هكذا سيكون قدرك. وعلى الرغم من أنها كانت تعتبر من وجهة نظر الناس بأنها من ذوي البصيرة النافذة والرؤية البعيدة, إلا أنها لم تقل شيئاً, ولم تقل لأحد ماذا جرى بينها وبين ابنها.
لكن إيلروند رأى الكثير من الأشياء, وقرأ الكثير من القلوب. وفي أحد الأيام, وقبل نهاية العام استدعى أراغورن إلى غرفته وقال له: اصغِ اليَّ يا أراغورن بن أراثورن سيد الدونيداين! بانتظارك قدرٌ عظيم, إما أن ترتفع فوق ارتفاع كل آبائك من أيام إيلينديل, أو أن تقع في الظلام مع من تبقى من أقاربك وعشيرتك. سنوات عديدة من الاختبار ملقاةً أمامك على طول الطريق, ولا يجوز أن تكون لك زوجةً, ولا وعدٌ بالارتباط بأي امرأة, حتى يأتي وقتك وتجد من تكون جديرةً بذلك.
عندها أصبح أراغورن مضطرباً وقال: هل يمكن أن تكون والدتي قد تحدثن عن هذا؟
قال إيلروند: بالحقيقة لا, لكن عيونك خانتك, ولا أتحدث فقط عن ابنتي. وأنت يجب أن لا تكون خاطب لأحد من أبناء البشر حتى الآن. لكن بالنسبة لأروين الجميلة, سيدة ايملادريس, وحتى في لورين فهي نجمة شعبها. فنسبها أعلى من نسبك. وقد عاشت بالفعل منذ فترة طويلة بحيث تكون أنت بالنسبة لها كنبتةٍ حولية صغيرة بجانب شجرة بتولا فتيةً وطويلة قد مرَّ عليها الكثير من فصول الصيف, فهي بعيدةٌ عنك وأعلى منك بكثير. وأعتقد بأنك هكذا تبدو لها, وحتى لو لم تكن كذلك وقلبها تحول نحوك. فلا بد لي أن أحزن بسبب القدر الملقى علينا.
ما هذا القدر؟ سأل أراغورن.
أجاب إيلروند: طالما بقيت هنا, فعليها أن تعيش مع شباب إيلدار, وعندما أغادر, يجب أن تذهب معي, إذا اختارت ذلك.
قال أراغورن: أرى بأن عيني قد اتجهت إلى كنزٍ لا يقل قيمةً عن كنز ثينغول الذي طلبه بيرين ذات مرة. ومثل مصيره سيكون مصيري. ثم فجأةً جاءته نظرة من قريبه, فقال له لكنها أقل يا سيد إيلروند! بالنهاية فإن سنوات إقامتك ستصبح قصيرةً, وعما قريب يجب أن يكون الخيار لأبنائك إما للبقاء معك أو الافتراق والبقاء في الأرض الوسطى.
قال إيلروند: حقاً, ونحن نحسبها قريبةً جداً, على الرغم من أن الكثير من سنوات البشر يجب أن تمر, لكن لن يكون هناك خيار من قبل أروين حبيبتي. ما لم تأتي أنت يا أراغورن بن أراثورن بيننا وتجبرها على الاختيار بيني وبينك. وتجلب الفراق القاسي ما وراء نهاية العالم. أنت لا تعلم حتى الآن ما الذي تريده مني, ثم تنهد, وبعد فترةٍ, نظر بصدقٍ إلى الشاب الذي أمامه وقال: ستجلب السنين ما تريد. ولن نتحدث أكثر عن هذا الموضوع ما لم تمر الكثير من الأيام المظلمة, ويأتي الكثير من الشر.
