أسرار مخلوقات البحر.
عزيزي القارئ، مرحبا بك. لقد ارتأيت أن أتقاسم معك رواية واقعية عشتها، وقد قررت سردها حتى تصل لك، نظرا لما فيها من أحداث غريبة، حيث ولحين. كتابتي لها لم أجد تفسيرا واقعيا لها. ففي سن التاسعة وخلال شهر غشت من سنة ١٩٧٤ ميلادية، كنت برفقة عائلتي لقضاء عطلة الصيف على شاطئ البحر الواقع في المحيط الأطلسي و بالظبط في شاطئ : أوباها، نواحي مدينة المحمدية المغربية ، حيت تحصى بلادنا بشواطئ جميلة تمتد على طول المحيط الأطلسي غربا و البحر الأبيض المتوسط شمالا. ففي صباح اليوم الأخير من العطلة ، بدأت الأسباب التي ستقودني، رفقة صديق طفولتي المسمى :أمين ، والذي يعتبر الشاهد الوحيد على ما كان ينتظرنا من أحداث….. ،حيث أصبح البحر هائجا لدرجة أن مسؤولي الإنقاذ وضعوا رايتين: الأولى لونها أسود إشارة إلى خطورة وشدة. هيجان البحر، أما الثانية. فلونها كان أصفرا إشارة إلى منع السباحة منعا كليا. وبحكم صغر سننا، إضافة إلى علمنا بأنه آخر يوم في عطلتنا، حيث سيتوجب علينا مغادرة مكان الإ صطياف في الغد الباكر نحو مدينة إقامتنا، آنذاك، لم ندرك خطورة الوظع، ولقد كان أحد مسؤولي الإنقاذ يتنقل على طول الشاطئ، الذي لم تكن مسافته طويلة، حتى يمنع المصطافين من السباحة ، حفاظاً على. سلامتهم. فإنتظرنا ذهابه إلى الطرف الآخر، وتسللنا نحو الماء، ظنا منا أننا سنستمتع بالسباحة كالمعتاد. وما أن لامس الماء أقدامنا حتى تم صفعنا بموج كان علوه أعلى من طول أجسادنا. وفي لمح البرق، سحبنا البحر إلى الداخل وكأنما تم ربط أجسادنا بحبل مشدود بمركب منطلق بسرعة عالية، و في رمشة عين، وجدنا أنفسنا نتوغل في أعماق البحر، والغريب ، أن لا أحد إنتبه لنا وذلك راجع، حسب ظني، ر أنه لم يتوقع أحد من المصطافين أن أحدا، ستكون له الجرأة على المغامرة بنفسه. وخلال سفرنا نحو الأعماق، كل ما أتدكره حينها، هو أنني كنت أنادي على صديقي بإسمه ولا أكاد أتم إسمه لأن الموج كان يغلق فمي بالماء، وكذلك حصل له. مرت لحظات و نحن على هذه الحالة. لم يكن هناك مجال للمقاومة، فهيجان البحر، حال دون ذلك. فاستسلمت للقدر،…. و فجأة ، هدأ هيجان البحر، لأجد نفسي وحيدا، فقد غاب صديقي عن أنظاري ، ولم أعد أرى إلا السماء والماء، يبدو أنها النهاية. وهنا سيبدأ ما لا يصدق لولا أنني عشته. بدأت أحس بغيبوبة تنتابني ، و ببداية سكرات الموت ولم أشعر حينها بالخوف، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل الموقف. وبعد لحظات ، رأيت شيئاً لونه أسود وملامحه غير ظاهرة ، يدنو مني ، فحملني ، لقد كان إحساسا غريبا ، لم اخف منه، وكل ما فعلته آنذاك هو أنني أشرت بيدي إلى الأسفل ، حيث كان قصدي بتلك الحركة، أن ألفت الإنتباه لوجود شخص آخر معي،، فإذا بي أرى وجه صديقي و قد طفا على وجه الماء، ففي تلك اللحظات، كان بصري غير صاف. و بعدها فقدت الوعي نهائيا. مر. ما شاء الله من الوقت ، فإذا بي أستيقظ لأجد نفسي مستلقيا على ظهري فوق الأرض و كان صديقي مستلقيا هو الآخر بجانبي، فأيقظته ، فلما نظرنا من حولنا،، لم نجد أحدا، فإذا بنا نتواجد على ساحل بحر مجهول، لاحظنا أنه ثم تفريغ بطوننا من الماء و أننا في حالة جيدة و الحمد لله. و بعد هنيهة، تذكرت تلك الأشكال ذوات اللون الأسود وتساءلت مع نفسي عن سر اختفاءهم، و لماذا تركونا لوحدنا في مكان خال من البشر و نحن أطفال؟ . من المؤكد، أنهم فعلاً من أنقدونا من موت محقق، لماذا لم يتموا فضلهم بتوجيهنا إلى مكان وجود أهلنا؟، فلربما تهنا عن الطريق. لم يكن أمامنا سوى الإطلاق بحثا عن أحد يرشدنا لطريق العودة الصحيح، و ما هي إلا لحظات، حتى وصلنا إلى طريق معبد ، و بدون تفكير، سلكنا إتجاها على جانب الطريق آملين أن تتوقف لنا إحدى السيارات قصد مساعدتنا، لكن لا أحد يتوقف، حتى وصلنا إلى الشاطئ حيت يقيم أهلنا. لقد استنتجت، فيما بعد، أن سبب عدم سلوكنا الإتجاه المعاكس للطريق ، كان وراءه منقدونا ، بحيث رافقونا و وجهونا التوجيه الصحيح, الذي لولاه لتهنا. وقد كانوا متخفين عن أبصارنا، هدفهم من وراء ذلك ، عدم إرعابنا لأن أبصارنا لن تتحمل النظر إلى شكلهم ، فسبحان من خلقهم. فور رؤيتنا لشاطئ البحر ، توجهنا نحو الرمل و إنبطحنا على الرمل نستريح من عناء الرحلة. فلما إسترحنا قليلا ، إتفقنا على أن لا نخبر أهلينا بما حصل مخافة أن يمنعونا من زيارة البحر العام القادم ، وكذلك أوحت لنا عقولنا الصغيرة. و بالفعل ، بعدما صرت راشدا، قصصت على أمي القصة . وما أن إنتهيت من سردها حتى خاطبتني بإنفعال شديد قائلة: ( لو كنت قد أخبرتني بما وقع حينذاك ، لكنت إتخدت قرارا، لا رجعة فيه ، يقضي بعدم قضاء عطل الصيف المقبلة على شاطئ البحر) . إنه قلب الأم التي تخاف على فلذات أكبادها. حسب رأيي المتواضع ، و حين أتذكر تفاصيل الواقعة ، أجزم بأن للبحر سكانا ، كانوا سببا في بقائي و صديقي على قيد الحياة ، و أنا مدين لهم بحياتي ، أتمنى عز يزي القارئ أن تكون قد إستمتعت بهذه القصة و قضيت وقتا ممتعا ، وشكرا.