عندها طلب أراغون بمودة إذناً من إيلروند لكي يغادر. وفي اليوم التالي, قال وداعاً لأمه ولبيت إيلروند ولأروين, وخرج إلى البرية. وبقي يعمل قرابة الثلاثين عاماً في قضية مقاومة ساورون, وكان قد أصبح في وقتها صديقاً لغاندالف الحكيم, والذي اكتسب منه الكثير من الحكمة. وبصحبته قام بالكثير من الرحلات الخطرة. لكن مع مرور السنوات كثيراً ما كان يذهب بهذه المغامرات الخطرة لوحده. فقد كانت طُرقة صعبةً وطويلة, وأصبح بالنسبة للناظر إليه متجهماً بعض الشيء, إلا إذا صادف وابتسم قليلاً. مع ذلك فقد كان رجلاً يستحق الاحترام والتبجيل كملكٍ في المنفى, عندما لا يخفي شكله الحقيقي, لأنه كان يذهب متخفياً بهيئات عدة, واكتسب شهرةً بأسماءٍ كثيرة, فقد كان من خيالة الروهيريم, وقاتل من أجل سيد غوندور في البر والبحر. وفي ساعة النصر اختفى ولم يعرف رجال الغرب عنه أي شيء. وذهب لوحده مبتعداً نحو الشرق. وعميقاً إلى الجنوب, واستكشف قلوب البشر, كلاهما الصالح والطالح, وعرّى مؤامرات ومكائد خدم ساورون.
وهكذا أصبح أخيراً من أشجع البشر, وأمهرهم في الحرفة والعلم, وكان أكثر من ذلك بكثير. لأنه كان جنيٌّ حكيم, وضوء عينيه عندما تشعان قلة من الناس كانوا يستطيعون تحمله. كان وجهه حزيناً وعابساً بسبب القدر الملقى على كاهله. لكن الأمل مازال يسكن في أعماق قلبه, والذي من شأنه أن يُظهر المرح منه في بعض الأحيان كخروج النبع من الصخرة.
حدث ذلك عندما كان أراغورن في التاسعة والأربعين من العمر وهو عائد من إحدى المخاطر على الحدود المظلمة مع موردور, حيث عاد ساورون ليسكن هناك من جديد ويبتكر الشرور. فكان يتوق إلى العودة إلى ريڤينديل للاستراحة فترةً هناك قبل ذهابه إلى البلاد البعيدة, لكنه كان مرهقاً, وأوصله طريقه إلى حدود لورين, واعتُرف به في الأراضي المخفية من قبل السيدة غالادريل.
لم يكن يعرف بأن أروين أوندوميل كانت تقيم هناك أيضاً لفترة من الزمن عند أقارب والدتها. وكانت قد تغيرت قليلاً, لأن السنوات المملة كانت قد عبرتها من قبل, لكن وجهها كان أكثر اتزاناً, ونادراً ما كانت تُسمع ضحكتها. لكن أراغورن نما بشخصيته الكاملة بالجسم والعقل. وطلبت منه غالادريل أن يتخلى عن طريقة لباسة, وألبسته هي الأبيض والفضي, مع عباءةٍ للجان الرماديين وجوهرة مشرقةً على جبينه. وبدلاً من ظهوره بمظهر أي ملكٍ للبشر, بدا وكأنه سيّد جني من جزر الغرب. هكذا رأته أروين لأول مرة بعد فراقهم الطويل. وعندما اتجه نحوها تحت أشجار كاراس غالاذون المثقلة بالزهور الذهبية, كان خيارها ورُبط مصيرها.
ولموسمٍ كامل بقي أراغورن و أروين يتجولا في فُسح غابات لوثلورين, حتى حانت ساعة الرحيل. وفي مساء ليليةٍ من ليالي منتصف الصيف ذهب أراغورن بن أراثورن و أروين بنت إيلروند إلى تلة كيرن أمروث الجميلة في وسط الأرض. وسارا حفاةً على الأعشاب الخالدة, وكانت أقدامهما محاطة بأزهار إيلانور و نيفريديل. وهناك على تلك التلة نظرا إلى ظلال الشرق وغسق الغرب, وتعاهدا على الخطوبة وكانا سعيدين.
قالت أروين: الظلام هو الظل, مع ذلك مازال قلبي مبتهجاً. لأنك أنت يا إيستيل, ستكون بين أولئك العظماء الشجعان الذين سيدمرونه.
لكن أراغون أجاب, للأسف! لا أستطيع التنبؤ بذلك أو كيف سيأتي لأنه محجوبٌ عني, مع ذلك لأنك تأملين بذلك فسيكون لدي أمل. فأنا أرفض الظل تماماً, لكنه بالنسبة لي كالغسق أيتها السيدة. لأنني بشري, وإذا تعلقتِ بي يا إيڤنستار, عندها ستنبذين الغسق أيضاً.
لكنها بقيت واقفةً كشجرةٍ بيضاء تنظر نحو الغرب, وأخيراً قالت: سأرتبط بك أيها الدونيداين, واستدارت من الغسق, على الرغم من أن أرض شعبي ووطن أقاربي منذ زمن بعيد مازالت هناك, وأنا أحب والدي وأعزه كثيراً.
عندما علم إيلروند بخيار ابنته بقي صامتاً. على الرغم من الحزن الذي كان في قلبه, فقد وجد بأن القدر الذي كان يخشاه منذ مدة طويلة ليس من السهل تحمله. ولكن عندما عاد أراغورن ثانية إلى ريڤينديل ناداه وتكلم معه قائلاً:
يا بني, ستأتي السنوات عندما يتلاشى الأمل, وخلفهم لدي القليل الرؤية الواضحة. الأن يتمدد الظل بيننا, ربما يكون ذلك قد تحدد, وربما تكون خسارتي مع استعادة ملكية البشر, على الرغم من أنني أحبك, أقول لك بأن أروين أوندوميل, لن تفقد نعمة حياتها لسبب أقل, ولن تكون عروساً لأي رجلٍ أقل من ملك غوندور و أرنور كليهما. وبالنسبة لي فإن ذلك النصر فقط هو من سيجلب لي الحزن والفراق. بالنسبة لك الأمل بالفرح لفترة من الوقت, لكن للأسف يا بني! أخشى على أروين من قدر البشر الذي يبدو قاسياً جداً في النهاية.
بعدئذٍ لم يتكلم إيلروند و أراغورن حول هذا الموضوع. لكن أراغورن ذهب ثانية في رحلاته الخطرة الشاقة, وفي فترة ظلام العالم وسقوط الخوف على الأرض الوسطى مع نمو قوة ساورون وإعادة بناء باراد دور أعلى وأقوى من ذي قبل. بقيت أروين في ريڤينديل. وعندما كان أراغورن في الخارج كانت تراقبه بالفكر. وبالأمل صنعت له رايةً ملكيةً عظيمةً, تصلح فقط لشخصٍ أعلن أحقيته بالسيادة على النومينوريين وميراث إيلينديل.
بعد بضعة سنوات أخذت غيلراين إذن إيلروند بالمغادرة والعودة إلى شعبها في ايريادور, وعاشت وحيدةً, ونادراً ما رأت ابنها مرةً أخرى, لأنه أمضى الكثير من السنوات في عدة بلدان. لكن في الوقت الذي عاد في أراغورن من الشمال, جاء إليها. فقالت له قبل أن يذهب:
هذا هو فراقنا الأخير يا إيستيل, يا بني, لكن كبرتُ مع الهم كشخص من البشر العاديين, والآن ذلك الهم يقترب أكثر ولا أستطيع مواجهة ظلمة زماننا التي تجمعت فوق الأرض الوسطى. وسأتركها عما قريب.
حاول أراغورن إراحتها فقال: قد يأتي الضوء بعد الظلام, وإذا حدث ذلك, أريدك ان تري ذلك وتكوني مسرورة.
لكنها أجابته فقط بهذا البيت الشعري:
أونين آي إيستيل إيداين. أو خيبين إيستيل أنيم .أي ( لقد أعطيت الأمل لدوينيداين.  ولم أبقِ على أي أملٍ لنفسي).
بعدها ذهب أراغورن بعيداً مثقل القلب, وماتت غيلراين في الربيع التالي.
وهكذا اقتربت السنين من حرب الخاتم, وحولها قيل الكثير في مكان آخر. وكيف تم كشف الوسائل غير المتوقعة التي مكنتهم من هزيمة ساورون, وكيف تم تحقيق ذلك بالأمل خلف الأمل. وحدث في ساعة الهزيمة تلك أن جاء أراغورن من البحر, ونشر الراية التي صنعتها أروين في معركة حقول بيلينور, وفي ذلك اليوم تمت تحيته لأول مرةٍ كملك. وأخيراً بعد أن تم كل شيء, دخل إلى ميراث أجداده, واستلم تاج غوندور وصولجان أرنور, وفي منتصف صيف تلك السنة التي هُزم فيها ساورون. أخذ يد أروين أوندوميل, وتزوجا في مدينة الملوك.
انتهى العصر الثالث بذلك النصر والأمل, لكن كان من أحزان ذلك العصر الفظيع فراق أروين و إيلروند, فقد فرقهما البحر والقدر والمحتوم خلف نهايات العالم. عندما أصبح الخاتم العظيم غير موجود وانتهت قوة الخواتم الثلاثة, وكبر إيلروند ضجراً من العمر وفي النهاية هجر الأرض الوسطى, ولن يعود إليها مطلقاً, لكن أروين أصبحت امرأة من جنس البشر, ولم يعد لديها الكثير لتموت وحتى كل الذي اكتسبته سيكون مفقوداً.
عاشت مع أراغورن كملكةٍ للإنس والجان, لست سنوات في مجدٍ عظيم ونعمة كبيرة, لكنها أخيراً شعرت بدنو الشيخوخة, وعرفت بأن ذلك المدى الواسع لحياتها قد بدأ بالأفول. على الرغم من أنها كانت طويلةً. عندها قال أراغورن لأروين:
في النهاية يا سيدة إيڤنستار, يا أجمل وأحب من في هذا العالم, عالمي يتلاشى! فقد انتهينا, وجاء الآن وقت تسديد الدين.
عرفت أروين جيداً ماذا كان يقصد, فقد توقعته منذ زمنٍ طويل, ومع ذلك فقد كانت مقهورةً من حزنها لكنها قالت له: هل تسمح إذاً يا سيدي, وقبل انقضاء وقتك, لأن شعبك يعيش بكلمتك؟
أجابها: ليس قبل انقضاء وقتي, فإذا لم أذهب الآن بإرادتي فسأذهب قريباً رغماً عني. فقد أصبح ابننا إيلداريون رجلاً ناضجاً للملكية.
بعد ذلك ذهبا إلى بيت الملوك في الشارع الصامت, وُضع أراغورن على السرير الطويل الذي اُعد له, هناك سلم بيديه تاج غوندور المجنح وصولجان أرنور إلى ابنه إيلداريون وقال الوداع. بعدها غادر الجميع إلا أروين التي بقيت لوحدها واقفة قبالة سريره. مع كل حكمتها ونسبها لم تكن قادرة على الإبقاء عليه لمدة من الزمن لأنها لم تضجر من أيامها بعد. وهكذا تذوقت مرارة الموت التي أُخذت عليها.
قال أراغورن: يا سيدة أوندوميل, إنها ساعة صعبةٌ بالفعل, لكنها وُجدت منذ ذلك اليوم الذي التقينا به تحت أغصان البتولا البيضاء في حديقة إيلروند حيث لا شيء يسير بها الآن. وعلى تلة كيرن أمروث عندما تخلى كلٌّ منّا عن الظلال والغسق, فقد قبلنا بهذا القدر. تشاوري مع نفسك, يا حبيبتي, وتساءلي هل تريدين مني بالفعل أن أبقى حتى أذبل وأسقط من مقعدي العالي ضعيفاً وغبياً. كلا يا سيدتي فأنا بالنهاية من النومينوريين وآخر ملوك الزمان القديم, وقد أُعطيت لي حياة أطول بثلاثة أضعاف من حياة بقية البشر في الأرض الوسطى, لكن بالمقابل نعمة الرحيل بإرادتي أيضاً, وإعادة الهدية الآن. لذلك أريد أن أرقد بسلام.
لا أتكلم هكذا لكي أعزيكِ, فلا عزاء لمثل هذا الألم داخل دوائر العالم. وأقصى خيارٍ أمامك هو الندم والتوبة ومن ثم الذهاب إلى المرافئ التي ستحملك بعيداً إلى الغرب, وتبقى ذكرى أيامنا معاً دائمة الخضرة, لكنها لن تكون أبعد من الذاكرة. أو أن تبقي هنا وتلتزمي بالقدر المفروض على البشر.
فقالت له: كلا يا سيدي العزيز, لقد انتهى هذا الخيار منذ مدة, فلم تبقَ أي سفينةٍ الآن لتحملني من هنا, وعليَّ القبول بأقدار البشر. سواء قبلت أو رفضت, فلا شيء لي سوى الخسارة والصمت. لكنني أقول لك يا ملك النومينوريين, فحتى الآن لم أفهم حكاية شعبك وسقوطهم, كالأشرار الحمقى, فأنا أحتقرهم, ولكنني بالنهاية أُشفق عليهم. لأنه كما يقولون في إيلدار, إذا كانت بالفعل تلك هي هدية الأحد إلى البشر, فمن المرارة تقبلها.
فقال لها: على ما يبدو, لا يمكننا الإطاحة بالاختبار النهائي, فالذي تخلى عن الظلال والخاتم يجب أن يرحل مع الحزن, لكن ليس مع اليأس. انظري! مع ذلك فنحن غير ملتزمين بالبقاء ضمن دوائر العالم إلى الأبد, وما خلفها أكثر من الذاكرة, الوداع!.
صرخت: إيستيل! إيستيل, وعندما أمسكت بيده وقبلتها, انهارت ونامت. ثم بان فيه جمال عظيم, حتى أن كل الذي جاءوا بعد ذلك ونظروا إليه تعجبوا كثيراً. لأنهم رأوا نعمة شبابه, وشجاعة رجولته, وحكمة وعظمة عصره مُزجا معاً. بقي ممدداً هناك لفترة طويلة, كصورةٍ على فخامة ملوك البشر في المجد الوضاء قبل تكسُّر العالم.
خرجت أروين من البيت, وخبا الضوء في عيونها, وأصبحت على غير طبيعة شعبها باردةً ورماديةً كمساءٍ شتوي قد أتى بغير نجوم, ثم ودعت إيلداريون وبناتها وكل الذين كانت تحبهم. وخرجت من مدينة ميناس تيريث, وذهبت إلى أرض لورين, هناك سكنت وحيدةً تحت الأشجار الذابلة حتى أتى الشتاء. فقد غادرت غالادريل وكيليبورن وأصبحت الأرض هادئةً صامته.
هناك وفي النهاية عندما سقطت أوراق ماللورن, وقبل مجيء الربيع, ألقت نفسها لترتاح على كيرن أمروث. هناك سيبقى قبرها الأخضر, حتى يتغير العالم, ونُسيت كلُّ أيام حياتها نهائياً بين البشر فيما بعد. ولم يعد يُزهر إيلانور و نيفريديل بعد ذلك في مناطق شرق البحر.
هكذا تنتهي الحكاية كما وردتنا من الجنوب. وبعد وفاة إيڤنستار لم يُقل أكثر في هذا الكتاب من الأيام القديمة

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

3

متابعهم

1

مقالات مشابة